وافقت قاضية أميركية أول أمس الاثنين على طلب النيابة العامة رد الدعوى المرفوعة ضد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية التي خسرها قبل أربع سنوات.
وكان المد عي الخاص جاك سميث طلب في وقت سابق أول أمس الاثنين من القاضية تانيا تشوتكان رد هذه الدعوى لأن سياسة وزارة العدل تنص على عدم ملاحقة رئيس يمارس مهام منصبه، وهو ما ستكون عليه الحال مع ترامب بعد أن يؤدي اليمين الدستورية في 20 يناير.
ووافقت القاضية على طلب المدعي الخاص لكن ضمن قاعدة “حفظ الحقوق” أي مع حفظ إمكانية إعادة إحياء هذه الدعوى ما أن يغادر ترامب السلطة بعد أربع سنوات.
وقالت القاضية في قرارها إن “رد الدعوى مع حفظ الحقوق هو قرار مناسب هنا”، معتبرة أن “الحصانة الممنوحة لرئيس يمارس مهام منصبه هي حصانة مؤقتة وتنتهي عند مغادرته منصبه”.
وترامب البالغ 78 عاما متهم بالتآمر لقلب نتائج انتخابات 2020 التي خسرها أمام جو بايدن، وبالاحتفاظ على نحو غير قانوني بوثائق مصنفة سرية بعد مغادرته البيت الأبيض، لكن لم تبدأ الجلسات في أي من هاتين القضيتين.
وقال سميث في مذكرة رفعها إلى القاضية تشوتكان التي تتولى القضية إنه يجب رد الدعوى في ضوء سياسة وزارة العدل بعدم توجيه الاتهام إلى رئيس في منصبه أو مقاضاته.
كذلك أعلن سميث أنه وللسبب عينه لن يلاحق ترامب بتهمة حيازته وثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021.
وكان سميث استأنف قرار القاضية الفيدرالية إيلين كانون في فلوريدا بإلغاء الإجراءات في يوليو على أساس أن تعيين المدعي الخاص في القضية غير دستوري
إلا أنه عاد وعلق في هذا الشهر الإجراءات في قضية التآمر لقلب نتائج الانتخابات، بعد فوز ترامب على منافسته الديموقراطية كامالا هاريس في استحقاق الخامس من نوفمبر.
وجاء في المذكرة التي رفعها سميث إلى القاضية تشوتكان “لم يتغير موقف الحكومة بشأن الأسس الموضوعية لمقاضاة المدعى عليه”، مستدركا “لكن الظروف تغيرت”.
وقال سميث “لطالما كان موقف وزارة العدل يقضي بأن دستور الولايات المتحدة يحظر توجيه الاتهام على المستوى الفدرالي والملاحقة الجنائية اللاحقة لرئيس في المنصب”.
وأضاف “نتيجة لذلك، يجب إلغاء هذه المحاكمة قبل تنصيب المدعى عليه”.
وفي مذكرة منفصلة قال سميث إنه سيسحب استئنافه قرار رد قضية الوثائق السرية ضد ترامب، لكنه سيمضي قدما في القضية ضد اثنين من المتهمين الآخرين، مساعد ترامب ومدير دائرة الرئيس في مارالاغو كارلوس دي أوليفيرا.
وفي تعليق على منصته تروث سوشال علق ترامب بقوله إن هذه القضايا “فارغة ولا أسس قانونية لها وما كان يجب رفعها”.
وقال ترامب “لقد تم إهدار أكثر من مئة مليون دولار من أموال دافعي الضرائب في معركة الحزب الديموقراطي ضد خصمهم السياسي، الذي هو أنا”، مشددا على أن “أمرا كهذا لم يسبق أن حدث في بلدنا”.
ورحب مدير التواصل في فريق ترامب ستيفن تشونغ بخطوة رد قضية التدخل في الانتخابات، واصفا إياها بأنها “انتصار كبير”.
وجاء في بيان لتشونغ “يريد الشعب الأميركي والرئيس ترامب نهاية فورية لتسييس نظامنا القضائي ونتطلع إلى توحيد بلدنا”.
وترامب متهم بالتآمر لقلب نتائج الانتخابات الأميركية والتآمر لعرقلة إجراء رسمي إلا وهو انعقاد الكونغرس للمصادقة على فوز بايدن.
خلال تلك الجلسة التي عقدت في السادس من يناير 2021، اقتحم مناصرو ترامب مقر الكونغرس.
وترامب متهم أيضا بالسعي إلى حرمان ناخبين أميركيين من حق التصويت بادعاءاته الكاذبة بأنه فاز في انتخابات 2020
إلى ذلك يواجه ترامب، سلف بايدن وخلفه، دعويين في ولايتي نيويورك وجورجيا.
