التأكيد على أهمية استثمار الرأسمال اللامادي في تنمية الأقاليم الجنوبية
أكد المشاركون في افتتاح أشغال الملتقى الثاني لمنتدى الشباب المغربي للألفية الثالثة، يوم الخميس الماضي بقصر المؤتمرات بالداخلة، على أهمية استثمار الرأسمال اللامادي في تنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وأوضحوا خلال هذا الملتقى الشبابي، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ويشارك فيه 200 شابة وشاب من جميع جهات المملكة وثلة من الباحثين والخبراء المتخصصين في قضايا التنمية، على أن مفهوم الرأسمال اللامادي الذي برز أخيرا كنموذج جديد لقياس ثروات الأمم والمجتمعات، يستدعي مقاربة تدمج كل أنماط الرأسمال الطبيعي والمنتج وغير المادي لتنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وأشاروا إلى أن هذا الملتقى، الذي ينظمه منتدى الشباب المغربي للألفية الثالثة وجمعية الأبحاث والدراسات للتنمية بشراكة مع الجمعية الدولية الفرنكوفونية للذكاء الاقتصادي ، تحت شعار “تنمية الأقاليم الجنوبية: الموقع الحالي والدور المستقبلي للرأسمال غير المادي”، في إطار انطلاق أشغال الجامعة المفتوحة للداخلة، يسعى إلى مساءلة خلفيات وأسس وأبعاد الرأسمال اللامادي، والوقوف عند رهاناته وأدواره الفعلية في إنتاج الثروة في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وأكد رئيس جمعية الدراسات والأبحاث للتنمية، منسق اللجنة المنظمة، إدريس الكراوي، أن المفهوم الجديد لقياس ثروات الأمم والمجتمعات، لم يعد يقتصر على إعطاء الأهمية المطلقة للناتج الداخلي الخام في تحديد ثروات المقاولات والاقتصادات الوطنية، مشيرا إلى أنه في هذا الصدد تم استدعاء مقاربة تدمج الرأسمال اللامادي بوصفها منظومة تجمع المكونات الرئيسية للاقتصاد من زاوية الإنتاج الشامل للثروات.
وأبرز الكراوي أن الأقاليم الجنوبية كما هي باقي الأقاليم بالمملكة تتمتع بكل أنماط الرأسمال سواء المادي أو اللامادي الذي يتكون من مجموع المعطيات التي تندرج في إطار التنمية البشرية، مبرزا أن الثروة الحقيقية تتمثل في الرأسمال اللامادي الذي يعتبر مصدر ثراء وتنوع في غاية الأهمية بالأقاليم الجنوبية.
وأوضح في هذا السياق أن دور الشباب أمر بالغ الأهمية، في تثمين الرأسمال اللامادي لان هذه الشريحة الهامة من المجتمع المغربي تجسد رافدا أساسيا للتنمية المستدامة، والتي ستؤدي لا محالة الى خلق مجموعة من النخب العلمية في شتى الميادين والتخصصات، وأيضا إلى إنتاج قدر هام من التميز والكفاءة وفقا للنموذج الجديد للتنمية في الأقاليم الجنوبية الذي وضع أسسه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
من جهته أكد والي الجهة عامل إقليم وادي الذهب، لمين بنعمر، أن المكونات الثقافية للمناطق الجنوبية تحظى بأهمية خاصة في الوجدان المحلي والوطني ، وبقدر ما يتميز رأسمالها الرمزي بالوحدة يختزن تنوعا وتعبيرات مختلفة تمنحه غنى وثراء وموقعا أصيلا في البنيان الاجتماعي والثقافي المغربي من حيث المصادر الأدبية والدينية والرمزية والفنية.
وقال بنعمر إن مسالة التنمية البشرية تكتسي أهمية بالغة في “السياسات الحكومية لبلادنا، قصد الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بكافة مكوناتها”، إذ يحتل الرأسمال اللامادي بما فيه الرأسمال البشري والثقافي والعلمي والتكنولوجي المكانة البارزة في إثراء مقدرات البلاد وإمكانيات نموها.
ومن جانبه قال رئيس منتدى الشباب المغربي للألفية الثالثة، محمد فهد الباش، إن اختيار موضوع هذه الدورة يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الشباب المغربي “واع تمام الوعي بعمق التحولات التي يعيشها بلدنا وكذا بالتحديات التي تواجهه”.
وأشار الباش إلى أن المفهوم الجديد للرأسمال اللامادي يطرح نفسه اليوم بشكل واضح ليس من باب الترف الفكري ولكن لتكوين فكرة واضحة عن “قدراتنا وإمكانياتنا وكذلك لتحديد الواجهات المتعددة التي يجب أن نشتغل عليها للحفاظ على خصوصياتنا” من أجل تحقيق تنمية مستدامة تسمح بالعيش الكريم والمضي قدما نحو الرفاهية الفردية والجماعية.
يذكر أن برنامج هذا الملتقى الشبابي، المنظم بدعم من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، وولاية وادي الذهب الكويرة والمجلس البلدي لمدينة الداخلة، يعرف تنظيم محاضرات حول مواضيع “الرأسمال اللامادي، تساؤلات وتمظهرات”، و”تطبيق منهجية الذكاء الاقتصادي في مجال الرأسمال غير المادي، حالة الرأسمال الثقافي والاجتماعي”، و”مكانة الرأسمال غير المادي في النموذج الجديد للتنمية بالأقاليم الجنوبية”.
كما تنظم خلال هذا الملتقى، الذي حضره على الخصوص وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان،ورئيس الجمعية الدولية الفرنكوفونية للذكاء الاقتصادي، موائد مستديرة من تنشيط الشباب حول مواضيع “رهانات تنمية الرأسمال الثقافي” و”الرأسمال البشري وإمكانات تطويره” و “التراث اللامادي والثقافة الحسانية” و”مواقع وأدوار المرأة في تنمية الأقاليم الجنوبية”.