صحافيون وخبراء مغاربة وإسبان يناقشون سبل إنجاح مونديال 2030

احتضنت مدينة تطوان، مؤخرا، فعاليات المؤتمر الـ40 لصحفيي الضفتين، تحت إشراف الجمعية المغربية للصحافة وفرع تطوان للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وجمعية صحفيي جبل طارق، والتي شارك فيها مجموعة من الصحافيين المغاربة والإسبان والخبراء والباحثين.
وتوخى المؤتمر الذي كان تحت شعار: “إعلام الضفتين قضايا مشتركة لإنجاح مونديال 2030″، تبادل النقاشات حول القضايا الراهنة ذات الاهتمام المشترك بين المغرب وإسبانيا، ومد جسور التواصل وإشعاع الثقافات وتبادل الحوار بين العاملين في القطاع الصحافي والأكاديمي والبحث العلمي.
ويشكل هذا المؤتمر الذي يمتد إلى 22 سنة من الانتظامية، منصة للتواصل بين الصحفيين والفئات المؤثرة من داخل المجتمع المغربي والإسباني، وكذلك إرساء دبلوماسية موازية فعالة على جميع المستويات.
وبهذه المناسبة، أكد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، عبد الكبير اخشيشن، في كلمة له أثناء المشاركة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر: “أن استمرار هذا المؤتمر والذي يجمع بين صحفيي الضفتين يعتبر علامة مهمة لنجاح الصداقة بين البلدين والممتدة بين الشعبين منذ الأزل”، مشيرا إلى أن التنظيم المشترك لمونديال 2030، “والذي أعتبره نتاج الصداقة التي جمعت بين الشعب المغربي والإسباني والبرتغالي، وهو ما يعني أن المملكة المغربية تجني ثمار التوجه نحو الضفة الشمالية من أجل خلق شركات وعلاقات”.
وذكر عبد الكبير أخشيشن، أن على المغرب الاستعداد لمحطة 2030 على مستوى تكوين الصحافيين، وإعداد العدة اللوجيستكية لمتابعة هذا الحدث الاستثنائي، “لأنه سيكون وجه المغرب أمام العالم، والصحافة والإعلام”.
من جهته، عبر رئيس جمعية صحفيي منطقة جبل طارق، خافيير مارتنيز، عن سعادة وارتياح الوفد الصحافي الإسباني من أجل المشاركة في المؤتمر لتجديد التواصل واللقاء بنظرائهم الصحفيين المغاربة، ومواصلة النقاش حول القضايا الراهنة والمشتركة بين البلدين، مؤكدا على أن الأجواء والظروف متاحة لإنجاح محطة مونديال 2030.

صحفيو الضفتين ببيت الصحافة

وعبر خافيير مارتنيز على متانة هذه العلاقات التي وقفت أمام كل التقلبات التي عرفها البلدان في بعض المراحل، حيث كان للإعلاميين المغاربة والإسبان الدور البارز في تقريب وجهات النظر بين البلدين، معلنا أنه وزملاؤه رهن إشارة المغرب والمغاربة، لتقديم أي خدمة فيما يتعلق بتنظيم مونديال 2030.
وتميز المؤتمر بتنظيم العديد من الورشات كورشة “الإعلام ودوره المحوري في إنجاح التقارب المشترك”، وورشة “أي إعلام لأي جمهور في أفق مونديال 2030″، إلى جانب تكريم، الإعلامي أنس الصوردو، الذي يعتبر من أبرز الوجوه الإعلامية المخضرمة في المجال الصحافي، نظرا للمجهودات التي قدمها في الإعلام الرياضي المحلي والجهوي.
ونظم المؤتمر زيارة لبيت الصحافة بمدينة طنجة، باعتباره لعب دورا بارزا في تعزيز التراث الثقافي والتبادل الحواري في المنطقة منذ افتتاحه سنة 2014.
وبُث خلال هذه الزيارة شريط عن تاريخ بيت الصحافة وعن الفعاليات التي احتضنها وعن السياسيين والباحثين والإعلاميين الذين تمت استضافتهم داخل أسواره، فبيت الصحافة هو المركز الحيوي للتواصل والتفاعل بين الصحافيين والمهتمين بالإعلام في المنطقة، ومن خلال استضافته لهذه الفعاليات الثقافية والإعلامية، فهو يساهم في إثراء الحوار والتفاعل بين مختلف شرائح المجتمع.

