مبادرة برلمانية تقدمية

يستحق مقترح القانون الذي تقدم به فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب حول مناهضة العنف المبني على النوع مساندة كافة الفرق النيابية، أغلبية ومعارضة، فضلا عن دعم الحكومة، وذلك بالنظر لكونه يندرج ضمن أوراش الإصلاح الكبرى، وخاصة المتعلقة منها بالعدالة وإصلاح منظومة القانون الجنائي في بلادنا، وبالتالي تفعيل مقتضيات دستور 2011، وتقوية أسس دولة القانون. إن العنف المبني على النوع يشمل كل أنواع العنف الممارس ضد النساء لكونهن نساء، وأشكاله تمارس في فضاءات متعددة، ما يجعل محاربته تتطلب مقاربة شاملة ومتعددة المستويات، وضمنها المستوى القانوني والتشريعي، كما أن مقترح قانون الفريق التقدمي يستحضر أيضا كل صيغ العنف، الجسدي والنفسي والاقتصادي والجنسي، الممارس ضد النساء، ويركز على العنف الزوجي، ويتطرق إلى مختلف الإشكالات القانونية والمسطرية ذات الصلة، منها ما يرتبط بالإثبات والسلطة التقديرية للقضاة وغير ذلك، فضلا عن تدابير وإجراءات تهدف إلى الحماية والوقاية…
إن مقترح القانون هذا يكشف عن جهد فكري وقانوني بذله فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، بتعاون وتنسيق مع خبراء وفعاليات جمعوية وحقوقية وقانونية، وهو بذلك عمل مهني رصين يستحق التشجيع في سياق حث الفرق النيابية على تقوية إسهامها في التشريع، وبالتالي في رفع وتيرة عمل المؤسسة البرلمانية وأعضائها.
وفي السياق نفسه، فإن مقترح القانون المشار إليه ينطلق من المكاسب المتراكمة على صعيد الترسانة القانونية الوطنية (مدونة الأسرة، قانون الجنسية…)، ومن البرامج والمخططات والاستراتيجيات الحكومية ذات الصلة، ومن انخراط المملكة في العديد من الالتزامات الحقوقية الدولية المتعلقة بحقوق النساء والمساواة، وقبل ذلك فإنه ينطلق من ضرورة تفعيل أحكام الدستور الحالي للبلاد، ومن تطلع الجميع اليوم إلى إصلاح حقيقي للعدالة، وضمنها القانون الجنائي…
ومن جهة أخرى، فإن المبادرة التشريعية للفريق البرلماني التقدمي تنطلق من المطالب والمؤاخذات المعبر عنها من لدن الجمعيات النسائية والمنظمات الحقوقية في السنوات الأخيرة، وتسعى إلى معالجة كل الاختلالات والنواقص التي أبرزتها الممارسة.
وبناء على ما سبق، فإن مقترح القانون هذا يروم تقوية اختيارات المملكة المتعلقة بترسيخ قيم المساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتمتين دولة القانون، وصيانة كرامة كافة المواطنات والمواطنين وحقوقهم وعدم التمييز بينهم في ذلك على أساس الجنس.
إن ظاهرة العنف ضد النساء، وأيضا ضد الأطفال، صارت تكشف يوميا عن حالات مرعبة وعن مآسي حقيقية، وعن أرقام مخيفة في بلادنا، وهذا الواقع يفرض اليوم تشديد المقتضيات القانونية، خصوصا على مستوى العقوبات، في القانون الجنائي وفي مجوعة قوانين أخرى، كما لا بد من إعمال الصرامة والحزم تجاه الظاهرة، سواء من لدن مصالح الأمن، أو في القضاء…
[email protected]

Top