أجمع عدد من المتدخلين على أن هناك مخاطر متعددة تحدق بمشروع القانون 54.23 الذي جاءت به الحكومة، وطرحته للمناقشة، قبل أن تسحبه في اللحظات الأخيرة بعدما أحدث جدلا واسعا، وعارضته النقابات.
وقال المتدخلون، في لقاء نظمه حزب التقدم والاشتراكية، عشية الجمعة الماضي، حول “إدماج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) بين تكريس المساواة وضرورة الحفاظ على المكتسبات”، إن هناك مجموعة من الأمور التي تشكل تهديدا لمكتسبات الشغيلة خصوصا المؤمنين داخل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS)، وكذا التعاضديات المرتبطة بها.
وطرح المتدخلون، في الندوة التي أدارها سعيد الفكاك، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، ورئيس لجنة القضايا الاجتماعية بالحزب، مشاكل تتعلق بالانتقال من الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، خصوصا ما يتعلق بالممتلكات التي في ملكية الكنوبس، وكذا التعاضديات المرتبطة بها والتي تمثل قطاعات مختلفة، والتي هي في الأصل ممتلكات بأموال المنخرطين في هذه المؤسسات.
كما لفت المتدخلون إلى المشاكل المتعلقة بنسب الاشتراك التي تختلف بين الصندوقين، وكذا قيمة التعويضات عن المرض، وخصوصا الأمراض المزمنة، والتي تعرف اختلافات كبيرة سواء في التعويض أو الأداء والمواكبة.
نبيل بنعبد الله: حزب التقدم والاشتراكية يحذر من انحرافات في الإصلاحات المرتبطة بالتغطية الصحية
في هذا السياق، قال محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن الحزب أطلق سلسلة من اللقاءات الوطنية والجهوية بهدف جمع آراء حول الوضع الحالي فيما يتعلق بالتغطية الاجتماعية الشاملة والتغطية الصحية.
وأضاف بنعبد الله أن الحزب يهدف إلى تجميع المعطيات بخصوص هذا الموضوع لما يشكله من أهمية بالغة، مبرزا أنه سيعكف على إنتاج ورقة علمية في الموضوع من أجل التأكيد على مواقف الحزب، ومن تشخيص الموضوع بدقة.
وأوضح بنعبد الله أن المبادئ المعلنة، مثل التغطية الصحية الشاملة والتعميم، تحظى بتوافق عام، إلا أن “الشيطان يكمن في التفاصيل”. وفق تعيره، حيث أشار إلى أن هناك قضايا مقلقة ظهرت من خلال النتائج الملموسة لهذه التوجهات، خاصة فيما يتعلق بدمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، معتبرا أن سحب مشروع القانون المتعلق بهذا الدمج يدل على وجود ارتباك وجدل، وأشاد بالدور الذي لعبته النقابات في الضغط بهذا الشأن.
وأكد بنعبد الله على ضرورة الحذر عند التعامل مع هذه المسألة، مشيرا إلى أن الأهداف العامة للإصلاح، كما وردت في القانون الإطار، مقبولة ولا يمكن الاعتراض عليها، لكن هناك تخوفات في حزب التقدم والاشتراكية من أن تؤدي القوانين التفصيلية والمراسيم التنفيذية إلى انحراف حقيقي قد يهدد المكتسبات الاجتماعية.
ودعا بنعبد الله إلى تعاون الأحزاب السياسية ذات الالتزامات الشعبية القوية مع النقابات الوطنية والفعاليات المجتمعية لمواجهة أي انحرافات محتملة في هذا الإصلاح. وأكد أن الحزب سيواصل الترافع وتنظيم اللقاءات التوعوية والدفاع عن مواقفه من داخل البرلمان وخارجه.
وشدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على أن اللقاءات الوطنية والجهوية التي أطلقها الحزب تروم تجميع مجموعة من المعطيات حول التغطية الصحية والحماية الاجتماعية، وإنتاج ورقة دقيقة في الموضوع، تتضمن تقديم بدائل حقيقية مبنية على دراسات دقيقة وتجارب وأرقام، لضمان تشخيص صحيح للوضع وتجنب اتخاذ مواقف غير مدروسة.