يوم الاختتام لفعاليات المؤتمر الدولي 40 لصحفيي الضفتين

وذكر الصحافيون والخبراء بالمؤتمر موقف اعتراف الحكومة الإسبانية بالقضية الأولى للمملكة المغربية، والذي وصف بالموقف “التاريخي”، فهذا الموقف ساهم في توطيد العلاقات المغربية الإسبانية والتي زادت متانة مع مرور الوقت، حيث في أقل من سنة استقبل المغرب أغلب المسؤولين عن الحقائب الوزارية الأكثر أهمية في الحكومة الإسبانية، مما ساهم في توقيع شراكات مهمة وفي وقت وجيز في قطاعات حيوية، كتدبير الهجرة والسياحة والبنيات التحتية والموارد المائية والبيئة، وكذلك الفلاحة والتكوين المهني والضمان الاجتماعي والنقل والحماية الصحية والبحث والتنمية.
كما تطرق المؤتمر إلى جانب الهجرة غير النظامية، والذي أكد الصحافيون في مداخلاتهم، أن المملكة المغربية تشكل حاجزا أمام الهجرة من دول الجنوب إلى الشمال، فالمغرب ظل في منظار الاتحاد الأوروبي بمثابة “الدركي” الذي يحمي الحدود الأوروبية من الهجرة غير النظامية والتهريب، حيث أوضحوا أن المغرب ينسج علاقته في ظل العمل على بناء جسور تواصل واتفاقيات ثنائية مع دول الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشراكة الإستراتيجية التي تجمع المملكة بالاتحاد الأوروبي ككتلة موحدة.
أما بخصوص استئناف العلاقات الإسبانية المغربية والتي تعتبر نقطة تحول حملت كثيرا من الآفاق التي تم الاتفاق عليها بمنطق الاحترام المتبادل بما يخدم مصالح وسلامة الطرفين. فالموقف الإيجابي الداعم للمغرب صرح الصحافيون الإسبان خلال المؤتمر، “له تأثير إقليمي لصالح المغرب داخل أروقة المنتظم الدولي، ويعد تطورا نوعيا يفيد المغرب من جهة في كسب رهان قضيته الوطنية الأولى، ويضعف الجبهة الانفصالية والأطراف الداعمة لها”.
وختم المؤتمر 40 لصحفيي الضفتين، في جو مفعم بالتآخي والمحبة، حيث دعا فيه المشاركون إلى تعزيز البنية القانونية لاستقلالية الإعلام المغربي وملاءمة القوانين المغربية في مجال الإعلام مع القوانين الأوروبية لتجويد الإعلام المغربي وتطويره ودور الإعلامي المغربي الإسباني في القضايا المهمة التي تهم المملكتين.
كما شدد إعلاميون وخبراء خلال الجلسة الختامية في فعاليات أشغال المؤتمر على توحيد الرؤية الإعلامية في الضفتين بما يخدم القضايا المشتركة في مختلف المجالات وتعزيزها.
وأبرز المشاركون أيضا أهمية تعزيز الاستثمارات في الإعلام الرقمي في الدول الثلاث (المغرب- إسبانيا- والبرتغال) المنظمة للتظاهرة العالمية التي سيعرفها العالم سنة 2030، كما سجل المنظمون في البيان الختامي تعزيز الإعلام الاستقصائي بما يخدم رهانات تنظيم المونديال 2030 والترويج له من خلال إنشاء لجنة مشتركة لتنسيق عمل الصحفيين في الضفتين، ودعت توصيات المؤتمر إلى رفع مستوى الوعي لدى الصحفيين من الدول الثلاث بأهمية كأس العالم والإرث الإعلامي الذي سيتركه وكذا تسهيل عمل الصحفيين في الضفتين من البلدان المضيفة قبل وأثناء كأس العالم 2030.
وعبر أيضا المشاركون في المؤتمر، الذي عقد بين 7 و10 نونبر 2024، من الصحفيين المغاربة والإسبان في البيان المشترك عن تضامنهم مع الصحفيين الفلسطينيين ومع ضحايا الفيضانات التي تعرض لها مؤخرا إقليم فالنسيا بإسبانيا.

