أكدت شرفات أفيلال عضوة الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية والوزيرة المكلفة بالماء، على أن الرهان المطروح على قمة المناخ “كوب 22” بمراكش، هو كيفية تطبيق اتفاقية الأطراف الموقعة بباريس، بشكل مسؤول، يضمن العدالة المناخية، خاصة بالنسبة لبلدان جنوب الصحراء التي لا زالت تطمح إلى حقها في التنمية والتقدم.
وأوضحت شرفات أفيلال، في كلمة لها، خلال افتتاح الندوة الوطنية الرابعة لفضاء مهندس الحداثة والتقدم (القطاع الهندسي لحزب التقدم والاشتراكية)، أول أمس السبت بالرباط، أن التحدي المطروح على المغرب الذي سيحتضن “كوب 22” هو كيفية ضمان حق دول الجنوب في العدالة المناخية التي أصبحت تدرج ضمن الجيل الرابع من حقوق الإنسان والمرتبطة بالحق في العيش الكريم والاستفادة من خيرات وثروات الطبيعة، مشيرة إلى أن المغرب هو حامل مشعل صوت إفريقيا، ويترافع من أجل حقها في التنمية البشرية وأن تنال حقها في مجالات التعليم والصحة والماء الشروب والكهرباء والتطهير السائل وغيرها من مقومات التنمية والتقدم لمحاربة الفقر والهشاشة والحرمان، وعدم الاستقرار الناجم عن انعدام ظروف العيش الكريم.
وأضافت أفيلال أنه من غير المعقول أن يطلب من دول الجنوب التي لم تنل حظها من التنمية والتقدم، ولم تساهم لا من قريب ولا من بعيد في الانبعاثات الغازية، أن توقف عجلة التنمية وكل سبل التقدم، بدعوى الحفاظ على البيئة والحد من التغيرات المناخية، في الوقت الذي بلغت فيه دول الشمال أقصى ما يمكن أن تصل إليه في التنمية والتقدم المجتمعي، وكانت سببا رئيسيا في ما وقع من انبعاثات حرارية.
وأوردت القيادية في حزب التقدم والاشتراكية والمسؤولة الحكومية، أن المغرب في إطار التحضير لقمة المناخ بمراكش، انخرط بكل مؤسساته ومجتمعه المدني في هذه الدينامية وفتح النقاش حول كل القضايا ذات الصلة، استعدادا لهذه القمة، مشيرة إلى أن النخب الهندسية مساءلة أكثر من غيرها من أجل الابتكار وبلورة هندسة خضراء صديقة للبيئة، مؤكدة، في السياق ذاته، على أن الخبرة الهندسية المغربية مطالبة بالانخراط في بلورة مقاربة جديدة للتنمية تأخذ بعين الاعتبار مفهوم التنمية المستدامة.
من جانبه، أكد مراد الغزالي المنسق الوطني لفضاء مهندس الحداثة والتقدم، على الأدوار الطلائعية للمهندسين في التكيف مع التغيرات المناخية والسعي للتخفيف من حدتها والتأقلم معها عبر صياغة استراتيجيات وبرامج تأخذ بعين الاعتبار كل المتغيرات وتحولها إلى بدائل إيجابية هادفة لاستدامة على الموارد الطبيعية والحفاظ عليها.
وذكر مراد الغزالي أن الهدف من التطرق لموضوع “الهندسة الخضراء واستدامة التنمية” كمحور أساسي في الندوة الوطنية الرابعة، التي تنعقد في سياق التحضير لقمة المناخ “كوب 22” بمراكش، هو سعي مهندسي ومهندسات حزب التقدم والاشتراكية لإبراز دور الهندسة والمهندسين في صياغة وتتبع وتنفيذ برامج وسياسات عمومية تنشد الاستدامة وتأخذ بعين الاعتبار التغييرات المناخية التي باتت، يضيف الغزالي، تهدد مستقبل الموارد الطبيعية وإرث الأجيال المستقبلية وصيرورة التنمية البشرية.
