إلى الزملاء الإسبان

حدثان هامان جسدا في اليومين الماضيين أسلوبا جديدا في تعامل المغرب مع  الصحافة الإسبانية، وقد يمثلان عنوان مرحلة جديدة على هذا الصعيد. الحدث الأول، جسدته تصريحات وزير الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري، خلال ندوة صحفية بمدريد مع نظيرته الإسبانية ترينيداد خيمينيث، حيث قال لممثلي وسائل الإعلام هناك، بأن عددا منهم يعملون على تشويه حقائق المغرب ونزاع الصحراء، وبأن المغرب الذي انخرط في القيم الحديثة، يتطور ويتغير، لكن بعض وسائل الإعلام الإسبانية  ترفض أن ترى هذا المغرب…
رئيس الديبلوماسية المغربية اختار اعتماد الصراحة وأيضا الصرامة في إبلاغ زملائنا الإسبان موقف المغرب واحتجاجه على  تعمد بعضهم الإضرار بالمغرب، وتسميم العلاقات بينه وبين إسبانيا.
أما الحدث الثاني، فقد صنعته مبادرة النقابة الوطنية للصحافة المغربية التي نسقت زيارة عدد من الصحفيين المغاربة لمدينة مليلية المحتلة، وذلك من أجل متابعة أحداث القمع والتنكيل اللذين ترتكبهما القوات الإسبانية في حق المغاربة هناك، وأيضا من أجل التضامن مع سكان المدينة المحتلة، والتعبير لسلطات الاحتلال على أن الصحافة المغربية  تهتم فعلا بما يجري في سبتة وفي مليلية المحتلتين.
إن مبادرة نقابة الصحفيين المغاربة، التي ساهم فيها أيضا ناشرو الصحف، وترأسها الزميل يونس مجاهد، تجسد أهمية وملحاحية تطارح قضايا مهنية عميقة مع الزملاء الإسبان، واستعداد المهنيين المغاربة للانخراط في هذا التمرين الفكري والأخلاقي، انطلاقا من المرجعيات والمواثيق المتعارف عليها في الأوساط المهنية عبر العالم، وهذا المسار، بين مهنيين، بإمكانه إذا تحقق التفاعل الإيجابي من لدن الصحفيين الإسبان ومنظماتهم التمثيلية، أن يؤسس بالتدريج لتحول في علاقة الإعلام الايبري بالشؤون المغربية.
إن إثارة موضوع الصحافة الإسبانية وعلاقتها بالمغرب وبقضاياه، ليست لها أية طبيعة ظرفية، وليست نتاج أي «تجييش» متوهم، ولاهي محصورة في الزاوية الضيقة لما يجري هذه الأيام (خصوصا موضوع مكتب قناة الجزيرة )، إنما الموضوع مطروح منذ سنوات، وقيل وكتب فيه الكثير، وخطورته تكمن في المرجعية الثقافية والسياسية التي ينطلق منها، وفي التمثلات التي يكرسها عن المغرب والمغاربة لدى الرأي العام الإسباني، ومن هنا فإن تصميم المغرب، الرسمي بالخصوص، اليوم على طرح الأمر بالجدية اللازمة، ومع المعنيين بالأمر، يجب أن يدرج ضمن رؤية واضحة، ومقاربة إستراتيجية شاملة تعتمد كذلك وبشكل أساسي على المهنيين وعلى هيئاتهم التمثيلية، ليكون الحوار مجديا، ولتفادي أي منغلق قد تقود إليه المعالجة الرسمية الأحادية.

*

*

Top