*******

خافيير مارتنيز: الموقف التاريخي لإسبانيا بشأن الصحراء المغربية أعاد الدفء للعلاقة بين الرباط ومدريد

قال الصحافي الإسباني ورئيس جمعية جبل طارق خافيير مارتنيز: “إن العلاقات الإسبانية المغربية، زادت متانة وتوطيدا بعد اعتراف الحكومة الإسبانية بملف الصحراء المغربية، والذي أُطلق عليه الموقف التاريخي”، مشيرا إلى أن “الملك محمد السادس توصل برسالة لبيدرو سانشيز مفادها أن إسبانيا أيدت المقترح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء، ووضعت بهذا الاعتراف العلاقات في منحاها الصحيح وعلى سكتها الطبيعية، بعد أزمة دبلوماسية عمرت طويلا، وهذا ما زاد من توطيد العلاقة بين المغرب وإسبانيا”.
وأكد خافيير مارتينيز، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن “رسالة سانشيز فتحت الباب أمام زيارات متبادلة لمسؤولي البلدين ومباحثات مشتركة، ونذكر هنا زيارة رئيس الوزراء الإسباني والوفد المرافق له للمغرب، ولقائه بالملك محمد السادس بالقصر الملكي، بتاريخ 7 أبريل 2022، وبعد هذه الزيارة، تم انعقاد الدورة الثانية عشرة لاجتماع رفيع المستوى، المغرب-إسبانيا في 2 فبراير الماضي، بعد ثمانية سنوات على غيابه، فالعلاقات المغربية الإسبانية تزيد متانة، حسب ما ذكر العديد من الخبراء خلال مؤتمرنا، فأغلب الشراكات تم توقيعها في وقت وجيز تهم العديد من القطاعات الحيوية”.
أما بخصوص موضوع الهجرة غير النظامية والإرهاب والتطرف، وتأثيرهما على العلاقات المغربية الإسبانية، أوضح مارتينيز، أنه “لا تأثير لهما على العلاقات المغربية-الإسبانية، فالموقع الاستراتيجي للمغرب يعتبر حاجزا أمام الهجرة غير النظامية والتهريب أيضا، فحجم الدعم والخدمات التي يقدمها المغرب من خلال المعطيات التي سبق وعرضها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أتذكر أنه تم إجهاض أكثر من 14 ألف محاولة هجرة سرية على مدى 3 سنوات، وتم أيضا تفكيك أكثر من 8 آلاف خلية لتهريب البشر، وتبادل أكثر من 9 آلاف معلومة عن الهجرة السرية مع إسبانيا، تمثل هذه الأرقام حجم التنسيق الذي يتم بين البلدين، وطبيعة الدور الذي يقوم به في مكافحة الهجرة غير النظامية”.
وأكد رئيس جمعية جبل طارق، أنه بالرغم من توتر العلاقات التي كانت بين المغرب وإسبانيا، إلا أن التنسيق الأمني بين الرباط ومدريد في مجال الإرهاب العابر للدول لم يتأثر بالأزمة، نظرا للخطر الذي يمثله الإرهاب على استقرار الدول.
وجدد في تصريحه خبرة المغرب التي راكمتها مخابراته في مجال محاربة الإرهاب، والتي جعلته شريكا موثوقا، ليس لإسبانيا وحسب، بل لكل أوروبا التي يتقاسم معها معلومات دقيقة في هذا الشأن، وحصل هذا في أكثر من بلد أوروبي، ويقول مارتينز: “لقد سبقت أن قدمت المخابرات المغربية أشكالا متنوعة من الدعم والمساعدة، لذلك فإن إسبانيا وأوروبا تستحضران دائما هذا المعطى في تدبير علاقتهما بالمغرب الذي يشتغل بأساليب متنوعة في رصد الخلايا النائمة وتفكيكها، بحيث يبقى التواصل والتعاون بشأنها رغم تضارب المصالح أو حدوث أزمة أو توتر معين”.

