رافعات شعار” “لاتسامح مع العنف، لنتحد من أجل القضاء على العنف ضد الناس والفتيات”، وككتيبة عسكرية، وقفت عضوات الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، بمقر الجمعية، أول أمس الاثنين، معلنات بحماس شديد، عن انخراط النساء الكامل في هذه الحملة الأممية، مؤكدات على أن الوصول إلى صفر عنف داخل المجتمع يتطلب الكثير من الحزم وإعادة ترتيب الأولويات على مستوى الحكومة فيما يخص النهوض بحقوق النساء، والإسراع بتنزيل مختلف الآليات، وإدخال التعديلات الضرورية على عدد من التشريعات، وسن أخرى بغاية رفع العنف بجميع أشكاله ومظاهره عن النساء والفتيات.
وأكدت المتدخلات، في أول حلقة نقاشية تم إطلاقها، صباح أول أمس الاثنين، على ضرورة إحداث قطائع مع التصورات والسياسات العمومية التي لا تضع النهوض بحقوق النساء ضمن الأولويات، والعمل على تحقيق تغيير يتم فيه الإعلان بشكل صريح وملزم عن الإرادة السياسية للحكومة بتحقيق فعلية المساواة وتسريع إخراج مشروع التغيير المنتظر ممثلا في مدونة الأسرة الذي لازال حبيس المساطر التشريعية.
وشددت عضوات الجمعية فيما يخص العنف ضد النساء والفتيات، على ضرورة بلورة مداخل لمحاصرة هذه الظاهرة وتطويق تمددها داخل المجتمع، وإيجاد السبل الكفيلة للقضاء عليه بشكل كامل، واعتبرت عضوات الجمعية أن الوصول إلى هذه الغاية ليس بالأمر الهين، لكن مع ذلك لايجب الانحناء أمام هذه الظاهرة الخطيرة وتعتبره أنه من الضروري العمل بشكل تشاركي بين جميع الأطراف حكومية والمجتمع المدني العمل للتغلب على آفة العنف التي تأكل الأخضر واليابس وتتسبب في عاهات مجتمعية تكون ضحيتها الأسرة بأجمعها ، نساء وأطفالا ذكورا وإناثا”.
هذا وشكل انطلاق الأبواب المفتوحة بمقر الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب والتي يتم تنظيمها بمناسبة الأيام الأممية التي تمتد على مدى 16 يوما لمناهضة العنف ضد النساء، فرصة لعضوات الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب لتقديم لمحة عن المسار النضالي للجمعية التي انطلقت منذ أربعين(40) سنة كمبادرة من طرف نساء خبرن العمل السياسي داخل الأحزاب وتحديدا حزب التقدم والاشتراكية وتحولن نحو العمل الجمعوي التطوعي في إنصات واع لهموم النساء وقضاياهن والترافع من أجل إنصافهن و الارتقاء بحقوقهن.
واختارت الجمعية خلال فعاليات اليوم ألأول من الأبواب المفتوحة ، تقديم تقييم للسياسات العمومية التي تنهجها الحكومة في مقاربة آفة العنف ضد النساء، مشيرة أن الحكومة وضعت عددا من الاستراتيجيات لكنها لم تتمكن من إبراز فعاليتها ونجاعتها ، بل أفادت الجمعية أن تقييمها لهذه السياسات جعلها تسجل وجود قصور يعمق هشاشة هذه الفئة ويجعلهن عرضة لمختلف أشكل العنف ، بسبب ضعف آليات الوقاية والرصد وضعف حماية الضحايا وفق خصوصيات الحالات وضعف التنسيق بين المتدخلين المباشرين في مسار التكفل بالنساء ضحايا العنف.
كما اختارت عضوات الجمعية التذكير بمطالب الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب فيما يتعلق بالتعديلات التي ينبغي إدخالها على القانون 103.13 الخاص بمناهضة العنف ضد النساء، معتبرات أن الواقع العملي أظهر الحاجة إلى إدخال تعديلات على هذا النص قانون الذي شكل حين وضعه خطوة في غاية ألأهمية، لكن العديد من النواقص أبان عنها مسار التنزيل، حيث أكدت عضوات الجمعية على ضرورة إعداد مراجعة لهذا النص قانون تأخذ بعين الاعتبار المعايير الأممية لمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي.
كما ذكرت الجمعية بمطالبها بشأن القانون الجنائي ، مشيرة أن هذا النص الذي تم الإعلان عن إصلاحه منذ أكثر من 10 سنوات، لازال ينتظر ، ليبقى بذلك التمييز العنوان الأبرز الذي تواجهه النساء والفتيات في مواجهة مقتضيات النص القانوني المعمول به حاليا.
ودعت الجمعية الحكومة، فيما يخص السياسات العمومية، إلى تجاوز مقاربة التحايل التي تمارسها اتجاه مقاربة النوع والتي يعد قانون المالية أحد أبرز أوجهها، حيث أن مشروع القانون المالية لسنة 2025، الذي أعلنت من خلاله الحكومة عن التسريع النوعي في تثبيت الأوراش الإصلاحية في شتى المجالات وتعزيز حكامتها دون أن تشير لمراعاة النوع الاجتماعي والذي يتم من خلال رصد مختلف فجواته أثناء تجميع وتصنيف البيانات المتعلقة بولوج النساء والفتيات إلى الخدمات العمومية والاعتراف بقيمة المساهمات النقدية التي تقوم بها النساء والفتيات في اقتصاد الرعاية والعمل الإنجابي.
هذا ورفعت الجمعية مجموعة من المطالب من ضمنها التسريع بتغيير القوانين التمييزية بصفة عامة ، خاصة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية ومدونة الأسرة بصفة خاصة، والعمل على تفعيل السياسات العمومية والاستراتيجيات والبرامج ذات الصلة بالقضاء على العنف ضد النساء ودعمها بميزانية مناسبة، مع استحضار تقاطع كل المداخل، بما يشمل الوقاية والحماية والزجر وجبر الضرر والتكفل بالضحايا ووضع آليات التتبع والتقييم ترابيا ووطنيا.
كما دعت الحكومة إلى العمل على مرافقة القوانين والتشريعات والسياسات العمومية بإرساء ثقافة المساواة والقضاء على الصور النمطية والأحكام الجاهزة عبر التربية والإعلام، والرهان على الاستقلالية الاقتصادية للنساء من خلال ضمان العمل اللائق والمشاركة في النشاط الاقتصادي .
فنن العفاني