أعطى خطاب المسيرة إشارات واضحة على أن المغرب ثابت على موقفه، ويسعى إلى جعل المرحلة المقبلة حاسمة في الدفاع عن وحدته الترابية.
الإشارة الأولى، توجه بها ملك المغرب إلى المجموعة الدولية، مشددا على أنه يتعين عليها أن تحدد، بشكل واضح وصريح ، المسؤولين عن عرقلة المسار التفاوضي، وهم خصوم المغرب، الذين يصرون على الجمود والتعنت والانقسام، بدل الدينامية والحوار والوئام، أما الرباط فستواصل الالتزام بالشرعية الدولية، والتعاون الصادق مع الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي من أجل إيجاد حل سياسي ونهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل على أساس مبادرة الحكم الذاتي.
أما الإشارة الثانية، فقد همت المحتجزين في تيندوف، حيث أكد جلالة الملك عدم التخلي عن رعاياه بتيندوف وأينما كانوا، لافتا إلى أنه من غير المقبول، ولا من الإنصاف التعامل باللامبالاة أو المحاباة، مع استمرار هذا الوضع، الغريب قانونيا، والمأساوي إنسانيا، والمرفوض سياسيا، ودعا جلالته المجموعة الدولية لتحمل مسؤوليتها بوضع حد لتمادي الجزائر في خرق المواثيق الدولية الإنسانية، ضمن حالة شاذة لا مثيل لها، ولا سيما برفضها السماح لمفوضية اللاجئين بإحصاء سكان المخيمات وحمايتهم.
وركزت الإشارة الثالثة، في الخطاب الملكي، على رفض المغرب الاستغلال المقيت لما تنعم به المملكة من حريات، بمحاولة النيل من وحدتها الترابية، والتأكيد على عدم السماح لأي كان بعرقلة المسيرة الديمقراطية للبلاد.
أما الإشارة الرابعة فقد تضمنت إعلان جلالة الملك أن الأقاليم الصحراوية ستكون في صدارة الجهوية المتقدمة، وأن جلالته سيصدر قريبا ظهيرا شريفا للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، وسيتم تنصيبه على أساس إصلاحات جوهرية ستهم دمقرطة تركيبته وانفتاحها على نخب جديدة، ثم اعتماده حكامة جيدة، وتوسيع صلاحياته، علاوة على إعادة هيكلة وكالة تنمية أقاليم الجنوب بتحديد نفوذها الترابي في ناحية الساقية الحمراء، ثم خلق وكالة جديدة مماثلة تختص بباقي أقاليم المنطقة…
وجاءت الإشارة الخامسة مزدوجة الوجهة، حيث نبهت المجتمع الدولي إلى أن زمن التملص من المسؤولية قد ولى، وأن ساعة الحقيقة قد دقت، ودعت، في نفس الوقت، المغاربة إلى مواصلة التعبئة الشعبية، ودعم الديبلوماسية الرسمية بمبادرات موازية، برلمانية وحزبية وحقوقية وجمعوية وإعلامية للدفاع عن عدالة قضية الصحراء المغربية.
الإشارات الخمس في خطاب جلالة الملك أعادت التذكير بجدية المغرب وقوة موقفه، وفضحت جمود خصومه وتعنتهم وشرودهم، وطالبت المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته والسعي لوقف هذا العبث، ودعت المغاربة إلى مواصلة التعبئة، وبالتالي فقد جاء خطاب المسيرة قويا، واضحا وراسما لطريق المرحلة المقبلة.