بوشعيب قيري المندوب الجهوي لوزارة الصناعة والتجارة بجهة الداخلة وادي الذهب : استفادت الجهة في عهد جلالة الملك محمد السادس من كافة سبل التنمية الشاملة

قال المندوب الجهوي لوزارة الصناعة والتجارة بجهة الداخلة وادي الذهب، بوشعيب قيري، إن استرجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة إذا كان قد تم بفضل المسيرة الخضراء التي أبدعها جلالة المغفور له الحسن الثاني وانخرط فيها طواعية الشعب المغربي بكافة مكوناته من أجل استكمال تحرير الوطن، فإن مسيرة أخرى عرفتها هذه الأقاليم في عهد جلالة الملك محمد السادس، تستهدف التنمية الإنسانية ككل من خلال العديد من المبادرات التي تستهدف تحسين وتجويد عيش الإنسان بهذا الجزع الغالي من تراب المملكة.
وأكد قيري، في حوار مع جريدة بيان اليوم بمناسبة مرور ربع قرن عن تربع جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، على أن هناك العديد من المشاريع التي تبصم على الحضور الملكي السامي في الحياة اليومية للمواطن بجهة الداخلة وادي الذهب من أجل رفاهيته ومن أجل تمكينه من كل أسباب العيش الكريم الذي يصون حقوقه ويحفظ كرامته. وشدد قيري على أن الفضل في تهافت المستثمر الأجنبي على الجهة يعود فيه الفضل إلى الدينامية التي أطلقتها المملكة بالمنطقة، مبرزا أن المغرب آمن بقوة بأن الانسياق وراء معارك وهمية من افتعال الخصوم لن يجدي في شيء، وأن المعركة الحقيقية التي بجب أن ندخلها هي معركة التنمية خدمة لساكنة المنطقة، لذلك أصبح الهم الوحيد هو الانتصار على أرض الواقع عبر معارك التنمية من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وبالتالي بذلت مجهودات كبيرة في هذا المجال.
وهذا نص الحوار:

> يحتفل الشعب المغربي اليوم بمرور ربع قرن على اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين؛ كيف ساهم حكم جلالته في تنمية المناطق الجنوبية اقتصاديا، خاصة على مستوى جهة الداخلة وادي الذهب؟
< يمكن القول بأنه إذا كان استرجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة قد تم بفضل المسيرة الخضراء التي أبدعها جلالة المغفور له الحسن الثاني وانخرط فيها طواعية الشعب المغربي بكافة مكوناته من أجل استكمال تحرير الوطن، فإن مسيرة أخرى عرفتها هذه الأقاليم في عهد جلالة الملك محمد السادس، تستهدف التنمية الإنسانية ككل من خلال العديد من المبادرات التي تستهدف تحسين وتجويد عيش الإنسان بهذا الجزع الغالي من تراب المملكة.
صحيح أن هذه المبادرات انطلقت في عهد الراحل الحسن الثاني، لكنها في عهد جلالة الملك محمد السادس اكتسبت مظهرا آخرا ووثيرة أخرى كان من أبرز تجلياتها النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي هو ورش ملكي بامتياز، وبتعليمات ملكية سامية واضحة من أجل تمكين هذه الأقاليم من كافة سبل التنمية الشاملة.
هذا البرنامج المندمج لم ينطلق من فراغ، ولم يتم وضع فقراته بشكل منعزل عن الواقع، وإنما جاء كحصيلة واقعية لمشاورات حثيثة ومكثفة وبمقاربة تشاركية مع الساكنة المحلية ومع ممثليها ومؤسساتها المنتخبة ومع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين وهيئات المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين والثقافيين…، انطلقت من التشخيص لما هو كائن والوقوف على النقائص لتداركها واستجلاء الإيجابيات لتثمينها واقتراح الحلول الواقعية وترتيب الأولويات مع رصد الموارد المالية الضرورية لتنفيذها ووفق أجندة زمنية جد محددة مع تحديد دقيق للمسؤوليات في الإنجاز والتنفيذ.
> ما هي أبرز المشاريع التي وسمت الجهة خلال حكم جلالة الملك محمد السادس؟
< أظن أن الإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن ننطلق فيها من التذكير ببعض المؤشرات التي تشكل مدخلا أساسيا لتأطير هذه الإجابة؛ فأعلى مستوى للدخل الفردي هو بجهة الداخلة وادي الذهب بما يقرب عن 86 ألف درهم للفرد، وأعلى نسبة النمو هي بجهة الداخلة وادي الذهب، حيث فاق المتوسط لسنوات عديدة 7 في المائة، ومستوى البطالة يسجل في حدود 8.3 في المائة وهو من بين المستويات المنخفضة بالمملكة، والجهة تساهم بـ 2 في المائة في خلق الثروة الوطنية، كما أن الجهة تساهم بنسبة 0.2 في المائة في الرأسمال الصناعي الوطني علما أن ساكنة الجهة لا تتجاوز مائتي ألف نسمة.
ولعل هذه المؤشرات المذكورة على سبيل المثال لا الحصر تبين بالملموس مدى الأهمية التي تتبوأها الجهة في المجال الاقتصادي علما بأنها لم يتم استرجاعها إلى أرض الوطن إلا في سنة 1979، ويمكن العودة إلى الحالة التي كانت عليها الجهة إبان عودتها إلى أرض الوطن ومقارنتها مع الوضعية الحالية ليتبين بالملموس مدى المجهودات التنموية التي قامت بها السلطات العمومية.
وتعززت وثيرة هذه المجهودات في عهد جلالة الملك محمد السادس، إذ تطورت البنيات الأساسية بشكل كبير إن لم أقل بأنها كانت شبه منعدمة من قبل، وتطورت كذلك الأنشطة الفلاحية بمنتوجاتها ذات القيمة التصديرية المرتفعة، وأحدثت مناطق صناعية لاحتضان وحدات تشتغل في مجال منتوجات الصيد البحري، كما عرف قطاع السياحة طفرة نوعية كبيرة من خلال إحداث العديد من الوحدات الفندقية والسياحة بمواصفات عالية الجودة بعد أن كانت شبه منعدمة أيضا من قبل.
أصبحت الجهة أيضا، تحتضن الآلاف من النقط التجارية لتجارة وخدمات القرب بعد أن كانت أيضا معدودة على رأس الأصابع، واحتضنت الجهة ميناء للصيد البحري وبمواصفات تستجيب للحاجيات الآنية، علما أن الجهة تحتضن ما يناهز 65 في المائة من الثروات السمكية.
وعرفت الجهة أيضا تطوير المطار الذي بدأ يعرف يوميا حركات للرحلات الجوية سواء على صعيد المملكة أو خارج التراب الوطني بعد أن كانت هذه الرحلات تكاد تكون أسبوعية، وبذل أيضا مجهود كبير في مجال الطاقة حيث إنه تم مؤخرا ربط الجهة بالشبكة الوطنية للكهرباء…إلخ.
هذه كلها تعتبر نماذج قليلة من العديد من المشاريع التي تدخل في خانة المشاريع التي تبصم على الحضور الملكي السامي في الحياة اليومية للمواطن بجهة الداخلة وادي الذهب من أجل رفاهيته ومن أجل تمكينه من كل أسباب العيش الكريم الذي يصون حقوقه ويحفظ كرامته.

