الحكومة توقع شراكات مع رجال الأعمال لفك لغز عزوف المقاولات الصناعية عن ولوج البورصة

شكلت فعاليات الندوة التي نظمتها وزارة الصناعة والتجارة بشراكة مع بورصة الدار البيضاء صبيحة يوم الجمعة المنصرم، بالرباط، حول موضوع “البورصة وقطاع الصناعات الغذائية المغربيين ومستقبل للنمو والتوسع”، نداء للفاعلين في قطاع الصناعات الغذائية لدخول البورصة بالنظر لما يوفره ذلك من مزايا على رأسها الحصول على التمويل وفتح مجالات التطور والتوسع، وتشجيع الفاعلين الاقتصاديين.
وقدم مجموعة من كبار رجال الأعمال المغاربة، في هذه الندوة التي شهدت مشاركة كل من نزهة حيات، رئيسة الهيئة المغربية لسوق الرساميل، وطارق الصنهاجي، المدير العام لبورصة الدار البيضاء، وشكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وإبراهيم بنجلون التويمي، رئيس المجلس الإداري لبورصة الدار البيضاء، وعبد المنعم العلج، رئيس الفدرالية الوطنية للصناعات الغذائية، وحسن السنتيسي الإدريسي، رئيس الفدرالية الوطنية لصناعات تحويل وتثمين منتوجات الصيد البحري، شهادات عن تجاربهم في المجال وما تمكنوا من قطفه خلال هذا المسار الذي كان ينظر إليه بالكثير من التخوف و القلق ويحسبه البعض أنه خطوة غير محسوبة العواقب.
ويبدو من خلال هذه الندوة أن الحكومة تدفع في اتجاه خلق دينامية جديدة داخل بورصة الدار البيضاء وتحسيس رجال الأعمال وتبديد مخاوفهم والقلق الذي يراودهم اتجاه تخطي عتبة البورصة خوفا من أن لا يتمكنوا من تحقيق نتائج إيجابية ألا وهي تحقيق الربح بل والصمود في السوق.
وبادر وزير الصناعة والتجارة رياض مزور في كلمة ألقاها في افتتاح هذا اللقاء، إلى بعث رسائل تعبئة إلى الفاعلين الاقتصاديين لحثهم على دخول سوق المال ممثلا في بورصة الدارالبيضاء، مشيرا إلى قلة استعمال هذه الآلية التمويلية القوية، قائلا “إن التمويل عبر البورصة يعد أداة قوية في متناول المقاولات الصناعية الراغبة في تطوير وابتكار واعتماد تكنولوجيات جديدة أو تحسين مردوديتها، معتبرا أن تمويل الصناعة الوطنية من خلال البورصة يدعم نمو القطاعات الاستراتيجية، ويحفز ازدهار صناعات جديدة، بل يشكل قيمة مضافة كما يساهم في توفير مناصب الشغل”.
وأكد المسؤول الحكومي، عقب توقيع بروتوكولي شراكة استراتيجية، الأول بين الدولة والبورصة والقطاع الخاص لتحفيز تمويل المقاولات الصناعية المغربية من خلال البورصة، حيث جمع بين وزارة الصناعة والتجارة والاتحاد العام لمقاولات المغرب و الهيئة المغربية لسوق الرساميل، وبورصة الدار البيضاء، “على أن إنشاء هذه الشراكة الاستراتيجية يتيح اجتياز مرحلة جديدة في تجسيد الرؤية الصناعية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ويعكس مدى أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص لدعم اقتصاد وطني نشيط وفعال”.
فيما البروتوكول الثاني جمع بين بورصة الدار البيضاء والفدرالية الوطنية للصناعات الغذائية، والفدرالية الوطنية لصناعات تحويل وتثمين منتوجات الصيد البحري،وهو يسعى إلى تمكين المقاولات الصناعية من الاستفادة من آليات التمويل المتاحة، مما يعزز تنافسيتها ويساهم في تحقيق الأمن الغذائي الوطني.
ومن جانبها، نبهت نزهة حيات، رئيسة الهيئة المغربية لسوق الرساميل، إلى أهمية دخول سوق البورصة بالنسبة للمقاولات، ملفتة إلى أن عدد الشركات التي دخلت البورصة لا يتعدى عددها 80 وحدة، مشيرة إلى عدد من العوامل العوائق التي ينبغي معالجتها على هذا المسار، على رأسها تسريع رقمنة الإدارة التي أصحبت ضرورة ملحة والتعبئة وسط الفاعلين الاقتصاديين وفي هذه الحالة وسط الفاعلين في قطاع الصناعات الغذائية .
ومن جهته، حرص طارق الصنهاجي، المدير العام لبورصة الدار البيضاء، في كلمته على إبراز الدور الاستراتيجي الذي تضطلع به كركيزة لتمويل الاقتصاد المغربي، مشيرا أنها تعكس الديناميكية الحالية للسوق، التي تتجسد في أدائها المتميز.
وأبدى المدير العام منسوبا عاليا من الثقة اتجاه البروتوكول الذي تم توقيعه حيث ستستفيد من دعم مؤسساتي قوي، بما يعزز التعاون مع الصناعة المغربية من خلال تزويدها بجميع الأدوات اللازمة لمواكبة المزيد من المقاولات في عمليات إدراجها في البورصة وتمكينها من الاستفادة الكاملة من المزايا العديدة المتاحة”.