الوردي: الدمج يحمل مخاطر متعددة ويطرح مشكل “استدامة التمويل”
من جهته، قال البورفيسور الوردي، وزير الصحة السابق، والخبير في قضايا الصحة والحماية الاجتماعية إن التمتع بالحق في الصحة مرتبط بتعميم الحماية الاجتماعية والإجراءات التي يجب اتخاذها لضمان وصول الجميع إلى الرعاية الصحية بشكل متساوٍ وعادل.
وأشار الوردي إلى أن مشروع القانون رقم 54.23، الذي قدمته الحكومة لتعديل وتتميم القانون رقم 65.00 المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، يأتي في إطار تنفيذ القانون الإطار 09.21 الخاص بالحماية الاجتماعية، والذي يهدف إلى توحيد وإدارة مختلف الأنظمة تحت إشراف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS).
ورغم تأكيد الوردي أن هذا المشروع، أي الحماية الاجتماعية، يحظى بإجماع الجميع باعتباره “ورشا ملكيا”، إلا أنه حذر من أن تنفيذه من قبل الحكومة يحمل عدة مخاطر، خاصة فيما يتعلق بالإجراءات غير المناسبة التي تم اختيارها.
كما أثار الوردي تساؤلات حول مشروع دمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، بما في ذلك مصير الاشتراكات، والانخراطات، وما يتعلق بالتعاضديات.
وقال الوردي إن الاختلافات بين CNOPS وCNSS قد تؤدي إلى خسائر فادحة للمؤمنين خصوصا في نظام CNOPS، وذلك نظرًا للاختلاف الكبير في نسب التغطية، حيث أثار دمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) مجموعة من المخاوف على المستوى.
وللتوضيح في هذه النقطة، أورد البروفيسور الوردي أن CNOPS فيما يتعلق بتكاليف العلاج يغطي ما بين 90 بالمئة إلى 100 بالمئة من تكاليف المرض والعلاج خصوصا الأمراض المزمنة التي تصل إلى 100 بالمئة، فيما بالمقابل تقدم CNSS فقط نسبة تصل إلى 70 بالمئة في أفضل الأحوال. وبالتالي، حسب المتحدث فإن دمج المؤسستين قد يؤدي إلى خسائر كبيرة للمؤمنين التابعين لـ CNOPS.
نفس الوضع يتعلق بالاشتراكات، حيث يدفع المستفيدون من CNOPS نسبة 2.5 بالمئة، في حين يتحمل المستفيدون من CNSS نسبة 2.7 بالمئة، يزيد الوردي موضحا. متسائلا عن كيفية التعامل مع هذه الفروقات في الاشتراك والاستفادة.
ولفت وزير الصحة السابق إلى أن المشروع لا يتضمن أي خطة لإنشاء صندوق تضامني لدعم من لا يملكون القدرة على دفع الاشتراكات. إضافة إلى ذلك، تظهر مشكلة أخرى تتعلق بالتغطية الصحية التكميلية، التي لا تحظى بالاهتمام اللازم. بهذا الخصوص، قال الحسين الوردي إنه في النص المقترح، يتم التركيز على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهو ما قد يؤدي إلى تغيير الهدف الاجتماعي للمشروع لصالح تحقيق الربح، وهو ما يدفع القطاع الخاص إلى المشاركة.
أما الخطر الأكثر إلحاحا، يضيف المتحدث، فهو طريقة الانتقال التغير السلسلة، والتي تتعلق بموظفي CNOPS، حيث أن انتقالهم إلى CNSS ليس مضمونا بشكل تلقائي. فالموظفون الراغبون في الانتقال إلى CNSS يجب عليهم تقديم طلب يمكن قبوله أو رفضه من طرف CNSS.
كما طرح الوردي عشرات المشاكل والمخاوف التي أثرها المشروع الجديد، الذي جرى تقديمه ثم سحبه، ومنها مخاوف تتعلق بشأن مصير “التعاضديات”، التي قال إنها قد تختفي لإفساح المجال أمام شركات التأمين والمؤسسات الخاصة الباحثة عن فرص استثمارية. إذ أن المشروع الجديد لم يوضح ما إذا كانت التعاضديات التي تقدم خدمات لصالح CNOPS ستستمر أم لا، متجاهلا الدور المهم الذي تلعبه.