> لاحظنا أن هناك انفتاحا على عدد من الدول الأوروبية والأفريقية، ما هو السر وراء تهافت المستثمر الأجنبي على الجهة وما هي المكانة الاقتصادية التي باتت تلعبها الجهة على المستوى الوطني والدولي؟
< صحيح، وهذا يعود فيه الفضل إلى الدينامية التي أطلقتها المملكة بالمنطقة، فالمغرب آمن بقوة بأن الانسياق وراء معارك وهمية من افتعال الخصوم لن يجدي في شيء، وأن المعركة الحقيقية التي بجب أن ندخلها هي معركة التنمية خدمة لساكنة المنطقة، لذلك أصبح الهم الوحيد هو الانتصار على أرض الواقع عبر معارك التنمية من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وبالتالي بذلت مجهودات كبيرة في هذا المجال.
فمثلا على مستوى الموارد المالية، وعكس ما يروج له الخصوم من استغلال لثروات المنطقة، فإن كل درهم من مداخيل المنطقة، يستثمر المغرب في مقابله سبعة دراهم في إطار من التضامن ما بين جهات المملكة، ولكم أن تتصوروا حجم التحملات التي يقوم بها المغرب في صحرائه من أجل تنميتها والنهوض بأوضاع ساكنتها، ومؤشرات التنمية البشرية بالمنطقة تفوق بكثير مؤشرات باقي جهات المملكة، وقد اطلعنا على بعضها في سؤال سابق، بعد أن كانت أقل منها بحوالي 6 في المائة من قبل.
هذه الاستراتيجة التنموية التي قامت بها السلطات العمومية بالمنطقة هي التي أهلتها، وفي مقدمتها جهة الداخلة وادي الذهب، إلى أن تصبح وجهة موثوق بها في مجال الاستثمار وتستقطب اهتمامات العديد من عمالقة الاقتصاد العالمي للاهتمام بالاستثمار في الجهة من أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية وآسيا والخليج العربي….
إن تبخر أطروحات الوهم وتكسرها على حقيقة تجدر الوجود المغربي بصحرائه جعل العديد من الدول تزكي موقف المملكة المغربية والتوجه لفتح تمثيليات ديبلوماسية لها بالداخلة والعيون وجعل العديد من برامج التعاون الدولي تدمج الصحراء المغربية ضمن المجالات الترابية التي تشتغل عليها بالمملكة.
ولعل هذا السياق هو الذي يبرهن على عنصر الثقة الذي أدى إلى التزايد المطرد للاهتمام بالاستثمار في الجهة، أضف إلى ذلك ما تم تحقيقه من مشاريع وبرامج تخص البنيات الأساسية وبنيات استقبال الاستثمار من أجل تقوية جاذبية الجهة في الاستثمار وما تم إنجازه أيضا على مستوى الديبلوماسية الاقتصادية إضافة إلى ارتفاع مستوى وعي كل الفاعلين والمتدخلين في العملية الاستثمارية من أجل كسب رهان هذه المعركة المصيرية.
هذه كلها عوامل ساهمت في ما وصفتموه في سؤالكم بتهافت الاستثمار الأجنبي على الجهة.

لا شك أن السياسات المعتمدة منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، ساهمت في إحداث قفزة نوعية للأقاليم الجنوبية، إذ ساهمت بشكل كبير في تنمية مختلف الجهات الصحراوية؛ على مستوى جهة الداخلة وادي الذهب، كيف يمكن استشراف المستقبل الاقتصادي والتنموي بالجهة؟
< بالفعل، بتوجيهات ملكية سامية، وبإشراف شخصي من جلالته وضعت كل السياسات العمومية والاستراتيجيات القطاعية الأقاليم الصحراوية للمملكة في صلب اهتماماتها وتم إنجاز العديد من المشاريع المهيكلة التي حققت طفرة نوعية لهذه المناطق ومن ضمنها جهة الداخلة وادي الذهب.
ويمكن الاستدلال بالنموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي أشرف على انطلاقته جلالة الملك ورصد له غلاف مالي يفوق ثمانين مليار درهم، ومن بين أهم محاوره بالجهة الميناء الأطلسي الجديد للداخلة والمناطق الصناعية واللوجستيكة المحادية له والتي خصص لها رصيد عقاري مهم على مساحة 1650 هكتار، وإحداث محطة لتحلية مياه البحر يتم تشغيلها بالاعتماد على الطاقات المتجددة، ومشروع سقي خمسة آلاف هكتار بواسطة هذه المحطة لتحلية مياه البحر، كما ستخصص للمنتجات الفلاحة ذات قيمة مضافة، ومشروع إحداث ست وحدات صناعية لتصنيع وتثمين منتجات الصيد البحري وإحداث حقول لتربة الأحياء البحرية وإحداث منطقتين للتجارة والتوزيع بكل من الكركرات وبئر كندوز…، إلى غير ذلك من المشاريع ذات الوقع الاقتصادي الكبير تؤهلنا إلى القول وبكل اطمئنان بأن الأفق الذي نستشرفه للاقتصاد بجهة الداخلة وادي الذهب ليس أفقا واعدا فحسب، وإنما أعتقد بأن هذا المستقبل سيجعل من هذه الجهة منصة أساسية وقاطرة فعالة في تنزيل استراتيجة المملكة للانفتاح على العمق الإفريقي وأيضا في تنزيل المبادرة الملكية للشراكة والتضامن مع دول الساحل والصحراء قصد تمكينها من الولوج إلى الساحل الأطلسي والاستفادة من ثرواته في إطار شراكة رابح /رابح.

حاوره: عبد الصمد ادنيدن

Top