***

مصطفى العباسي: حاول المؤتمر 40 لصحافيي الضفتين مناقشة سبل إنجاح التنظيم المشترك لمونديال 2030

كشف كاتب الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة، ورئيس الجمعية المغربية للصحافة مصطفى العباسي، أن “تنظيم المؤتمر 40 لصحافيي الضفتين، الذي كان تحت شعار: الإعلام ودوره في إنجاح التنظيم المشترك لمونديال 2030، حاول أن يساهم في التقارب الإعلامي بين المغرب وإسبانيا، حيث نرمي بهذه العلاقة أيضا إلى تعزيز أواصر التقارب بين البلدين في مختلف الميادين”.
ويرى مصطفى العباسي، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أنه “إذا استطعنا أن نمسح تلك الصور النمطية والأحكام المسبقة من الإعلام الإسباني، وملئ الفراغات التي يمكن أن يستغلها الطرف الآخر، فإننا سنكون قد قمنا بعمل هادف يرمي أساسا إلى تغيير تلك الصورة السلبية من مخيلة الإعلاميين الإسبان، وتعويضها بالصور الإيجابية، وهو ما نجحنا فيه على مدى سنوات من اللقاءات في مواضيع مختلفة وفق الأحداث التي تعرفها المنطقة”.
أما بخصوص توصيات المؤتمر، أفاد مصطفى العباسي، أن “العلاقات الإسبانية المغربية عرفت تقلبات عدة في السنوات الأخيرة، بين الجزر والمد والأزمة والانفراج، في سياق إقليمي معقد، إذ تشكل قضية الصحراء المغربية حجر الرحى بالنسبة للمغرب، لهذا دائما ما كانت تطرح القضية الوطنية الأولى كأساس ندعو من خلالها الصحفيين الإسبان إلى التعامل بموضوعية معها، وعدم السقوط في فخ ادعاءات البوليساريو ومن يجاريهم، وكانت المناسبة في عدة مرات للعمل على شرح الوضع بالنسبة لهم”.
ويقول رئيس الجمعية المغربية للصحافة: “اليوم ركزنا في توصياتنا على الموقف الرسمي الحكومي الإسباني من القضية الوطنية، عبر مساندة ودعم هذا الموقف الذي يرى في المقترح المغربي حلا حقيقيا وإنقاذا للمحتجزين في مخيمات تندوف، وكذلك، اهتمت التوصيات بشعار الدورة، الذي كان حول أي إعلام نريده لمونديال 2030، وركزنا على التكوين والتعاون بين صحفيي الضفتين، مغاربة، إسبان وبرتغاليين، بهدف إعداد صحفيين مختصين قادرين على مجاراة هذا الحدث العالمي”.
ويوضح مصطفى العباسي، أن هذه الدورة للمؤتمر الدولي “كانت مناسبة للحديث عن التخصص في الصحافة المغربية، خاصة الرياضية استعدادا لمونديال 2030 وبالتالي فالعمل على تنسيق الجهود والعمل، لأجل إنجاح هاته التظاهرة العالمية، من خلال استفادة الصحفيين من تكوين في اللغات، والرياضة، حتى يلعب الإعلام دور الوسيط في إنجاح المونديال والتسويق له”.

Top