خطوة هامة إلى الأمام

أخيرا خرج إلى النور القانون رقم 06-34 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل الخاصة بالعمال المنزليين، والذي صادق مجلس الحكومة على مشروعه يوم الأربعاء، مؤسسا بذلك لمرحلة جديدة في معركتنا الجماعية ضد استغلال الخادمات والاعتداءات المتكررة عليهن.
ومن أبرز مقتضيات النص القانوني الجديد، هناك منع وتجريم تشغيل الطفلات أقل من 15 سنة كخادمات في البيوت، وإقرار عقوبات زجرية بالنسبة للمشغلين والوسطاء الذين ثبت في حقهم استغلال هؤلاء الأطفال الذين يفترض أن يكون مكانهم الطبيعي هو المدرسة.
وينظم النص المشار إليه أيضا العمل بالنسبة للفئة من 15 إلى 18 سنة طبقا للمواثيق الدولية والتزامات المغرب في هذا المجال، وخاصة خطة العمل الوطنية للطفولة.
إن إقرار هذا القانون يعتبر فعلا خطوة تاريخية أقدم عليها المغرب، وطالما نادت بها الجمعيات التربوية والحقوقية والفاعلون الديمقراطيون، خصوصا عقب الكثير من المآسي التي مست عددا من الطفلات الخادمات وتناقلت أخبارها وسائل الإعلام، ومن شأن هذه الخطوة المتقدمة التأسيس لتفعيل إستراتيجية وطنية تروم إلغاء هذه الظاهرة، وأيضا وضع حد لكثير من الجرائم والمآسي التي ساهم الفراغ القانوني في انتشارها وتعددها.
وفي انتظار بلورة آليات مؤسساتية وتنظيمية تضمن حسن تطبيق أحكام القانون، فإن أهمية الغايات ونبل الأهداف، يحتمان اليوم تفعيل برامج للتوعية والتحسيس، والحرص على تنفيذ القانون على أرض الواقع، وتوفير وسائل العمل والتدخل من أجل تمتيع هذه الفئة من الأطفال بالحماية والمواكبة والإنقاذ وإعادة الإدماج، علاوة على ضرورة إشراك منظمات المجتمع المدني ذات الاختصاص والمصداقية في مختلف مسلسلات التفكير والتنفيذ، وتدريب الفاعلين الاجتماعيين وموظفي الدولة وباقي المتدخلين لإنجاح كل إجراءات وبرامج التدخل والمساعدة والوقاية…
وبقدر ما أن إصدار القانون يمثل اليوم تحولا نوعيا وتقدما واضحا في هذا المجال، فإن التعبئة يجب أن تشمل الكل وتركز اليوم على التطبيق المستعجل والناجع لمقتضياته، بالإضافة إلى إشعاعه والتحسيس به، والمساهمة، بالتالي، في تطوير ثقافة المجتمع بشأن هذه الظاهرة.
في السياق نفسه، لا بد من تحصين هذه الخطوة بكل شروط النجاح، حتى لا تتكرر لدينا بعض تجليات الارتباك في التنفيذ، كما حصل مع مدونة الأسرة.
اليوم، يحفزنا هذا التقدم النوعي كذلك على استحضار حاجة بلادنا إلى تعاطي شمولي مع مختلف قضايا طفولتنا، ضمن مقاربة ترتكز على مواثيق حقوق الإنسان، وحقوق الطفل، وبما يجعل بلدنا جديرا بأطفاله حقا.
[email protected]

Top