الديكتاتور السوري لا يرى ولا يسمع…

الديكتاتور السوري بشار الأسد لم يكن، أول أمس، مباليا لما سيقوله للسوريين وللعالم حول وقف مجازر قواته وجرائمه ضد شعبه، فهو كان، كما كل الطغاة، لا يرى سوى نفسه، ولا يهمه ما يجري حوله… اختار الديكتاتور الوقوف على خشبة دار الأوبرا في ساحة الأمويين وسط العاصمة دمشق، وهو مبنى فخم ومجهز بأرقى التجهيزات، كما أن اختيار المكان هنا كان(أمنيا)بالدرجة الأولى، حيث المنطقة مغلقة أمنيا، ومراقبة بشدة، فضلا على أنها قريبة من القصر الجمهوري، ولهذا هو لم يذهب إلى مبنى مجلس الشعب مثلا مخافة استهدافه من قبل عناصر(الجيش الحر).
وعندما صعد الديكتاتور إلى منبر الخطابة كانت شاشة كبيرة خلفه تعرض علم سوريا، كما كانت صور آلاف الضحايا من قوات الأمن والجيش و(الشبيحة)تؤثث المكان، وعند مغادرته القاعة بدا وكأنه أخطأ الطريق، فتدافع نحوه الشباب، كما علت داخل القاعة أصوات الهتافات والشعارات المؤيدة، مذكرة بما يصرخ به(الشبيحة)دائما، حتى أن الهتاف ركز على اسم الجلالة ثم اسم الرئيس، وسقط… الوطن من كلمات الهاتفين داخل دار الأوبرا…
هي إشارات سيميائية وتواصلية لم تكن حاضرة في المكان بالصدفة، وإنما كانت نتاج استعدادات مسبقة تروم إحداث التأثير ومزيد من الرعب.
في الكلمات، لم يتردد الديكتاتور في التلميح للعالم كله بأن وجود شخصه هو(الضمانة)، ولم يقبل انجاز أي انتقال إلا بإدارته هو نفسه، وطالب، في إطار ما اعتبره المرحلة الأولى لحل الأزمة ب(التزام الدول المعنية الإقليمية والدولية بوقف تمويل وتسليح وإيواء المسلحين بالتوازي مع وقف المسلحين كافة العمليات الإرهابية مما يسهل عودة النازحين السوريين)، على أنه بعد هذا كله يمكن له هو(وقف العمليات العسكرية من قبل قواتنا المسلحة التي تحتفظ بحق الرد)، ثم تبدأ الحكومة القائمة اتصالات مع كل أطياف المجتمع السوري لإدارة حوارات مفتوحة لعقد مؤتمر للحوار الوطني، ومردفا بأن دعوته(غير موجهة بالأساس لمن أسماهم (عملاء الخارج)).
ثم واصل الديكتاتور استعراض المرحلة الثانية من رؤيته متوقفا عند الميثاق الوطني والاستفتاء على الدستور وتشكيل الحكومة الموسعة والانتخابات، قبل أن يكشف عن المرحلة الثالثة التي تحدث فيها عن(حكومة جديدة) وعن(مؤتمر للمصالحة الوطنية).
لن نقف كثيرا عند تحليل مضامين(رؤية)الأسد لحل الأزمة السورية، لأنها لم تحمل جديدا أصلا، وهي كانت تصرفا استباقيا للرد على كل مبادرة مشتركة بين واشنطن وموسكو قد يكون المبعوث الدولي الإبراهيمي حمل له مؤخرا بعض عناوينها الرئيسية، وبالتالي، فالخطاب لم يكن يراد له أن يحمل جديدا نوعيا، وإنما كان موجها للجمهور السوري في المرتبة الأولى، وسعى لإبراز (قوة) النظام الدموي وإحداث الأثر النفسي والدعائي على الشارع ، والإيحاء بأن المرحلة لم تصل بعد حد أن يقبل بحل يكون الديكتاتور خارجه، ولو اتفق كل العالم على ذلك.
ديكتاتور دمشق بدا أول أمس وقد تعطلت حواس السمع والبصر والإدراك لديه، وذكر الكثيرين ممن شاهدوا خطابه بصورة صدام حسين قبل السقوط، وبصورة القذافي، وبصور باقي الطغاة عبر التاريخ…
للشعب السوري السلام وتحية التضامن.
[email protected]

Top