عزّز الجيش السوري انتشاره في محيط مدينة حماة وسط سوريا، وفق ما أورد المرصد السوري لحقوق الانسان الأحد، بعد تقدم فصائل معارضة في شمال البلاد وسيطرتها على غالبية أحياء مدينة حلب، في إطار هجوم مباغت تعهد الرئيس بشار الأسد بـ”دحره”.
وبدأت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فكّ ارتباطها مع تنظيم القاعدة) مع فصائل معارضة أقل نفوذا، الأربعاء هجوما غير مسبوق ويعد الأعنف منذ سنوات في محافظة حلب، حيث تمكنت من التقدم بموازاة سيطرتها على عشرات البلدات والقرى في محافظتي إدلب (شمال غرب) وحماة (وسط) المجاورتين.
وأفاد المرصد عن أن “قوات النظام أعادت ترتيب مواقعها العسكرية وتثبيت نقاط جديدة على أطراف مدينة حماة، وأرسلت تعزيزات عسكرية كبيرة إلى بلدات استراتيجية” في الريف الشمالي للمحافظة.
وجاء ذلك، وفق مدير المرصد رامي عبدالرحمن، في “إطار منع أي محاولة تسلل أو دخول محتمل من قبل هيئة تحرير الشام والفصائل المعارضة”، غداة سيطرتها السبت على بلدات استراتيجية في ريف حماة الشمالي.
وأعلنت وزارة الدفاع السورية من جهتها أن وحدات الجيش العاملة في المنطقة أقدمت على “تعزيز خطوطها الدفاعية بمختلف الوسائط النارية والعناصر والعتاد، وتصدت للتنظيمات الإرهابية ومنعتها من تحقيق أي خرق”.
وأضافت “تمكنت قواتنا المسلحة من تأمين عدد من المناطق بعد طرد الإرهابيين منها، أهمها قلعة المضيق ومعردس حيث قضت على العشرات منهم ولاذ بقيتهم بالفرار”.
وفي الأثناء، قالت مصادر أمنية تركية اليوم الأحد إن الجيش الوطني السوري، وهو جماعة معارضة سورية مسلحة مدعومة من تركيا، منع محاولة من جماعات كردية لإقامة ممر يربط منطقة تل رفعت بشمال شرق سوريا.
وأضافت المصادر أن جماعات مسلحة كردية، من بينها حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية السورية، سعت لاستغلال انسحاب قوات الحكومة السورية من بعض المناطق في شمال البلاد كانت خاضعة لسيطرة قوات الأسد لتوسيع مناطق سيطرتها.
والمنطقة التي كانت سيقيم فيها مسلحون أكراد ممرا كانت ستربط مناطق في شمال شرق سوريا يسيطر عليها الأكراد بتل رفعت وهي منطقة استراتيجية تقع شمال غربي حلب.
وبدأت الفصائل المعارِضة التي تعد منطقة إدلب معقلها الرئيسي، منذ الأربعاء هجوما مباغتا في محافظة حلب، وخاضت اشتباكات مع قوات النظام، أوقعت عشرات القتلى، وفق المرصد.
وسيطرت الفصائل خلال اليومين الماضيين على غالبية أحياء حلب والمطار الدولي لثاني كبرى مدن سوريا، إضافة الى عشرات المدن والقرى في محافظتي إدلب وحماة “مع انسحاب قوات النظام منها”، وفق المرصد.
ومنذ بدء الهجوم، قُتل أكثر من 330 شخصا بينهم 44 مدنيا ومئة مقاتل من قوات النظام ومجموعات موالية له، وفق المصدر ذاته.
وأكد الأسد السبت أن بلاده “مستمرة في الدفاع عن استقرارها ووحدة أراضيها في وجه كل الإرهابيين وداعميهم” وذلك خلال اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الإماراتي الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان بحثا خلاله التطورات الأخيرة في سوريا وعددا من الملفات الإقليمية.
وقال بيان رئاسي سوري مساء السبت إن “الرئيس الأسد شدد خلال الاتصال على أن سوريا مستمرة في الدفاع عن استقرارها ووحدة أراضيها في وجه كل الإرهابيين وداعميهم”.
وأضاف إنها “قادرة وبمساعدة حلفائها وأصدقائها على دحرهم والقضاء عليهم مهما اشتدت هجماتهم الإرهابية”.
ومن جانبه أكد الشيخ محمد بن زايد خلال الاتصال على وقوف بلاده مع الدولة السورية ودعمها في محاربة الإرهاب وبسط سيادتها ووحدة أراضيها واستقرارها.
من جانب آخر، بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع رئيس السوري، آخر التطورات التي تشهدها سوريا.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي في بيان السبت، أن السوداني بحث مع الرئيس السوري في اتصال هاتفي بينهما، تطورات الأوضاع الجارية في سوريا، بالإضافة إلى المستجدات في المنطقة.
وبحسب البيان، فقد أكد السوداني أن “أمن سوريا واستقرارها يرتبطان بالأمن القومي للعراق، ويؤثران في الأمن الإقليمي عموما، ومساعي ترسيخ الاستقرار في الشرق الأوسط”.
ويأتي الاتصال على خلفية تطورات متسارعة تشهدها الساحة السورية المجاورة للعراق إثر تقدم ميداني كبير لقوات المعارضة، لا سيما في محافظة حلب، وسط مخاوف من أن يصبح العراق قطعة لدومينو التالية في مسلسل انهيارات حلفاء إيران، مع تصاعد دعوات صادرة عن قادة في فصائل تنشط ضمن الحشد الشعبي تدعو إلى النفير والالتحاق بسوريا لهزيمة المعارضة السورية.
