جمال أقشباب: عمالة زاكورة تحاصر فوضى زراعة البطيخ الأحمر حفاظا على الأمن المائي بالمنطقة

أصدر عامل إقليم زاكورة، بتاريخ 11 أكتوبر 2024، قرارا عامليا جديدا، لتقنين زراعة البطيخ، برسم الموسم الفلاحي 2024-2025، والهدف من هذا القرار هو الحد من تفشي زراعة البطيخ التي تشكل خطرا كبيرا على الأمن المائي والزراعات الاستراتيجية بإقليم زاكورة.
وجاء القرار العاملي المتعلق بزراعة البطيخ بإقليم زاكورة، والذي اطلعت جريدة بيان اليوم على نسخة منه، في ظل تراجع الفرشة المائية بشكل مهول في السنوات الأخيرة بفعل انعدام التساقطات المطرية وسنوات الجفاف التي تعرفها المملكة، وبناء على مقتضيات القرار العاملي رقم 01 بتاريخ 04 غشت 2022، والمتعلق بالأساس باستهلاك الماء الصالح للشرب بإقليم زاكورة.
واستند القرار ذاته أيضا إلى مقتضيات القرار العاملي رقم 03، والذي كان بتاريخ 04 يونيو 2020، والهدف منه هو إحداث لجنة إقليمية للماء على مستوى إقليم زاكورة، وفي نفس السياق انعقد اجتماع بعمالة زاكورة بتاريخ 18 أكتوبر 2023 والذي تمت المناقشة من خلاله على المقترح المعتمد في تقنين زراعة البطيخ بنوعيه، حيث تم الاشتغال على هذا المقترح خلال الموسم الماضي وتم تمثيله في زراعة مساحة تتراوح ما بين نصف هكتار وهكتار واحد كحد أقصى على مستوى إقليم زاكورة مع مراعاة الفرشة المائية ووضعيتها المتدهورة بالمنطقة.
كما يأتي هذا القرار، بناء على التوصيات المنبثقة عن اجتماع اللجنة الإقليمية للماء والتي انعقدت بتاريخ 12 شتنبر 2024 بمقر عمالة زاكورة .
ونص الفصل أول من قرار عامل إقليم زاكورة رقم 42 بتاريخ 11 أكتوبر، على كيفية استخدام المياه وتأمين الحاجيات بالنسبة للتزود بالماء الصالح للشرب، والتقيد أيضا بالإجراءات المحددة في الفصول الموالية.
فحسب ما جاء به الفصل الثاني من القرار، يجب تحديد المساحة التي لا يمكن تجاوزها للاستغلال في زراعة البطيخ، والتي حددت في هكتار واحد كحد أقصى حسب اللوائح المحددة سابقا من طرف اللجنة المختصة.
أما الفصل الثالث من القرار، فيمنع من خلاله زراعة البطيخ بنوعيه بالمناطق المحظورة والمتواجدة بالقرب من حقول الضخ لمياه الشرب.
أما بخصوص الفصل الرابع من القرار، فقد نص على ضرورة توفر كل ثقب مائي أو بئر على عداد مائي من أجل التأكد واحتساب المياه المستخرجة منه للحفاظ على الفرشة المائية.
ووفق الفصل الخامس من القرار، فاللجنة المحلية أكدت على ضرورة قراءة العدادات الخاصة بالآبار والأثقاب المائية عن بداية الاشتغال بها وعند نهايتها أيضا، بهدف معرفة الكمية المستخرجة من مياه السقي.
أما الفصل السادس من القرار، شدد على أنه في حالة عدم احترام المساحة المتفق عليها والمصادق عليها في لائحة الفلاحين، ستقوم آنذاك اللجنة المحلية باتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة في الموضوع وسلك المساطر القانونية في هذا الشأن.
وبحسب الفصل السابع، يعهد هذا الأخير بتنفيذ هذا القرار إلى لجان محلية تتكون من ممثلين عن المصالح التالية، السلطة المحلية، الجماعة الترابية المعنية، الدرك الملكي، القوات المساعدة، المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لورزازات، وكالة الحوض المائي لدرعة واد نون بكلميم، ووكالة الحوض المائي لكير-رزيز-غريس بالرشيدية.
أما الفصل الثامن وهو الفصل الأخير من هذا القرار، فهو يعهد إلى أن اللجنة الإقليمية للماء المحدثة بموجب القرار العاملي رقم 03 المؤرخ في 04 يونيو 2020 بالتدقيق واحترام بنود هذا القرار حيث تجتمع هذه اللجنة على الأقل مرة في الشهر أو كلما اقتضت الضرورة وسيقوم رئيس اللجنة بتحديد تاريخ اجتماعاتها وجدولة أعمالها.
وتعليقا على هذا القرار الأخير، قال جمال أقشباب رئيس جمعية أصدقاء البيئة بزاكورة، إن القرار العاملي الجديد هو صورة طبق الأصل للقرارات العاملية السابقة، مشيرا إلى أن الجديد في هذا القرار هو البند الذي يتعلق بتثبيت عداد على كل بئر أو ثقب مائي، مطالبا بضرورة فتح تحقيق في الاستنزاف الحاصل للثروة المائية، وانتشار الآبار العشوائية بالإقليم.
