معرض جماعي في الدار البيضاء

خمسون سنة من الفن التشكيلي بالمغرب

يحتضن فضاء الفن للمكتبة الوسائطية بمسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء معرضا تشكيليا بعنوان “خمسون سنة من الفن التشكيلي بالمغرب” في الفترة بين العاشر من يناير و28 فبراير 2015، وتشرف عليه كل من الجمعية المغربية للفنون التشكيلية والنقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين بدعم من وزارة الثقافة ومؤسسة مسجد الحسن الثاني.
ويدخل هذا المعرض في إطار الاهتمام الذي يوليه المغرب بالتجارب الفنية التي عرفها القرن العشرون، وتوثيق الذاكرة الفنية من خلال سن سياسة إستراتيجية مرحلية هيكلية تستهدف توسيع المؤسسات الفنية القمينة باستقبال المنجزات الفنية والتعريف بها لدى عامة الجمهور، وكذا إعادة الاعتبار للفنان المغربي والرفع من شأنه، ومنحه الفرصة ليسهم بمواهبه في تحسين الذائقة الفنية وتأسيس الهوية الوطنية وتطعيمها بالجديد من التجارب.
ولعل أهم خطوة في هذا المجال هي تدشين متحف محمد السادس للفن المغربي المعاصر بالرباط الذي يمثل معلما مهما في تخزين مختلف مظاهر الإبداع الإنساني المغربي.

مشارب متعددة

ويشارك في هذا المعرض عدد كبير من الفنانين التشكيليين الذين تتعدد مشاربهم الفنية واتجاهاتهم الإبداعية، وقد قدموا من مختلف جهات المغرب، ويجسدون مختلف الظواهر التشكيلية على امتداد أكثر من خمسين سنة، خاصة أن الكثير منهم يعيش بعيدا عن الأضواء الإعلامية وفي ضائقة التهميش والنكران، ذلك أن المعارض الذي تنظم طيلة السنة لا تشمل كل الأصوات التي تستحق الدعم والتشجيع.
وفي هذا الإطار، يؤكد الناقد والفنان التشكيلي إبراهيم الحيسن أن المعارض التشكيلية في أغلب البلدان العربية تنقسم إلى ثلاثة أنواع: معرض كرنفالي باذخ تحضره شخصيات وأقرباء من باب المجاملة العائلية، وتقتنى فيه كل اللوحات منذ اليوم الأول، وتصرف فيه أموال كثيرة في المطبوعات والمشروبات والدعاية الإعلامية وشراء الأقلام المأجورة رغم تفاهة المحتوى.
ويضيف الحيسن أن هناك معرضا آخر “بأبعاد سياسية، لا سيما إذا تعلق الأمر بأجانب أو بأفراد ينتمون لطبقات أرستقراطية، فيحضره مسؤولون و”شخصيات وازنة”، وتهيأ له كل الظروف المادية ويحظى بالنفاق الإعلامي رغم ضحالة المنجز”.
وواصل المتحدث ذاته قائلا وهناك معرض ثالث “يتحمل فيه الفنان مشقة التنظيم ومصاريف التنقل والإيواء والمطبوعات، ولا يحضره سوى نفر قليل من الأصدقاء الأوفياء، وقلما يواكبه الإعلام. هذا النوع من المعارض يقوم به فنانون حقيقيون يعيشون ويشتغلون في الظل، وقد تنصفهم الأيام والنقد الفني الجاد والبناء إن وجد”.
ويندرج معرض “خمسون سنة من الفن التشكيلي بالمغرب” ضمن الصنف الثالث- حسب تعبير الحيسن- لكونه يتسع لاحتضان تجارب مختلفة تمثل كافة الاتجاهات والأجيال، خاصة تلك التي تعيش في الظل.

تخليد الذاكرة الفنية

ومن بين الغايات التي يرمي إليها المعرض تخليدُ الذاكرة الفنية التشكيلية بالمغرب وحفظها من التلف والنسيان، وتسجيل المنعطفات الحاسمة في تطور التجربة التشكيلية المغربية عبر الزمن، على أن يكون ذلك بشكل دوري وتعاقبي، وأن ينفتح على كل الآفاق.
وهذا هو ما صرح به الفنان التشكيلي لحسن بنبوطة  الذي أكد أن “هذه المبادرات تجسيد لرؤيا حداثية في الوعي بأهمية الحرص على المؤهلات الفنية للإبداع الإنساني شريطة أن تراعي مبدأ تكافؤ الفرص، وأن تشمل كل التجارب في شتى المدن والقرى، وأن تستهدف كل الاتجاهات مهما كانت مغايرة للنمط السائد”.
ويقول بنبوطة بخصوص الجدوى من العرض المشترك، “إن تعايش التجارب وتجاور المنجزات يفيدان في التكوين الذاتي للفنان وانفتاحه على التعدد من أجل إثراء موهبته وتطوير أدواته الفنية، في حين أن المعارض الفردية -رغم أهميتها- تعمق مسألة الانغلاق على الإمكانيات الفردية، وتحد من تحاور التجارب وجدالها وتفاعلها”.

Top