ويعول الأسد على دور روسي فعال في إفشال هجمات المعارضة، حيث لم تعد إيران تمتلك وجودا عسكريا فعالا في سوريا بعد الضربات الإسرائيلية النوعية التي طالت أبرز كوادر الحرس الثوري والضربات التي طالت تمركزات حزب الله.
وقالت الولايات المتحدة السبت إن الأسد فقد السيطرة على حلب بسبب اعتماده على روسيا وإيران.
وصرح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي شون سافيت في بيان بأن “اعتماد سوريا على روسيا وإيران”، إلى جانب رفضها المضي قدما في عملية السلام التي حددها مجلس الأمن الدولي عام 2015، قد “أوجدا الظروف التي تتكشف الآن”.
وأضاف “في الوقت نفسه، فإن الولايات المتحدة لا علاقة لها بهذا الهجوم الذي تقوده هيئة تحرير الشام، وهي منظمة مصنفة إرهابية”.
والحرب، التي أودت بحياة مئات الآلاف وشردت الملايين، مستمرة منذ عام 2011 دون أن تنتهي رسميا، رغم توقف معظم المعارك الرئيسية منذ سنوات بعد أن ساعدت إيران وروسيا حكومة الأسد في السيطرة على معظم الأراضي وجميع المدن الكبرى.
وكانت الحكومة تحكم قبضتها على حلب منذ انتصارها هناك عام 2016، عندما حاصرت قوات سورية مدعومة من روسيا المناطق الشرقية التي كانت تسيطر عليها المعارضة وقصفتها.
وأعربت ثلاث دول منخرطة بالنزاع السوري، روسيا وإيران حليفتا الأسد، وتركيا الداعمة للفصائل المعارضة، عن قلقها إزاء “التطور الخطير” في سوريا.
وأعلنت طهران أن وزير خارجيتها عباس عراقجي سيزور دمشق الأحد “لإجراء محادثات مع السلطات السورية”، قبل التوجه إلى تركيا لعقد “مشاورات حول القضايا الإقليمية، وخصوصا التطورات الأخيرة”.
وقال عراقجي في تصريحات أوردتها وكالة الانباء الرسمية (إرنا) “سأتوجه الى دمشق لأنقل رسالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الى الحكومة السورية”، وفحواها أن طهران “ستدعم بشكل حازم الحكومة والجيش السوريين”.
وقال الجيش السوري، مساء السبت، إن قواته تتصدى لهجوم الفصائل المسلحة في عدة مناطق بشمال غرب البلاد، مشيراً إلى أنه سيتم قريباً الانتقال إلى الهجوم المعاكس لاستعادة جميع المناطق وتحريرها من هذه الفصائل.
وقالت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، في بيان “ما زالت التنظيمات المسلحة تواصل عبر كافة منصاتها بث الأخبار الكاذبة في سياق حرب إعلامية منسّقة تستهدف التأثير في معنويات شعبنا وجيشنا الباسل، مستغلةً الأحداثَ الميدانية الأخيرة التي وقعت في مدينة حلب”.
ونفت وزارة الدفاع السورية، السبت، ما تردد من أنباء بشأن انسحاب الجيش السوري من حماة.
وبعد أن توعد الجيش بشن هجوم مضاد، ذكرت صحيفة الوطن المؤيدة للحكومة أن غارات جوية استهدفت تجمعات لمقاتلي المعارضة وقوافلهم في المدينة. وقال أحد السكان لرويترز إن غارة تسببت في خسائر بشرية في دوار الباسل بحلب.
وقال المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة في سوريا، الذي تديره الدولة، إن ضربات بالصواريخ والقنابل استهدفت “تجمعات للمسلحين ومراكز قيادة ومستودعات ومواقع مدفعية” في محافظتي حلب وإدلب.
وأضاف أن نحو 300 مقاتل من المعارضة سقطوا قتلى في الهجمات.
وفي الوقت نفسه، أفادت وسائل إعلام سورية بشن غارات عنيفة للطيران السوري والروسي تستهدف خطوط إمداد مسلحي هيئة تحرير الشام في محيط سهل الغاب بريف حماة.
وكانت إدارة العمليات العسكرية التابعة للفصائل المسلحة قد أعلنت أن الفصائل سيطرت على حلب ومحافظة إدلب بالكامل وقطعت الطريق بين حلب والرقة.
كما أعلن تلفزيون سوريا الموالي لفصائل المعارضة سيطرة المسلحين على مدينك مورك الإستراتيجية شمالي حماة.
لكن وكالة الأنباء السورية نقلت عن بيان لمركز التنسيق الروسي في سوريا القول إن الجيش السوري يواصل صد هجمات الفصائل المسلحة بمساعدة القوات الجوية الروسية.
ونقلت الوزارة عبر صفحتها على فيسبوك، عن مصدر عسكري لم تسمه، قوله “نؤكد أن وحدات قواتنا المسلحة تتمركز في مواقعها في الريف الشمالي والشرقي لمحافظة حماة، وهي على استعداد كامل لصد أي هجوم إرهابي محتمل، كما يقوم الطيران الحربي السوري والروسي الصديق باستهداف تجمعات الإرهابيين وتحركاتهم وخطوط إمدادهم”.