وأوضح رئيس جمعية أصدقاء البيئة بزاكورة، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن القرارات السابقة التي جاءت في هذا الشأن لم تحد نهائيا من زراعة البطيخ بنوعيه، ولم تساهم نهائيا من تقنين هذه الزراعة، بل شهد إقليم زاكورة انتشارا كبيرا لهذه الزراعة في الإقليم الترابي بزاكورة خلال الموسمين السابقين، مشيرا إلى ارتفاع الإنتاج المهول في حجم زراعة البطيخ بنوعيه، وتصدير البطيخ الأحمر خاصة إلى مختلف الدول الأوروبية والدول الإفريقية.
وشدد جمال أقشباب على أن سبب ارتفاع إنتاج البطيخ الأحمر في الأساس يرجع إلى التحايلات المتواجدة، متأسفا في حديثه عن القراءات التي يمكن النظر إليها للقرار العاملي خاصة في البند الذي حدد هكتار واحد لكل مستغل، وأكد أنه من الممكن أن تجد عائلة واحدة يستغل كل فرد فيها هكتارا واحدا بمعنى هذه العائلة تستغل أكثر من 10 هكتارات، “فبعملية حسابية على مستوى إقليم زاكورة، سنتصل إلى أن هذا البند لن يفيد ولن يؤدي لأي نتيجة”.
وشدد الفاعل الجمعوي في تصريحه، على أن الجديد في القرار العاملي لسنة 2024 هو تثبيت العدادات، إلا أن أغلب الفلاحين يتوفرون على الحل، من خلال تثبيتهم العداد في المضخة الأولى والاستعانة بمضخة ثانية جديدة، وبالتالي لن يمنع هذا القرار زراعة البطيخ الأحمر.
وقال أقشباب بتحسر على الوضع: “إن الوضع الذي آل إليه الإقليم مقارنة بالأقاليم الأخرى والتي اتخذت قرارات حكيمة وقامت بتفعيلها ونخص بالذكر هنا عامل إقليم تنغير وعامل إقليم طاطا باعتبارها اتخذا قرارا بمنع هذه الزراعة لأنها زراعة مستنزفة للماء ودخيلة على النشاط الفلاحي بالمنطقة”.
وحذر جمال أقشباب من خلال تصريحه من عواقب العبث بالموارد المائية القليلة في إقليم زاكورة، مطالبا رئيس الحكومة ووزير الداخلية ووزير الماء والتجهيز، بالتدخل الفوري لحماية الملك العام المائي والزراعات الاستراتيجية في هذه المناطق الجافة، ملفتا في حديثه للخطاب الملكي الأخير الذي أكد فيه جلالة الملك على ضرورة تفعيل خطط لمواجهة الأزمة المائية التي تواجهها المملكة في السنوات الأخيرة.
أما بخصوص تأثيرات تقنين هذه الزراعة على الفلاحين، قال جمال أقشباب في تصريحه للجريدة: “إن معظم الفلاحين بإقليم زاكورة والذين يمثلون 85 بالمائة من ساكنة المنطقة، لا يشتغلون في هذه الزراعة، بل يعتمدون في الأساس على الزراعة الاستراتيجية في المنطقة وهي زراعة النخيل، إضافة إلى المزروعات المعاشية، فمن يشتغل في هذه الزراعة هم فلاحون كبار من خارج إقليم زاكورة، في إطار تعاونهم مع بعض الفلاحين الميسورين بإقليم زاكورة، فهناك بعض الفلاحين بإقليم زاكورة يساهمون بأراضيهم، والفلاحين الكبار المتواجدين خارج المنطقة يساهمون بدورهم بالموارد المائية، ومن هنا نرى أنه لا تأثير لهذه الزراعة على الفلاحين بإقليم زاكورة، وخاصة الفلاحين المعدمين بمعنى الفلاحين الصغار، وبالتالي فعلى الدولة لتثبيت الفلاحين الصغار يجب تقديم كل الدعم من طرف جميع الجهات المعنية، سواء تعلق الأمر بوزارة الفلاحة، أو وكالة تنمية الواحات من أجل مساعدتهم في تجديد واحاتهم، وكذلك لتثبيتهم والحد كذلك من الهجرة، مرة أخرى أؤكد أن تقنين هذه الزراعة ومنعها لن يؤثر بشكل كبير على الفلاحين المتواجدين بإقليم زاكورة”.
أما بخصوص الاستدامة، فقد أوضح الفاعل الجمعوي في تصريحه، أن الاستدامة باتت أكثر
إلحاحا لاسيما بإقليم زاكورة لكونه من المناطق الجافة والتي عانت أكثر من عشر سنوات من ظاهرة الجفاف، والذي ساهم بشكل كبير بتدهور الموارد المائية السطحية والباطنية،.
وشدد المتحدث على أنه من أجل الحفاظ على ندرة المياه واستدامتها يجب استعمال استراتيجية واحدة وهي توجيه ندرة هذه المياه في اتجاه تحقيق الأمن المائي، بمعنى الماء الصالح للشرب لكل ساكنة إقليم زاكورة بمدنها وقراها. ثم ثانيا، يجب توجيه هذه الندرة نحو الزراعات الاستراتيجية في المنطقة كزراعة النخيل والزراعة المعاشية، التي تلبي الحاجيات الأساسية والمعيشية للسكان.

< هاجر العزوزي

Top