تعتزم مجموعة من النقابات في المغرب خوض إضراب وطني عام، في غضون هذا الأسبوع، للدفاع عن حقوق العمال المشروعة والتي من بينها رفض مشروع قانون الإضراب بصيغته الحالية والمطالبة بالحد من تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، ودعت هذه الهيئات، كافة الأجراء والموظفين وعموم الجماهير الشعبية إلى الانخراط القوي والفعال في هذه المحطة النضالية دفاعا عن حقوقهم ومكتسباتهم.
في هذا السياق، أعلن الاتحاد المغربي للشغل، عن قراره خوض إضراب وطني، يوم غد الأربعاء وبعد غد الخميس، من شأنه أن يشل مختلف القطاعات العامة والخاصة على الصعيد الوطني.
وكان المجلس الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، سباقا لإعلان الإضراب، إذ دعا، بدوره، كافة مناضلاته ومناضليه، لنفس الخطوة و لمدة 24 ساعة يوم غد الأربعاء.
إلى ذلك، انضمت المنظمة الديمقراطية للشغل، و”جبهة الدفاع عن ممارسة حق الإضراب” إذ دعتا بدورهما إلى الامتناع عن العمل يوم غد الأربعاء، وأهابتا بجميع الفعاليات النقابية والمهنية والحقوقية المناضلة إلى المشاركة المكثفة في هذا الإضراب العام الوطني .
ويأتي هذا الإضراب، وفق الهيئات النقابية المذكورة، احتجاجا على السياسات الحكومية التي تم وصفها بـ” اللاشعبية”، وتنديدا باستمرار موجة الغلاء وصمت الحكومة، وتجميد الحوار الاجتماعي الوطني لدورتين متتاليتين، وكذا تمرير مشروع القانون التنظيمي لحق الإضراب بأساليب ملتوية.
هذا، وقد عبر الاتحاد المغربي للشغل، في هذا المضمار، عن استنكاره استمرار اصطفاف الحكومة إلى جانب أرباب العمل، والهجوم على الحريات النقابية، وعلى الخدمات العمومية مثل التعليم والصحة، واستنكر تهميش الشباب العاطل عن العمل، وحمل الحكومة مسؤولية الاحتقان الاجتماعي وتبعات تهديد السلم الاجتماعي
في المقابل، دعا المصدر نفسه، إلى تعليق المناقشة والتصويت على مشروع القانون التنظيمي لحق الإضراب المبرمج خلال الجلسة العامة بمجلس المستشارين (أمس الاثنين 3 فبراير الجاري)، مستحضرا المهزلة التي عرفتها مناقشة التعديلات باللجنة المختصة. كما طالب بفتح مفاوضات عاجلة وجدية ومسؤولة حول هذا القانون المجتمعي الهام.
كما طالب نفس المصدر الحكومة بفتح حوار اجتماعي حقيقي ومسؤول يفضي إلى تعاقدات ملزمة وحقيقية تستجيب لانتظارات الطبقة العاملة فيما يخص الزيادة في الأجور والمعاشات، واحترام التزاماتها الموقعة من طرف رئيس الحكومة والحركة النقابية وأرباب العمل في هذا الصدد، ووضع حد لالتهاب الأسعار، وتسقيف الأثمنة، والحد من المضاربات حفاظا على القدرة الشرائية للأجراء وعموم المواطنين.
من جانبها، نددت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بإصرار الحكومة على تعطيل الحوار الاجتماعي وعدم الوفاء بالتزاماتها الواردة في اتفاقي 30 أبريل 2022 و30 أبريل 2024، إضافة إلى استمرار ارتفاع الأسعار وتفاقم الأزمة المعيشية، وهو ما أدى إلى تدهور القدرة الشرائية واتساع دائرة الفقر والهشاشة الاجتماعية.
وعبرت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عن رفضها للمحاولات الرامية إلى الإجهاز على الحق الدستوري في ممارسة الإضراب من خلال مشروع قانون تكبيلي يتعارض مع المواثيق الدولية، إضافة إلى معارضة دمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي(CNSS)، لما يشكله من تهديد لحقوق المؤمنين.
كما عبر المصدر عينه، عن عدم قبوله بالمس بمكتسبات الأجراء والمتقاعدين من خلال مشروع إصلاح أنظمة التقاعد، منددا في الوقت نفسه، بـالهجوم الممنهج على الحريات النقابية عبر التضييق والطرد، مطالبا، الحكومة بـاحترام مأسسة الحوار الاجتماعي وتنفيذ التزاماتها تجاه الشغيلة.
وفي نفس الخضم، أكدت المنظمة الديمقراطية للشغل أن ممارسة الإضراب يعد حقا دستوريا لا يمكن تجريمه أو تدبيره بمنطق استبدادي، مبرزة، أنه حق غير قابل للتنازل أو التقليص تحت أي ظرف، داعية في هذا السياق، الحكومة إلى الانخراط الجاد في الحوار الاجتماعي وفتح قنوات التشاور مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين، بما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية وحماية حقوق العمال والموظفين والمهنيين في إطار حوار اجتماعي مؤسساتي.
وعبرت نفس النقابة، عن استنكارها للتهميش والإقصاء من الحوار واللقاءات التشاورية التي كان من المفترض أن تساهم في صياغة نسخة توافقية لقانون الإضراب، تضمن توازنا بين الحق في الإضراب والحق في العمل للجميع دون شروط غير دستورية.
من جانبها، عبرت “جبهة الدفاع عن ممارسة حق الإضراب”، في هذا السياق، عن رفضها المس بحق العمال في الاحتجاج السلمي، موضحة أن تمرير قانون الإضراب بصيغته الحالية يعد انتهاكا صارخا للدستور والاتفاقيات الدولية، مما يستوجب تصعيد النضال من أجل إسقاطه أو تعديله.
هذا، وقد ونبهت النقابات المذكورة إلى أن قرار الإضراب الوطني العام يومي الأربعاء 5 فبراير والخميس 6 فبراير الجاري، ما هو إلا مرحلة من مسلسل محطات نضالية أخرى قادمة في ظل تقاعس الحكومة عن تحمل مسؤولياتها، وتعنتها بعدم الاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة للطبقة العاملة.
< سعيد ايت اومزيد