وزاد الوردي أن المفاجئ في هذا السياق هو أن الحكومة قد قدمت هذا المشروع دون استشارة شركائها، متبعة نهجاً غير ملائم ومخالفاً لروح الحوار الاجتماعي الضروري لضمان نجاح صياغة واعتماد المشروع. وينطبق ذلك أيضًا على القضايا التقنية المتعلقة بالدمج، التي يجب مناقشتها بمشاركة جميع الأطراف.
وعاد الخبير في قضايا الصحة والحماية الاجتماعية ليؤكد أن هناك مشاكل جمة، خصوصا على مستوى CNSS، والتي قال إنها مشاكل يجب أن تحل أولا، بما في ذلك وضع المستشفيات التابعة للصندوق، والعيادات الخاصة، وتلك الخاصة بالتعاضديات. مشيرا إلى أن البعض يرى أن هناك ضرورة لتصفية CNSS لمستشفياتها، مشددين على ضرورة إعادة هيكلة قطاع الصحة وتزويده بالموارد البشرية والمعدات اللازمة.
كما طرح الوردي مشاكل أخرى، من ضمنها المتعلقة بتسعير الاستشارات الطبية وارتفاع أسعار الأدوية في المغرب، رغم التخفيضات المستمرة خلال فترة توليه وزارة الصحة. متسائلا عن كيفية معالجة هذا الأمر.
في هذا الصدد، يرى الوردي أن الحل قبل خيار الدمج هو ضرورة توحيد الخدمات المقدمة من قبل CNSS وCNOPS قبل دمجهما، على أن تتم العملية بشكل تدريجي تراعى فيه مكتسبات مختلف الفئات.
إلى ذلك، شدد الوردي على أن الإشكال الكبير الذي يظل هاجسا بالنسبة للمشروع الجديد، وبالنسبة لورش الحماية الاجتماعية برمته والذي يمثل التحدي الأكبر، المشكل المتعلق بديمومة التمويل.
وقدم الوردي في هذا الصدد سؤالا جوهريا وهو “ليس من سيدير العملية، بل ماذا سيدير؟”، في إشارة إلى المشاكل التي تواجه التغطية الصحية سواء من خلال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، خصوصا مع ازدياد عدد المؤمنين والمتقاعدين بالتزامن مع ارتفاع معدل الشيخوخة، مما يجعل الاشتراكات غير كافية لتغطية التكاليف.
وشدد المتحدث على أن هذه المشاكل يجب التفكير فيها بشكل متأن ومسبق لأن هذا المشكل أو التحدي الكبير كما وصفه، هو الذي يهدد استمرارية التمويل لهذا المشروع بأكمله. مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى إنشاء صندوق لتمويل الحماية الاجتماعية وصندوق تضامني لسد العجز.
وخلص الوردي إلى أن هناك حاجة إلى إعادة النظر في مشروع القانون الذي تم سحبه، وتحسين مضمونه، مشدداً على أن تجاهل التجربة الطويلة والناجحة للتعاضديات واستبدالها بشركات التأمين الخاصة سيكون خطأً كبيرا.
معصيد: الاتحاد المغربي للشغل تدخل في الوقت المناسب لتصحيح خطأ الحكومة
من جهته، قال ميلود معصيد، عضو الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل ورئيس التعاضدية العامة للتربية الوطنية إن جميع القوى ملتزمة بمشروع الحماية الاجتماعية الشاملة الذي أطلقه جلالة الملك، مؤكدا على أن النص في عمومه يشكل أهمية بالغة.
وأضاف معصيد أن هناك مشاكل ترتبط بالتنزيل وبالقوانين والمراسيم التنظيمية، مبرزا أن الحل في هذه النقطة يعود للحوار الاجتماعي والأهمية التي يحظى بها على هذا المستوى.
ولفت معصيد إلى النقابات تحاورت مع الحكومة بخصوص هذا الورش، وجرى الاتفاق على متواصلة النقاش في نقاط مختلفة، وذلك قبل أن تبادر الحكومة للتسرع وتعلن عن برمجة النقاش حول مشروع القانون 54.23.
وأوضح معصيد أنه بعد علم قيادة الاتحاد المغربي للشغل بقرار مناقشة مشروع القانون 54.23 في مجلس الحكومة، بادرت إلى مطالبة رئيس الحكومة بسحبه وفتح نقاش بين الشركاء الاجتماعيين. مشيرا إلى أن النقابة ضغطت بقوة على هذا المستوى.
