سهرة فنية تضامنية تستحضر روح المبدع في مجال التراث المعماري النحات والمهندس الإيطالي كوكو بوليزي 

بمناسبة الاحتفال برأس السنة الامازيغية الجديدة 2975، احتضنت إحدى القاعات الخاصة بعاصمة الفن، جماعة الدشيرة الجهادية عمالة انزكان أيت ملول، ليلة السبت 11 يناير 2025، سهرة فنية كبرى من أجل التضامن ومواصلة تعميم ولوج التغطية الصحية على ذوي الإمكانيات المحدودة من الفنانين.
هذا الحدث تم تنظيمه من طرف جمعية تاليلت للمساعدة الطبية للفنانين التي يرأسها الدكتور محمد هيو، طبيب الفنانين كما يلقبه الفنانون بسوس، والتي دأبت على توفير التغطية الصحية لعدد كبير من الفنانين والفنانات منذ تأسيسها سنة 2008 من خلال أداء واجب الانخراط السنوي لهم في التعاضدية الوطنية للفنانين ومساعدتهم في الاستفادة من الخدمات الطبية وذلك بمساهمة نخبة من الأطباء من أعضاء والمتعاطفين مع الجمعية.

تكريم متميز لفنانين أمازيغيين وللفنان الإيطالي الراحل صاحب معلمة لاميدينا داكادير

وخلال الفقرات الفنية لهذه الأمسية التي عرفت مشاركة كل من مجموعة ازنزارن إكوت عبد الهادي، وسمفونية الروايس برئاسة الفنان لحسن اد حمو، ومجموعة العربي امغران، والرايس العربي احيحي، والرايسة فاطمة تحيحيت تيتريت، ومجموعة الفنانة زورا تانيرت، بالإضافة  للفكاهي الفنان بوشعيب أباعمران، خصصت الجمعية المنظمة، ولأول مرة منذ وفاته، تكريما متميزا لروح هرم الفلسفة الهندسية المعمارية، الإيطالي بياتو سالفادور بوليزي، والمعروف بكوكو  بوليزي Coco Polizzi ، الذي توفي رحمه الله يوم الثلاثاء 21 أبريل 2021 بمدينة أكادير عن عمر يناهز 80 سنة، وتم دفنه بالمقبرة المسيحية بمدينة الرباط يوم 27 أبريل  في نفس الشهر.
عشق الراحل بوليزي مدينة أكادير حد الهوس، حيث قدم إليها من مدينة الرباط منذ 1970، وعمره لا يتجاوز 30 سنة، وتفرغ لدراسة الفن والهندسة المعمارية، وعرف عنه بحثه المستمر بمدينة الانبعاث التي أتى عليها الزلزال سنة 1960.
النحات الإيطالي كوكو بوليزي الذي سحر بجمال عاصمة سوس مدينة اكادير وشيد بها المعلمة الهندسية لاميدينا داكادير سنة 1992 والتي تجمع بين الهندسة المعمارية الامازيغية الإسلامية والإغريقية والمبنية بالأحجار والأخشاب.

وعرف عن الراحل تشبعه بالثقافة الأمازيغية وحضارتها، ولا تخل تصريحاته للصحافة عن التطرق لهذا البعد، ويقول الراحل في أحد تصريحاته الموثقة بالصوت والصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمازيغ هم البحر الأبيض المتوسط، هم من نقلوا الحضارة والمعمار للأندلس، وهنا نجد تقاربا بين المعمارين، حتى في جزر الكناري وفي عدد من الجزر نجد جميع المباني أمازيغية، بل وحتى المكسيك جنوب أمريكا، فقد استعان “الأرمادا” الإسباني بعد كريستوف كولومبوس، بيد الصانع الأمازيغي، وماتزال بنايات بهذا البلد بطابع معماري أمازيغي.
وتأتى للراحل تحقيق الفكرة، حين قرر إنشاء مدينة مصغرة، على مساحة تناهز 5 هكتارات، بطابع معماري مغربي أمازيغي، يضم أحياء وأزقة مصغرة، وبيوتا وقاعات وفضاءات وأقواسا، كلها تم بناؤها باستعمال قطع حجرية صغيرة، بعض من هذه التحف تطلب منه 9000 قطعة حجر صغيرة لإنشائها.
بدأ كوكو بوليزي الاستثمار في مشروعه وحلمه الشخصي، منذ سنة 1992، حيث بدأ في وضع التصاميم، ودامت الأشغال 15 سنة، لتنتهي سنة 2007، ببروز معلمة مغربية أمازيغية، وسط غابة بمنطقة أغروض بنسركاو بالمدخل الجنوبي لأكادير، وعلى بعد عشرات الأمتار من القصر الملكي العامر، هذه المعلمة التاريخية تستقبل في السنوات الأخيرة أفواجا من السياح والأسر المغربية، وعددا من المهرجانات والملتقيات الفنية والثقافية التي تنظم بمدينة أكادير.

