محاربة الغش في الامتحان

حضر هذا العام بقوة موضوع محاربة الغش في امتحانات الباكالوريا، وشكل محور حديث الكثيرين، وهذا في حد ذاته مهم، ويجب تعزيزه بما يحوله إلى تعبئة جماعية من أجل إيجاد محيط داعم ومساهم في الحد من الظاهرة.
المعاينة المشار إليها لا شك أنها نتاج الإجراءات التي أعلنت عنها هذه السنة وزارة التربية الوطنية، بالإضافة إلى الدينامية التواصلية التي برزت خلال أيام الامتحان، وهو ما يجب أن يتكرس في المواسم المقبلة، ويتم تطويره، وتجاوز ما بدا فيه من اختلالات.
فعلا، رغم الإجراءات المعلنة، ورغم بعض القرارات الزجرية، فإن حالات الغش وجدت، بل إن الأرقام كانت أكثر نسبيا من العام الماضي، لكن مع ذلك، فإن الجهد الذي بذلته الوزارة الوصية يستحق التثمين، وأيضا الاستمرارية والتطوير.
إن محاربة الغش في الامتحان، هي مسألة ثقافية وتربوية أولا، وهنا الجميع معني، بدء بالتلاميذ أنفسهم، وأسرهم، وأيضا الطاقم التربوي والإداري في المؤسسات التعليمية، كما أن توفير الأمن والحماية لأطر الحراسة التربوية والإدارية خلال أيام الامتحان مسألة جوهرية في هذه المنظومة.
واضح إذن أن المقاربة المطلوبة اليوم لمواجهة ظاهرة الغش في الامتحان يجب أن تكون شمولية ومندمجة، وترتكز على الإجراءات الزجرية والإدارية، وأيضا على الجوانب التربوية والتحسيسية طيلة السنة الدراسية، ومن خلال تعبئة الأسر، وجمعيات الآباء والهيئة التربوية والإدارية في المؤسسات، بالإضافة إلى أهمية العمل على المحيط القريب من مراكز الامتحان، أي محلات الاستنساخ، والمرابطين حول أسوار الثانويات، وتقوية التغطية الأمنية الموجهة لحماية المدرسين المكلفين بالحراسة…
هذه السنة، أقدمت الوزارة الوصية على منع إدخال أجهزة الاتصال إلى فضاءات الامتحان، وتجريم من ثبتت مخالفته لهذا القرار، لكن مع ذلك تمكن البعض من إدخالها، وهو الأمر الذي لا يجب أن يكون ذريعة للتراجع مستقبلا عن مثل هذا الإجراء، بل يجب التفكير من الآن في الموارد الضرورية قصد الاعتماد على أجهزة للتشويش على وسائل الاتصال بداخل مراكز الامتحان وفي محيطها، كما يجب الانكباب من الآن على تفعيل مخططات تنسيقية بين وزارة التربية الوطنية والمصالح الأمنية، بغاية توفير الحماية والأمن للأطقم التربوية والإدارية، ليس فقط أثناء فترة الامتحانات، بل طيلة الموسم الدراسي، خصوصا أمام تنامي ظاهرة العنف ضدهم، والاعتداءات التي يتعرضون لها باستمرار.
إن ترك ظاهرة الغش في امتحانات الباكالوريا تستفحل، يهدد سمعة الشهادة الوطنية، ومن شأن ذلك أن يؤثر على الطلبة المغاربة الذين يختارون متابعة الدراسة خارج المغرب، كما أن جعل الغش يتحول إلى سلوك عادي لدى التلاميذ، من شأنه ترسيخ ثقافة خطيرة وسط فئات واسعة من شبابنا تمتد إلى مجالات أخرى في الحياة وفي المجتمع، ولهذا، فإن المسؤولية جماعية لمحاربة الظاهرة، ومن أجل تربية شبابنا على قيم العمل والمجهود والنزاهة.
[email protected]

Top