أما شكيب العلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب ، فقد وجه نداء لتعبئة الشركات على الدخول لسوق المال ممثلا في البورصة، قائلا” من الضروري على الشركات أيا كان حجمها للدخول للبورصة، على عكس ما يعتقد، البورصة ليست حكرا على الشركات الكبرى، بل تعد محركا أساسيا لنمو المقاولات الصغرى والمتوسطة، حيث تعزز حوكمتها وتهيئها لعمليات انتقال مستقبلية محتملة”.
وأفاد أن بالنسبة لدخول البورصة، أن التجربة أظهرت بشكل جلي أن الشركات، لا سيما المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تلجأ إلى البورصة، تحقق نموا سنويا متوسطًا بنسبة 11 في المائة في رقم معاملاتها، ملفتا أن شركات الصناعات الغذائية تعد مرشحة مثالية للإدراج في البورصة، مما سيساهم في تسريع نمو هذا القطاع الاستراتيجي.
وأعلن شكيب لعلج، أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب منخرط في دينامية تعزيز دور البورصة كركيزة أساسية لنمو الاقتصاد الوطني، وكشف في هذا الصدد عن خارطة الطريق الطموحة التي أعدها في هذا الصدد بشراكة مع بورصة الدار البيضاء وبدعم من الهيئة المغربية لسوق الرساميل، مؤكدا على الأهمية التي تكتسيها اتفاقيات الشراكة التي تم توقيعها وذلك على مستوى مواكبة تطوير العهد الجديد للصناعة المغربية.
ومن جانبه، لفت حسن السنتيسي الإدريسي، رئيس الفدرالية الوطنية لصناعات تحويل وتثمين منتوجات الصيد البحري، إلى ضرورة استغلال الفرص التي تقدمها سوق المال، ممثلة في بورصة البيضاء، خاصة والأمر يتعلق بقطاع استراتيجي، وأكد في الوقت ذاته على ضرورة العمل لتجاوز العديد من العراقيل من بينها تقادم أسطول السفن المخصصة للصيد، وذلك عبر العمل على تجديدها ، فضلا على التقليص من الكلفة الطاقية ودعم استهلاك المواد الغذائية ذات المصدر البحري على المستوى الداخلي.
ومن أقوى اللحظات التي شهدتها هذه الندوة الشهادات التي قدمها مدراء المقاولات المدرجة في بورصة الدار البيضاء، مثل Mutandis و Cosumar وDari Couspate وCartier Saada ، بشأن تجاربهم ورؤيتهم للخيار الاستراتيجي الخاص بالتمويل من خلال البورصة لدعم نموهم، حيث تناول الكلمة كل من عادل الدويري الذي أبرز المكاسب التي حققتها المجموعة التي أسسها واستهدف منذ البداية دخول البورصة، حيث كان العائد المالي مضاعفا بفضل هذه الخطوة، توسعت عبره المجموعة وتمكنت من جلب مستثمرين أجانب والتمدد خارج المغرب.
كما قدم حسن منير المدير العام لمجموعة كوسومار، الإيجابيات الكبرى لدخول الشركات للبورصة، وقدم نتائج هذه العملية بالنسبة لمجموعته التي تعد من كبريات الشركات على المستوى الوطني، حيث تتواجد بالبورصة منذ أربعين سنة واستفادت بشكل جيد من تمويل المساهمين مما مكنها من تحقيق عديد أهداف أبرزها تحقيق رقم معاملات جد مهم، وتشغيل يد عاملة كبيرة، فضلا عن التوسع خارج المغرب عبر عمليات التصدير.
فيما أظهر حسن خليل المدير العام لشركة داري، تجربة المؤسسة التي تمتلكها عائلته، والتي دخلت البورصة بمبادرة من الأب الذي عمل على تبديد المخاوف التي كان يثيره أبناؤه وشركاؤه في تسيير المؤسسة حيال دخول سوق المال، مشيرا أن ذلك كان له وقع كبير من حيث توسيع نشاط الشركة وتمددها خارج المغرب بشكل سلسل دون أي عوائق تذكر، مشيرا إلى القيمة المضافة التي تشكلها وصف “التواجد بالبورصة بالنسبة للشركة”، من حيث حيازة منسوب عال من الثقة والمصداقية والشفافية، خاصة بالنسبة للمستثمرين الأجانب الذين يرغبون في ضخ أموالهم بالمساهمة في شركات مغربية.
أما هشام مزيان المدير العام المساعد لمجموعة كارتييه السعادة، أبرز أن قرار دخول بورصة الدار البيضاء كان سنة 2006 ، وأن هذا القرار منذ حينها كان له وقع هائل على رقم معاملات الشركة الذي ارتفع من 60 مليون درهم ليتجاوز حاليا 250 مليون درهم، حيث توسعت الشركة عبر تصدير منتوجاتها إلى أكثر من 30 جولة عبر العالم، حاثا الشراكات على دخول عالم سوق بورصة الدار البيضاء للاستفادة من التمويل الذي تخوله والوقع الإيجابي لهذه العملية على المقاولة في سعيها نحو تحقيق أهدافها.

< فنن العفاني

Top