وذكر المتحدث بالبلاغ الناري الذي أصدره الاتحاد المغربي للشغل والذي يعبر فيه عن استيائه ورفضه للنهج الأحادي الذي اتبعته الحكومة في إدارة هذه المرحلة الانتقالية، محذرًا من التراجع والمخاطر التي قد يتضمنها المشروع فيما يتعلق بالحقوق المكتسبة للمؤمنين والموظفين، وكذلك مصير التعاضديات الثمانية التي تعمل مع CNOPS.
وسجل معصيد أن هذا الضغط، أدى إلى تراجع الحكومة عن مناقشة المشروع، وتوصلت الأمانة العامة للاتحاد بتطمينات مباشرة من رئيس الحكومة، بأن لن يعرض مجددا للنقاش إلا بعد الاتفاق حوله ومناقشة مختلف بنوده وعلى رأسها المكتسبات وتلك المتعلقة بالتعاضديات.
وأكد معصيد على أن الحوار الاجتماعي هو الوسيلة الوحيدة لضمان نجاح المشروع. مؤكدا على أن الحوار يأتي بهدف تجويد النص والحفاظ على المكتسبات القائمة في هذا المستوى، خصوصا ما حققته الحركة التعاضدية لسنوات من العطاء للشيغلة، في قطاعات مختلفة.
ورفض معصيد هذا التوجه بضرب مكتسبات التعاضد والقيام بجرة قلم بضرب هذه المكتسبات ونقل المؤمنين والمنخرطين، وما راكموه إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
ونبه عضو الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل إلى المخاطر المحيطة بضرب تجربة CNOPS وكذا تجربة التعاضد بالمغرب، والتي قال إنها تجارب غنية ومفيدة وناجحة، مشيرا غلى أن ما يروج حولها لا يعدو أن يكون محاولة لتشويه واسعة النطاق، تقودها جهات في القطاع الخاص من مستشفيات وشركات التأمين الخاصة بمساعدة جهات خاصة في الوزارة الوصية.
ودعا معصيد إلى تقييم مكتسبات الحركة التعاضدية المغربية التي قال إنها تعتمد على قيم إنسانية، وخلقت نوعا فريدا من التدبير والتعاضد والتآزر بين مكوناتها، بما فيها المتابعة والمواكبة وطريقة وضع الملفات وتتبع الاستشفاء والتكفل بالحالات وغيرها.
وأكد رئيس التعاضدية العامة للتربية الوطنية أن الحركة التعاضدية المغربية، التي تمتد لأكثر من قرن، قائمة على قيم راسخة ومبادئ ثابتة تشترك فيها مع الحركة التعاضدية العالمية، وهي قيم دعا إلى بلورتها وتثمينها وحمايتها عوض محاربتها، خصوصا من جهات تستهدف ضرب هذا العمل.
وعن مشروع القانون الذي سحبته الحكومة بعد أن تم الإعلان عنه، أشار إلى أنه تم إعداده على عجل ودون مراعاة الملاحظات التي أُثيرت حوله منذ بداية العام الحالي. مجددا التأكيد على أن سحب الحكومة لمشروع القانون جاء نتيجة للجهود التي بذلتها الاتحاد المغربي للشغل (UMT).
وشدد معصيد على أن جميع الفعاليات ليس ضد الإصلاح، بل مع الإصلاح والعقلنة وحسن التدبير وليس مع ضرب التعاضد، الذي قال إنه بني بتاريخ نضالي كبير، وبقيم كبيرة، مجددا التأكيد على الرفض التام والقاطع للمس بالتعاضد بأي شكل من الأشكال.
وعن الحوار الذي جمع الاتحاد المغربي للشغل رئيس الحكومة، أشار معصيد إلى أن قرار السحب جاء بعد الضغط وبعد الحصول على تطيمنات بعدم تكرار الأمر، حيث كشف أن الحكومة التزمت بأن يهدف المشروع إلى الحفاظ على الحقوق المكتسبة لجميع المعنيين: المؤمنين، والموظفين، والتعاضديات. بالإضافة إلى التزام بأن يظل الموظفون سواء في الكنوبس أو التعاضديات في أماكنهم الحالية، وسيتم الانتقال، إن تم، بشكل تلقائي وسلس.