وأضاف المتحدث، أن واجب المهندس هو الحفاظ على الثروات الطبيعية واستدامتها من أجل ضمان الأمن الغذائي للمواطنين واقتراح الحلول الممكنة لعقلنة تدبير تلك الموارد التي هي ملك مشترك للجميع، مشيرا في السياق ذاته، إلى أن المغرب خطى خطوات كبيرة وجبارة للتوجه نحو الطاقات النظيفة المتجددة، وبات يشكل نموذجا يحتذى به في الدول النامية.
ودعا مراد الغزالي، القائمين على التعليم العالي إلى إدماج التغيرات المناخية في المناهج الدراسية الهندسية وإدخال تخصص المحافظة على النظم الأيكولوجية ضمن تلك المناهج.
وأضاف مراد الغزالي، خلال هذه الندوة التي حضرها مهندسو حزب التقدم والاشتراكية من مختلف المدن المغربية والقطاعات المهنية، أن خلاصات الندوة الوطنية الرابعة، سيتم اعتمادها في صياغة البرنامج الانتخابي لحزب التقدم والاشتراكية، في إطار المقاربة التشاركية التي يعتمدها الحزب في سياق التحضير للانتخابات التشريعية التي ستعرفها بلادنا يوم 7 أكتوبر المقبل.
وقد تميزت الندوة الوطنية الرابعة لفضاء مهندس الحداثة والتقدم بالعرض الذي قدمه الخبير الدولي عبد الله مقسط المدير العام لمديرية الطقس الوطنية وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وعضو أكاديمية الحسن الثاني، حول موضوع “التغيرات المناخية: دور المهندس في فهم والإلمام بدواعي وانعكاسات التغيرات المناخية، والتوجه نحو تخفيف الهشاشة وتقوية المناعة وضمان الاستدامة”، بالإضافة إلى العرض الذي قدمه المهندس الاقتصادي محمد بنحفون: عضو اللجنة المركزية للحزب وخبير استشاري في التنمية القروية حول موضوع “محاربة الجفاف والتصحر: الأجوبة الكافية والمقنعة لحالة الشرق المغربي”.
وقد أكد عبد الله مقسط على أن التوصل إلى اتفاق الأطراف في قمة باريس وتحديد هدف خفض نسبة 0.5 من الانبعاثات الغازية، هو شيء أساسي، لأن بلوغ هذا الهدف، يضيف الخبير الدولي، من شأنه أن ينقد دولا بكاملها من الزوال، مشيرا إلى أنه بعد هذا الاتفاق لم يعد هناك مجال للتردد أو الشك، وأن الوضع يقتضي المرور إلى مرحلة التطبيق وأخذ التدابير والإجراءات العملية للحد من انعكاسات التغيرات المناخية.
وأورد عبد الله مقسط العامل البشري كمسؤول عن التغييرات المناخية، مبرزا مختلف السيناريوهات المطروحة من أجل إيجاد إجابات واضحة للإشكالات الكبرى المرتبطة بالتغييرات المناخية، مشيرا إلى دور الهندسة الوطنية في القيام بالدراسات وتدقيق المعلومة، وكذا بلورة اقتصاد أخضر يقوم على الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، وفي الوقت ذاته يضمن العيش الكريم للمواطنين، مؤكدا على أن المرحلة الراهنة تقتضي الانتقال من تدبير المخاطر إلى تدبير معرفة المخاطر.
وبدوره طرح المهندس الاقتصادي محمد بنحفون نموذج مشروع كان قد أشرف عليه في منطقة الشرق كتجربة ناجحة في مجال محاربة الجفاف والتصحر، مؤكدا أن هذه التجربة أثبت القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية، ومكنت من تقوية قدرات الساكنة المحلية في تدبير الموارد الطبيعية.
محمد حجيوي
تصوير: رضوان موسى