الفوتوغراف العالمي حسين بوميلا : أحب أن ألتقط اللحظات التي تحمل قصصا ورسائل

ضمن فعاليات مهرجان “إيمينيك” في نسخته الثانية المنظم من طرف جمعية محترف أيوز للثقافة والفن في الفترة الممتدة من 7 إلى 11 غشت الجاري، عرض الفنان الفوتوغرافي العالمي حسين بوميلا مجموعة من لوحاته الفنية بخيمة المهرجان وسط ساحة حي تالبورجت العتيق، وكانت رسالته هي الاحتفاء فوتوغرافيا بجمال المرأة المهاجرة من جهة وإعادة الاعتبار لها من خلال نقد الأعمال الفوتوغرافية الاستشراقية ذات الحمولة القبلية  التخيلية الفانطازية.. كما قام بتأطير ورشة في فن التصوير بقاعة سينما صحراء، تم التواصل من خلالها مع الفنانين الفوتوغرافيين الشباب… كما ثم تكريمه بالجلسة الافتتاحية لفعاليات مهرجان إيمينيك، والتي شكلت مناسبة لجريدة بيان اليوم للالتقاء به وإجراء هذا الحوار معه.

* كل فنان له بدايات وبؤر فجرت موهبته، بالنسبة للفنان حسين بوميلا كيف يرسم لنا بالكلمات هذه البدايات؟

** أولا  شكرا لجريدة بيان اليوم على الاستضافة وعلى المواكبة وأتمنى لها المزيد من الازدهار والتقدم.. أما بالنسبة لبداياتيـ فإني ولدت في مدينة أكادير سنة 1970، وبدأت رحلتي الفنية مبكرا، التقطت أول صورة لي في سن السابعة، وكأنها كانت إشارة على ولعي المبكر بفن التصوير الفوتوغرافي، عندما أنهيت سنتي الدراسية الأولى في المدرسة الابتدائية، سألني والدي، رحمه الله، عن الهدية التي أرغب فيها، توقع أن أطلب دراجة كما يحلم باقي الأطفال في سني، لكنني طلبت منه كاميرا تصوير فوتوغرافي. تفاجأ طبعا، ولكن الحمد لله، حقق لي حلمي وأهداني الكاميرا التي تمنيتها، بالإضافة إلى دراجة زرقاء صغيرة قمت بتلوينها فورًا، وكان هذا الحادث بمثابة ولادة مبكرة لفني، فقد كان الفن يسري في دمي منذ الطفولة.

* أنت أصغر مصور فوتوغرافي على الصعيد الوطني وربما حتى الصعيد العالمي ينظم معرضا لأعماله، هل ما زالت عالقة بذاكرتك تلك الصور والأحاسيس وأنت تخرج أعمالك إلى العموم لأول مرة، وكيف استقبلها الجمهور في البدايات الأولى؟ 

من أعمال الفوتوغراف العالمي حسين بوميلا 

** عندما نظمت أول معرض لأعمالي، كنت أصغر مصور فوتوغرافي على المستوى الوطني وربما حتى العالمي كما قلتم، كانت تجربة مليئة بالمشاعر المتضاربة، شعرت بالفرحة والفخر الممزوجين بالخوف والتردد، وشعرت أيضًا بتوتر كبير وأنا أنتظر رؤية ردود فعل الجمهور على أعمالي، كانت لحظة مميزة بالنسبة لي، خصوصا عندما زال التوتر وتحول إلى نشوة بعد أن لاحظت إقبال الناس على أعمالي وإعجابهم بها.. من ثمة أدركت أن فني يمكن أن يكون قادرا على التأثير في الآخرين.. وأن الصورة الفوتوغرافية يمكن أن تشكل لوحة فنية تسحر الناظرين إذا ما التقطت بعدسة ثاقبة.. وبالمناسبة لا زلت أتذكر أن أول لوحة فنية بعتها كان أبي رحمه الله هو من اشتراها أمام الحاضرين، وكان سعرها 200 درهم ءانذاك.

* إلى جانب هوسك بالكاميرا والصورة فأنت ىمعروف أيضا بعشقك للألوان والصباغة.. كيف استطعت المزج بينهما؟ 

من أعمال الفوتوغراف العالمي حسين بوميلا 

** منذ بداياتي، كنت دائما مفتونًا بالألوان والصباغة، هذا العشق للألوان تطور مع مرور الوقت ليصبح جزءًا أساسيًا من فني، لقد استطعت دمج التصوير الفوتوغرافي مع الرسم بطريقة فريدة تعبر عن رؤيتي الشخصية، كل مشروع أقوم به هو محاولة جديدة لتجربة هذا المزج بين الصورة واللون.