ودين ترامب بارتكاب 34 تهمة جنائية في ماي بعد أن خلصت هيئة محلفين إلى أنه قام بالتلاعب بشكل احتيالي بسجلات تجارية للتغطية على دفع مبالغ لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز مقابل صمتها عن علاقة جنسية مفترضة حتى لا تضر بحملته في انتخابات عام 2016.
وأرجأ القاضي خوان ميرشان إصدار الحكم في قضية الاحتيال المالي للبت في طلب محامي الدفاع عن ترامب الذين دفعوا بأن أي إدانة يجب أن تلغى عملا بقرار المحكمة العليا الصادر في يوليو والقاضي بتمتع الرؤساء السابقين بحصانة شاملة تحميهم من الملاحقة القانونية.
في جورجيا، يواجه ترامب تهمة الابتزاز على خلفية جهوده لقلب نتائج انتخابات 2020 في الولاية الجنوبية، لكن من المرجح تجميد هذه القضية خلال ولايته.
****
لماذا يستغرق انتقال السلطة بين الرؤساء الأميركيين وقتا طويلا؟
تمر 75 يوما كاملة بين إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية وتولي الرئيس الجديد منصبه رسميا في البيت الأبيض إثر تسلمه مقاليد السلطة من الرئيس المنتهية ولايته.
وتعتبر هذه الفترة الانتقالية أطول من مثيلاتها في الدول الأوروبية، فرغم أن الانتخابات جرت في الخامس من نوفمبر 2024 فلن يتم تنصيب الرئيس الجديد إلا في 20 يناير 2025.
ولعل أبرز أسباب طول المدة الانتقالية هو نظام الاقتراع غير المباشر لرئيس الولايات المتحدة، فكما هو معلوم عندما يتوجه الأميركيون إلى صناديق الاقتراع، فهم في الواقع يصوتون لاختيار ما يسمى “كبار الناخبين” الذين سيشكلون المجمع الانتخابي، وهي الهيئة المسؤولة عن اختيار ساكن البيت الأبيض بشكل رسمي على أساس التصويت الشعبي في كل ولاية.
وهؤلاء “الناخبون الكبار” البالغ عددهم 538 لا يجتمعون عادة قبل منتصف شهر ديسمبر، ويجب بعد ذلك قراءة النتيجة وإعلانها خلال جلسة مشتركة للكونغرس في واشنطن في السادس من يناير.
علما أنه خلال القرنين السابقين كانت عمليات النقل والاتصالات تستغرق وقتا أطول مما هي عليه اليوم حتى يتم تجميع النتائج في الولايات المختلفة ونقلها إلى المركز، ولكي يرتب الفائزون انتقالهم إلى واشنطن.
وفضلا عما سبق، يحتاج الرئيس الجديد لتعيين أكثر من 4 آلاف شخص في مناصب مختلفة في الإدارة، يتطلب جزء منهم (أكثر من ألف) مصادقة مجلس الشيوخ، كما يجب تقييم الآخرين والتحقق من خلفياتهم.
وقد أدى دخول التعديل 20 للدستور الأميركي حيز التنفيذ، عام 1933، إلى تقصير الفترة الانتقالية بتحديد موعد تنصيب الرئيس في 20 يناير.
وقد جاء هذا التعديل لإعطاء الكونغرس الجديد (مجلسي النواب والشيوخ)، الذي يتولى منصبه في الثالث من يناير، الوقت الكافي لحسم بعض المسائل على غرار التعادل المحتمل بين مرشحين في المجمع الانتخابي، وهو السيناريو الذي حدث مرة واحدة فقط في تاريخ البلاد خلال المواجهة بين توماس جيفرسون وآرون بور عام 1800.
ويرى المراقبون أن امتداد الفترة الانتقالية لأكثر من شهرين هي في الواقع مدة زمنية طويلة جدا، وقد تنجر عن ذلك مشكلات في بعض الأحيان كما حدث في عام 2020 عندما حاول أنصار دونالد ترامب قلب النتائج خلال الفترة الانتقالية، وهو أمر كان من الممكن تفاديه لو تسلمت الإدارة الجديدة مهامها مباشرة.
ومن مساوئ طول الفترة الانتقالية أيضا إضعاف الإدارة المنتهية ولايتها التي تعاني حتما من فقدان نفوذها، في الوقت الذي يقوم فيه الرئيس الفائز بإعداد فريقه الحكومي وإجراء اتصالات مع القادة الأجانب.
ويذكر التاريخ الأميركي أن هذه الفترة الانتقالية بين الإدارتين تمتد أحيانا لوقت أطول، إذ استغرق الأمر في بعض الأحيان 4 أشهر كاملة، ليتولى الرئيس الجديد مهامه في مارس، حتى أن أول رئيس للولايات المتحدة جورج واشنطن تم تنصيبه في أبريل بسبب سوء الأحوال الجوية.
أ.ف.ب