“الهروب الكبير” للسياح المغاربة خارج أرض الوطن

تعاني السياحة المغربية خلال الصيف الجاري من ركود غير مسبوق، نتيجة الهروب غير المتوقع للسياح المغاربة نحو وجهات خارج أرض الوطن، وأيضا تأزم الوضع الاجتماعي للطبقات المتوسطة والفقيرة بشكل أشد بسبب الغلاء المعيشي الفاحش، خاصة في ظل الأسعار غير المعقولة للعروض السياحية الداخلية والتي تتجاوز المنطق.
مدن عديدة مثل طنجة، مارتيل، تطوان والحسيمة، وغيرها، اعتادت أن تكون مكتظة بالسياح خلال شهر يوليوز من كل سنة، لكنها تعيش هذا العام أزمة غير مسبوقة، إذ كانت هذه المدن في مثل هذه الفترة، تعرف اكتظاظا كبيرا بالسياح، سواء من المغاربة أو من بلدان أخرى، وهو عكس ما حدث هذا العام، إذ عرفت كل المناطق السياحية المعروفة طيلة يوليوز الماضي تراجعا كبيرا في عدد الوافدين وحجم الرواج السياحي.
وفي الصدد ذاته، عرفت شبكات التواصل الاجتماعي تراجعا كبيرا في العروض السياحية المقدمة، خاصة عروض المنازل والشقق العائلية المعدة للكراء الصيفي، التي (العروض) كانت تعج بها مختلف المنصات الاجتماعية على الفضاء الإلكتروني خلال فصل الصيف.
من جهتهم، حتى سماسرة العقارات، الذين اعتادوا تلقي الشكاوى من قلة المساحات المتوفرة، أصبحوا يتحدثون الآن عن “موت الحركة”.
لماذا هذا التراجع؟ فمن حيث المبدأ، يعزى ذلك أساسا إلى الغلاء الفاحش للسياحة المغربية بشكل عام، إذ فاقت أسعار المطاعم والمقاهي وأيضا المنازل والشقق المعدة للكراء القدرة الشرائية ليس للطبقات المتوسطة والفقيرة فقط، بل أيضا حتى بالنسبة للطبقات الميسورة، هذه الأخيرة التي فضلت التوجه للسياحة خارج أرض الوطن.
ووقف العديد من المغاربة على الأثمان غير المعقولة والتي فاقت كل المنطق للوجبات والمشروبات، مستنكرين ارتفاع تكلفة السياحة بالمغرب مقابل نظيرتها بالعديد من البلدان الأوروبية التي تعرف نسبة دخل مرتفع، فضلا عن جودة العروض السياحية المقدمة بهذه البلدان وأثمنتها المنخفضة جدا مقارنة مع تلك المقدمة بأرض الوطن.
ومن بين الإشكالات التي وقف عليها المغاربة كذلك، عدم ملاءمة الأسعار مع طبيعة وجودة الخدمات المقدمة، وهو ما دفع الأسر الميسورة والغنية إلى التوجه خارج أرض الوطن لقضاء عطلهم، وتحديدا نحو إسبانيا أو البرتغال، حيث يستمتعون بعطل سياحية ذات معايير عالية وبأثمنة جد معقولة مقارنة مع السياحة الداخلية، وهي نفس الوجهات التي اختارها هذه السنة أيضا المغاربة المقيمون بالخارج، الذين فضلوا قضاء عطلتهم بإحدى الوجهات الأوروبية بدل المغرب الذي اعتادوا على قضاء عطلهم به، مع الاكتفاء بزيارة خفيفة للعائلة هنا بأرض الوطن.
وباتت العديد من الأسر المغربية تختار السياحة الخارجية، رغم الضغط الذي تعرفه الوكالات الخاصة بتلقي ملفات طلبات التأشيرة، وصعوبة الحصول على مواعيد تقديم الطلبات، إذ عاينت بيان اليوم قدوم مئات الأفراد بشكل يومي للشركات المكلفة بتلقي ملفات طلب التأشيرة الخاصة بكل من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا.
أما بالنسبة للأسر المتوسطة والفقيرة، فإن السياحة أضحت من آخر اهتماماتها في ظل الغلاء الفاحش لأسعار المواد الغذائية، وبالتالي اختار أغلبها المكوث بالمنازل أو السفر عند الأقارب.

<عبد الصمد ادنيدن

Top