حل أمس العام الأمازيغي الجديد، الذي يصادف الثالث عشر من يناير، واحتفلت كل بلاد تامزغا بالمناسبة وبتجديد الاعتزاز بهويتها المتجذرة في التاريخ…
هذه السنة يبلغ تعداد السنين في التقويم الأمازيغي 2965، وبذلك يكون هو التقويم الأقدم، وقد جرى تخليده في 951 قبل الميلاد، وبحسب أغلب المؤرخين والباحثين، فهو التقويم الذي لا يرتبط بأي حدث ديني أو عقائدي، وإنما بذكرى لها صلة بالأرض وبالدفاع عنها، ولهذا بقي الاحتفال به دائما مرتبطا بالهوية والأرض، وبعراقة الانتماء.
في بلادنا أيضا احتفلت الأسر الأمازيغية دائما ب“إيض يناير”، من خلال إبراز عراقة هويتها الحضارية والتاريخية والثقافية، وعمق ارتباطها ب…أرضها، ولهذا كانت للمناسبة أطباقها الخاصة، وأشكالها الاحتفالية، وتقاليدها، وبهذا نجحت الأمهات والجدات والآباء في عديد مناطق المملكة في جعل المناسبة حاضرة ومستمرة إلى اليوم بلا كثير تنظير أو كلام.
“إيض يناير”، اليوم يكتسب دلالة وقتنا هذا، والاحتفال به صار يتنامى ويتزايد حتى داخل المدن، كما أنه يقترن بتجديد المطالبة باعتباره عطلة رسمية في المغرب، وذلك على غرار ما هو معمول به بالنسبة للتقويمين الهجري والميلادي.
المطلب ليس شكليا بالمرة، وإنما هو إشارة ستمنح للنص الدستوري معناه العملي، وستكون تجليا آخر من تجليات مصالحة المغاربة مع ذاتهم وهويتهم الوطنية، لكن في نفس الوقت، لا يجب التعاطي مع المطلب أو مع تلبيته باعتماده منفردا، وجعله معلقا في الهواء، وإنما يجب أن يندرج ضمن قرارات ومبادرات أخرى يجري الإعلان عنها كاملة بما يمنح لورش الأمازيغية نفسا ودينامية جديدين.
هنا لابد إذن من جيل جديد للإصلاحات في مجالات التعليم والإعلام، وأيضا على مستوى القضاء والادارات، وفي الفضاء العمومي، وقبل ذلك إصدار القانون المتعلق بتفعيل التنصيص الدستوري وأيضا ذلك المرتبط بإحداث مجلس الثقافة واللغات، ومن ثم توفير الشروط القانونية والتنظيمية وإحداث الآليات المؤسساتية، وذلك بما يجعل المغاربة يحسون بمصالحة حقيقية مع هويتهم الأمازيغية الوطنية.
وبتحقيق هذه المطالب المشروعة سيكون الاحتفال برأس السنة الأمازيغية كيوم عطلة دلالة سير بلادنا على طريق تطبيق دستورها الجديد، وأيضا سيساهم ذلك في تطوير الدينامية المجتمعية نحو مزيد من الانفتاح، فضلا على تعزيز التعددية التي كانت دائما تجسد المعنى والتميز والفرادة للمغرب قياسا لمحيطه الإقليمي.
رأس السنة الأمازيغية يجب أن يكون عيدا وطنيا لكافة المغاربة، ومناسبة لتكثيف البرامج التواصلية والوثائقية والتحسيسية عبر مختلف وسائل الإعلام وفي المؤسسات التعليمية، وذلك من أجل تقوية الشعور الوطني ومحاربة الثقافة والأفكار الاقصائية، وتشجيع ثقافة التنوع والتعددية واحترام الآخر.
لكل أهلنا في المغرب وفي كل بلاد تامزغا وخارجها، نأمل أن تكون السنة الأمازيغية الجديدة عامرة بالخير واليمن والأفراح.
أَسْكْوَاسْ أمَايْنُو
[email protected]