تكريس الفعل التضامني لتأمين التغطية الصحية للفنانين ذوي الإمكانيات المحدودة

وحضر هذه الأمسية الفنية التي سيخصص ريعها لمجموعة من الفنانين الذين يعانون ظروفا صعبة، ضيوف الشرف كالشاعر الأستاذ محمد المستاوي والمحامي والمناضل الحقوقي الأستاذ حسن إد بلقاسم، كما عرف الحفل تكريم كل من الفنان محمد بن الشيخ قائد مجموعة تيتار، والفنانتين مينة تيويريت وفاطمة بوشان، بالإضافة إلى الفنان عبد الرحمان بورحيم، والرايس محمد بيسموموين، والشاعر عمر برغوت.
هذا وشكل موضوع التغطية الصحية للفنانين محور اهتمامات جمعية تاليلت للمساعدة الطبية للفنانين منذ تأسيسها سنة 2008، حيث عملت بكل الوسائل الممكنة على العناية بالفنانين بمختلف تخصصاتهم الفنية وفي كل المدن المغربية.
وتقوم تاليلت بتوجيه العديد من الفنانين صحيا والتكفل بمصاريف علاجهم، كما تؤدي كل سنة واجبات انخراط الفنانين المحتاجين في التعاضدية الوطنية للفنانين من أجل ضمان حصول الجميع على ما يلزمهم من الخدمات الصحية من دون مكابدة ضائقة مالية.

وطيلة السنوات الماضية تمكنت الجمعية من سداد مصاريف انخراط وتجديد انخراط عدد كبير من الفنانين تجاوز1264 فنانة وفنان في التعاضدية الوطنية للفنانين ولم يسبق للجمعية أن تخلت عن أي فنان طرق بابها ووضع الوثائق التي تطلبها التعاضدية.
وقد سبق للجمعية أن قامت بتكريم مجموعة من الوجوه الفنية والإعلامية، كالمجموعة الرائدة أيت لمزار، الرايس الحاج المهدي بنمبارك، الفنانة صفية أولتلوات، الفنانة فاطمة تلكريشت، الممثلة خدوج أنضام والمرحوم الفنان الساخر ابراهيم أوسي، الرايس محمد أكيلول، الرايس امبارك أمكرود، والفنان الهواري العربي الحمري، الرايس محمد أجوجكل، الرايسة فاضنة تزكيت، إضافة إلى الفنان حسن العاتي، الرايس مولاي احمد إحيحي، الكاتب والرسام عبد الله أوريك، الأستاذ محمد أكناض، الفنان حسن باديدة والرايس الحسين الباز، الفنان عبد اللطيف عاطف، الشاعر محمد بنضاج والمخرج عبد العزيز أوسايح والفنان إبراهيم رابلا والرايسة فاطمة تلبنانت والمايسترو الحسن بلمودن، عبد الله الطالب علي، وأيضا الفنان بلعيد العكاف وحسن أوريد…. وعدد من المثقفين والمبدعينم والإعلاميين ممن أسدوا خدمات جليلة للثقافة الأمازيغية..

الدشيرة: إبراهيم فاضل 

Top