كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبئيي، عن الطابع المعقد لمنظومة صناعة السفن ببلادنا، والناجم عن تعدد المتدخلين وغياب إستراتجية عمومية مندمجة تشرك مختلف الفاعلين المتدخلين في المنظومة.
وأوضح تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، برسم السنة الماضية، أن منظومة صناعة السفن ببلادنا، التي تتسم بطابعها المعقد للغاية، تشمل عدة فاعلين مؤسساتيين، كالقطاع الحكومي المكلف بالتجهيز، وقطاعات الصناعة والصيد البحري والنقل، والسلطة المينائية الوكالة الوطنية للموانئ، وأن كل فاعل من هؤلاء يتدخل في نطاق معين دون أن يكون هناك في الغالب تبادل للمعلومات والتقائية وتنسيق في إطار إستراتيجية وطنية مندمجة، مشيرا إلى أن هذا الطابع المجزأ يخلق بيئة معقدة وغير واضحة المعالم أمام الفاعلين والمستثمرين في هذا القطاع.
كما وقف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تشخيصه لواقع صناعة السفن ببلادنا، على وجود وعاء عقاري وبنية تحتية للاستقبال مكلفة مع استغلال دون المستوى الأمثل وحالات تجاوز للطاقة الاستيعابية، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي لا يزال فيه حوض بناء السفن في الدار البيضاء والممتد على مساحة 24 هكتارا، غير مستغل في غياب عقد امتياز الاستغلال، فإن أحواضا لبناء السفن كحوضي أكادير وطانطان تبقى عاجزة عن استقبال الطلبات الهامة الواردة عليها في ظل محدودية طاقتها الاستيعابية، وهو ما ينعكس سلبا على أنشطة إصلاح السفن وبنائها، مما يضطر معه أرباب المراكب، خاصة قوارب الصيد المصنوعة من الصلب، إلى خدمات أحواض بناء السفن الأوروبية، خاصة الإسبانية، لكونها أكثر تفاعلا مع طلباتهم وتقدم خدمات ذات جودة أفضل.
وقد سلط التقرير المرفوع على جلالة الملك محمد السادس، الضوء على واقع قطاع صناعة بالسفن باعتباره قطاعاً استراتيجياً واعداً بالنسبة للمملكة، ومن شأن تطوير قطاع وطني تنافسي لصناعة السفن أن يمكن من تنويع وإغناء مكونات القطاع الصناعي لبلادنا، وسيساهم ذلك أيضاً في تقليص درجة الارتهان بالخارج في مجال خدمات بناء السفن وإصلاحها واقتنائها.
وانطلاقا من تشخيصه، واطلاعه على التجارب الدولية في المجال، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بوضع إستراتيجية وطنية مندمجة لصناعة السفن، تعتمد على مقاربة منظوماتية تمكن من الإحاطة الشاملة بمختلف الجوانب التي تؤثر بشكل مباشر على أداء العرض الوطني في قطاع صناعة السفن وجاذبيته وتنافسيته.
وفي السياق ذاته، أوصى المجلس بإحداث آلية مؤسساتية للقيادة والتنسيق والتتبع تضم الفاعلين المعنيين في مختلف المجالات ذات الصلة بصناعة السفن، بما في ذلك القطاعات المرتبطة بالمراحل القبلية والبعدية لسلسلة الإنتاج، مع اعتماد مقاربة متدرجة، من خلال السعي للتموقع، على المديين القصير والمتوسط، في الأنشطة التي تسجل دينامية وتظل في المتناول من حيث التكنولوجيا والمهارات والبنيات التحتية اللازمة، مع استهداف السوق المحلية وأسواق التصدير، لاسيما أسواق حوض البحر الأبيض المتوسط والواجهة الأطلسية لإفريقيا.
كما أوصى المجلس بضرورة وضع إطار قانوني وجبائي ملائم لاستقطاب الاستثمارات في هذا القطاع وإحداث صندوق خاص لتمويل هذا القطاع الذي ترتفع فيه درجة المخاطرة، وذلك في إطار دينامية إحداث الصناديق الموضوعاتية أو القطاعية المنصوص عليها في إطار تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار، وإعداد رأسمال بشري مؤهل، من خلال اعتماد برامج للتكوين تستجيب لحاجيات قطاع صناعة السفن وإحداث معاهد متخصصة وتعزيز البحث والتطوير في هذا القطاع، بالإضافة إلىتطوير آليات اليقظة الاستراتيجية والترويج للعرض الوطني لتيسير تموقعه في السوق الدولية.
ومن بين التوصيات التي أوردها المجلس في تقريره السنوي، دعوته إلى التعزيز المستمر لعرض البنيات التحتية المتخصصة وتسريع عملية منح امتياز استغلال حوض صناعة السفن بميناء الدار البيضاء، مع الحرص على ملاءمة الشروط التعاقدية بما يضفي عليها مزيداً من الجاذبية لدى المستثمرين، وتسريع وتيرة أشغال توسيع مينائيْ أكادير وطانطان، بما يُمَكِّن من تخفيف الاكتظاظ الذي تشهده أحواض بناء السفن الرئيسية.
محمد حجيوي