الطيب حمضي يحذر من استفحال وباء بوحمرون بعد العطلة المدرسية

دعا الطيب حمضي وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى إجراء تحقيقات ومراجعات بشأن ما يتم الحديث عنه من تراجع في معدلات تلقيح الأطفال ضد الحصبة، والذي اعتبر سببا مباشرا في الأزمة الصحية الحالية ببلادنا.
واعتبر الطبيب والباحث في السياسات الصحية، ضمن ورقة تحليلية توصلت بيان اليوم بنسخة منها، أن الوزارة بحاجة ماسة إلى البحث عن أسباب التراخي المسجل في مراقبة أمراض الطفولة، ومستويات التطعيم، وتوفير اللقاحات، وكذا تردد الأسر في تلقيح أطفالها، خلال السنوات القليلة الماضية، مؤكدا أن تأثير جائحة كوفيد 19 من ناحية، ورفض التلقيح من ناحية أخرى، رغم كونه حقيقيا، إلا أنه لا يفسر وحده كل هذا الانخفاض في مستويات التلقيح.
وتشير أرقام وزارة الصحة أن معدلات التلقيح قد تراجعت لتصل إلى 60 في المائة في بعض المناطق، و70 إلى 80 في المائة في مناطق أخرى، وذلك بعد أن كانت لا تقل عن 95 في المائة قبل سنوات مما بوأ المغرب آنذاك مكانة رائدة وخوله إشادة عالمية في محاربة والقضاء على الأوبئة والأمراض المعدية.
وأكد حمضي على أهمية دراسة مدى ارتباط التراجع الملحوظ في معدلات التلقيح بأسباب متعددة، ذكر منها أساسا التراخي في تقديم التطعيمات من جانب المراكز والمصالح المعنية والعاملين في المجال الصحي، ونقص الموارد البشرية، والإضرابات المتكررة والتوقفات عن العمل، وانعدام التحفيزات لدى المهنيين. وأشار أن فهم حيثيات كل هذه العوامل المتداخلة وغيرها، من شأنه أن يساعد في العمل على تصحيح الوضع، ومنع تكرار ما يحدث حاليا.
وتساءل حمضي كذلك عن أسباب تراجع المراقبة الوبائية والتواصل الصحي حول أمراض الطفولة وحول انخفاض معدلات التلقيح على المستويين الجهوي والوطني، مما سمح بظهور حالات الحصبة على نطاق واسع دون اكتشاف عودتها في الوقت المناسب، وهو الأمر الذي تتحمل فيه السلطات الصحية مسؤولية مباشرة.
وحث حضي أيضا على دراسة عاجلة وعميقة لأسباب تردد الأسر في تطعيم أطفالها، وذلك في أفق تحسين التواصل و المعلومات والتوعية وإنجاح حملات التلقيح الاستدراكية واستئناف التلقيح واستدامته.
من جهة أخرى، حذر حمضي من أن استئناف الدراسة بعد العطلة المدرسية سيعمل على إحياء وباء الحصبة. فبعد حوالي عشرة أيام من المدارس الفارغة، سوف يتباطأ الوباء لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، قبل أن يستأنف نشاطه بسبب انخفاض مستوى المناعة الجماعية. حسب حمضي، فإن الاختلاط الاجتماعي الناتج عن السفر والرحلات والاجتماعات العائلية خلال العطلة المدرسية سيجعل المرض يكتسب قوة أكبر. علما، يقول الطبيب، أن تلاميذ المدارس يساهمون في نقل المرض إلى أسرهم وإلى مجموعات أخرى من السكان.
وأضاف أن تفشي وباء الحصبة يشكل خطرا ليس فقط على الحياة المدرسية، بل على الحياة الاجتماعية والاقتصادية، والصحة العمومية وحياة الساكنة، كما ينذر بخطر ظهور أمراض طفولية أخرى، مما يحتم التعجيل باتخاذ الإجراءات الضرورية لمحاصرة هذا الوضع المقلق.
وفي هذا السياق، أكد حمضي أن الإجراءات المتخذة على مستوى المدرسة “مهمة وضرورية وجوهرية وحيوية”، ولكنها لا تزال “غير كافية”، بحيث تبرز الحاجة خصوصا إلى تنفيذ حملات تطعيم استدراكية لجميع التلاميذ والأطفال دون سن 18 عاما لتحقيق معدل مناعة سكانية ضد مرض الحصبة بنسبة 95%.
وأكد كذلك على ضرورة استئناف التطعيم ضد أمراض الطفولة الأخرى واستدراك المتأخر منها، مشيرا أن انخفاض معدلات التطعيم لا يتعلق فقط بالحصبة، بل إن الأمراض الأخرى في جدول التطعيم هي بالتأكيد أقل من معدلات الحماية، ومن هنا يأتي خطر ظهور أمراض أخرى مثل السعال الديكي والدفتيريا وشلل الأطفال وغيرها.
كما لفت المتحدث أيضا إلى أهمية رفع مستوى الوعي بين جميع البالغين المولودين بعد عام 1980، والذين لم يتم تطعيمهم بالكامل ولم يصابوا بالحصبة مطلقا، للحصول على التطعيم، وخاصة بين الفئات المعرضة للخطر.

< سميرة الشناوي

Top