بالنسبة لممتلكات CNOPS، أوضح معصيد أنه سيتم التمييز بين تلك التي تم الحصول عليها قبل عام 2005 وتلك التي تم الحصول عليها بعد ذلك التاريخ. فضلا عن مجموعة من النقاط الأخرى التي وعدت الحكومة بعدم المس بالمكتسبات المحققة فيها.
وعن المشاكل الأخرى التي تواجهها التعاضديات مع المشروع الجديد، أوضح معصيد أنها تكمن بشكل أساسي في الهجوم الذي تتعرض له من القطاع الخاص الذي قال إنه يسعى للاستيلاء على مهامها وخدماتها.
وأوضح أنه كمسؤول نقابي وعلى رأس التعاضدية العامة للتربية الوطنية يلتزم بكل ما في وسعه لمعارضة أي محاولة لخصخصة هذا القطاع، مؤكدًا أن هناك عمل من أجل أن يتم الحفاظ على جميع المكتسبات، وحتى لو تم الانتقال CNSS، وذلك لضمان استمرار التعاضديات في أداء دورها بشكل كامل.
كما اعتبر أنه من الضروري أن تقوم CNSS بمراجعة تركيبة مجلسها الإداري، ليشمل باقي القطاعات، وخصوصا التعاضد،مشددًا على أنه من المشجع رؤية ظهور جبهة وطنية حقيقية للدفاع عن حقوق المؤمنين وموظفي CNOPS بعد الإعلان عن مشروع القانون الذي سحبته الحكومة.
سعد الطاوجني: يجب إعادة النظر في مشروع القانون 54.23.. وهناك حاجة لحوار فعال لضمان نجاح التغطية الاجتماعية
بدوره، توقف سعد الطاوجني، المستشار والخبير في تدبير الصحة والحماية الاجتماعية، عند كثير من الاختلالات التي يعرفها مشروع القانون 54.23، والذي قال إنه يطرح تساؤلات بخصوص الانتقال وطريقة التدبير.
وقال الطاوجني إن مشروع القانون الذي يكرس CNSS كجهة أو مؤسسة وحيدة لنظام التأمين الإجباري عن المرض (AMO) يواجه العديد من الاختلالات.
وأوضح أن هذه الاختلالات تشمل نظام الحوكمة، في ظل غياب توحيد الأنظمة القائمة، وعدم فعالية النهج الذي اعتمدته الحكومة.
وسجل الطاوجني أن هناك مشاكل ترتبط بتدبير التعريفة العامة وتكاليف العلاج، بما فيها الأدوية وخصوصا أدوية الأمراض المزمنة، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار الأدوية والخدمات الطبية هو واقع، وأن هذه الحرب على الأسعار تهدد في جوهرها مشروع التغطية الاجتماعية الشاملة برمته، وذلك في ظل غياب “الدولة الاجتماعية” التي يتم الحديث عنها.
وفيما يتعلق بتمويل المشروع، أشار إلى أنه محتكر من قبل الدولة من جهة، في حين أن القطاع الخاص، بعياداته الخاصة التي تزداد عدداً، يستفيد من مناخ ليبرالي يساهم في استبعاد من لا يستطيعون دفع الاشتراكات من التغطية الاجتماعية.
وأضاف أن الحديث عن “دولة اجتماعية” في الوقت الراهن يعد خطأً، حيث أن الانخراط في النظام اختياري، وليس للجميع القدرة على المساهمة في نظام لم يتم بعد ضمان استدامة تمويله.
وفي هذا السياق، شدد الطاوجني على أن مشروع القانون الذي قدمته الحكومة ثم سحبته يجب أن يأخذ في الاعتبار الدور الهام الذي تلعبه التعاضديات حاليا، وكذا حقوق المؤمنين وموظفي CNOPS.
وبعدما ذكر بمجموعة من الإصلاحات التي تمت على ورش الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، خلص المستشار والخبير في تدبير الصحة والحماية الاجتماعية إلى ضرورة إجراء نقاش بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين لضمان نجاح المشروع، وعدم الاعتماد على رؤية واحدة ومحاولة فرضها، مشيرا إلى أن الدولة الاجتماعية الحقيقية تفرض توجها بحماية فعالة وشاملة مع الاستدامة في التمويل ومراعاة الفئات التي لا تستطيع الأداء.
محمد توفيق أمزيان
تصوير: رضوان موسى