* لكل فنان ملهم أو أكثر يتأثر به، ترى من يكون ملهم الفنان حسين بوميلا؟ 

كأي فنان، كان لي ملهمون أثروا في تطور فني، لقد استلهمت من أساتذة الفن الاستشراقي ومن الرسامين الكبار الذين عاشوا بين القرنين الرابع عشر والثامن عشر، كانت أعمالهم مصدر إلهام لي في تطوير أسلوبي الخاص، حيث حاولت أن أجمع بين تقنياتهم وبين رؤيتي الفنية المعاصرة.

* فن التصوير الفوتوغرافي يصنف فنيا وتقنيا لعدة مجالات منها التجاري كمصدر رزق، والرياضي والصحفي والفني وكذلك الروبورتاج بكل أشكاله… حسين بوميلا أين نجده بين كل هذه التصنيفات أو التقسيمات؟ 

** أعتبر نفسي مصورا ورساما وصانع صور، لكنني أجد نفسي أيضا في مجالات الروبورتاج والتصوير الوثائقي والتاريخي. أحب أن ألتقط اللحظات التي تحمل قصصًا ورسائل، وأعتقد أن التصوير ليس مجرد وسيلة لكسب العيش، بل هو لغة فنية قادرة على التواصل مع العالم بطرق لا يمكن للكلمات أن تعبر عنها.

* لا شك أن التحاقك بأوروبا لأسباب مهنية جعلك تكتشف عالم المصورين العالميين من خلال المعارض والمتاحف التي زرتها، كيف قرأت تلك الأعمال العالمية بالمقارنة بالأعمال المغربية؟

من أعمال الفوتوغراف العالمي حسين بوميلا 

** عندما انتقلت إلى أوروبا، كانت لي فرصة لاستكشاف عالم الفن على نطاق أوسع، زرت معارض عالمية واطلعت على أعمال مصورين وفنانين من مختلف الثقافات، كانت هناك فروقات واضحة بين الأعمال العالمية والمغربية، ولكنني شعرت بالفخر والاعتزاز بالابتكار والأصالة التي يتمتع بها الفن المغربي، فالأعمال الفنية المغربية تمتلك طابعا فريدا يعكس الثقافة الغنية والتاريخ العريق لبلادنا.. 

* ما هو الأساسي في الصورة الفوتوغرافية بالنسبة للفنان حسين بوميلا، هل شكلها الفيزيائي، أم رسالتها الثقافية والفنية؟ 

** في عملي الفوتوغرافي، أركز أساسا على الرسالة الثقافية والفنية التي تحملها الصورة، ولكني أيضا أهتم بالشكل الفيزيائي للصورة وتفاصيلها التقنية، إلا أنني أعتقد أن جوهر الفن يكمن في القدرة على التأثير والتواصل مع المشاهد، الصورة بالنسبة لي هي وسيلة لإيصال الأفكار والمشاعر، وأطمح دائما إلى أن تترك أعمالي بصمة في نفوس من يشاهدها..

* ما الذي يميز تجربتك الخاصة عن باقي التجارب المعروفة في فن التصوير؟

من أعمال الفوتوغراف العالمي حسين بوميلا

** طبيعي أن لكل فنان تجربته الخاصة، وله أيضا فرادته، فالفنان هو كائن ذاتي بطبعه، لذا فإننا لا نشبه بعضنا البعض، وإلا غاب عنصرا الأصالة والابتكار.. وبالنسبة لتجربتي فربما ما يجعلني متميزا في مشواري الفني هو كوني الفنان الوحيد حاليا في العالم الذي يستخدم تقنية دمج التصوير الفوتوغرافي مع الرسم الرقمي والفن ثلاثي الأبعاد، هذه التقنية تتيح لي خلق أعمال فنية مبتكرة تنقل تجربة بصرية استثنائية، وأسعى من خلال هذا الأسلوب الفريد إلى تأسيس حركة فنية جديدة أطمح لأن أتركها كإرث للأجيال القادمة، أؤمن أن هذا النهج الجديد يمكن أن يلهم الكثيرين ويعزز من تقدير الفن الذي يجمع بين الأصالة والابتكار.

* كلمة أخيرة؟ 

** ختامًا، أتقدم بجزيل الشكر لمنبركم الذي فتح لي هذه النافدة لأطل من خلالها على جمهور قرائكم الأعزاء، كما لا تفوتني الفرصة للتعبير عن امتناني وعرفاني لإدارة مهرجان إيمينيك الفريد من نوعه التي أتاحت لي هذه الفرصة المهمة، وأود أن أقول إنني كفنان مغربي، أرى في كل صورة التقطتها وكل لوحة رسمتها وسيلة لإحياء تاريخنا الغني وثقافتنا المتنوعة، إن شغفي العميق بتراث بلدي يلهمني لأقدم للعالم رؤية فنية فريدة تعكس جمال المغرب وروحه، وهدفي الأسمى هو أن يتعرف العالم على سحر المغرب بكل أبعاده، وأن أترك أثراً لا ينسى في ذاكرة كل من يتأمل أعمالي، وأساهم في بناء مستقبل فني يظل مرجعا للأجيال القادمة.

حاوره: ابراهيم فاضل

Top