ضد تهديد الصحافة والصحفيين

جرت الأحد الماضي محاصرة مقر الزميلة «أخبار اليوم المغربية» من طرف عناصر مناوئة لشباب 20 فبراير، وقامت بإحراق نسخ من الجريدة، فضلا عن ترديد شعارات التهجم في حق الصحفيين ومدير الجريدة، واتهامهم بخط تحريري منحاز و»مأجور ومدسوس»، وقد خلف هذا الحادث استنكار النقابة الوطنية للصحافة المغربية والفيدرالية المغربية لناشري الصحف وعموم المهنيين المغاربة. يمكن لمواطنين أن يحتجوا ضد ما تنشره الصحف، إنما التهجم على الصحفيين وترويعهم والقيام بإحراق نسخ من الصحيفة، كل هذا ليست له علاقة بالاحتجاج الحضاري، بل هو أقرب إلى التهديد وإلى استهداف سلامة الصحفيين، وهو ما يعتبر أمرا مرفوضا بقوة.
الاختلاف مع ما تنشره الصحف يمكن التعبير عنه، متى توفرت الصفة، بالطرق القانونية والمهنية المعروفة في العالم كله، أما التأسيس لأساليب متخلفة تذكرنا بما يتم في بلدان أمريكا اللاتينية من طرف عصابات المافيا، والتي تصل حد إزهاق أرواح الصحفيين، فهذا لا نريده لبلادنا.
من جهة ثانية، فأن ينتقل شباب إلى أمام مقر صحيفة، محملين بعشرات النسخ من الجريدة، وبصور جلالة الملك ويافطات وأعلام، فمعنى هذا أن هناك من أخرج الفكرة ورتب لها وجاء بالمنفذين واتفق معهم وسهر على أن يقوموا بالمهمة، وهنا ننبه إلى أن كل هذا يعتبر لعبا بالنار..
إن تجييش شباب لمثل هذا العمل الإجرامي، هو سلوك يشبه التجييش خلال الحملات الانتخابية لشراء الأصوات، وهذه الأساليب لم تزد المغرب إلا ضعفا وإساءة على المستوى الداخلي والدولي، وأن نشجع اليوم على التعامل مع  الصحافة والصحفيين بمثل هذه الهمجية، فهذا يجعلنا نضع الأيدي على القلوب خوفا على بلدنا وعلى مهنتنا وعلى … المستقبل.
إن ما وقع مع الزملاء في «أخبار اليوم المغربية» غير مقبول وغير مستساغ مطلقا، والأكثر مدعاة للاستنكار هو استغلال صور جلالة الملك والعلم الوطني في مثل هذه الرعونة الفارغة، وهو ما يعتبر مسا بمؤسسات البلاد ومقدساتها وثوابتها، وهنا أيضا اللعب مرفوض، والعقلاء لا يجنحون إلى العبث وإلى التفاهة.
إن تعبئة الشباب، أو تجييشهم حتى، كان من الأفيد لو تم من أجل التسجيل في اللوائح الانتخابية مثلا، أو من أجل مواجهة مفسدي الانتخابات والتصدي لشراء الذمم، وكان من الأذكى لو تم بقصد الدفاع عن قيم الانفتاح والحرية والمساواة والحداثة، أما ترتيب التهجمات ضد الصحف والصحفيين، مهما اختلفنا أو اتفقنا مع خطوطهم التحريرية، فهذا يهدد بجر البلاد كلها إلى الخلف.
نحن نرفض بشدة ما حصل، ونتضامن مع زملائنا في «أخبار اليوم المغربية»، وأيضا ننادي بقوة بمواجهة مثل هذه السلوكات من طرف السلطات، حتى لا تهجم علينا الهمجية ويعمنا التخلف والعبث.
[email protected]

*

*

Top