كان جمهور المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الـ 21 على موعد مع “سلسلة” حوارات، وهو برنامج يعطي للجمهور فرصة للقاء بأسماء سينمائية مغربية وعالمية كبرى.
وحضر هاته السنة ثمانية عشر شخصية سينمائية عالمية، أبرزهم مخرجون وممثلون وكتاب سيناريو ومنتجون.. كانوا على موعد مع جمهور شغوف بالسينما، للاطلاع على مسيرتهم الفنية ولمناقشة آرائهم السينمائية، وتبادل خبراتهم في محادثات حرة مع جمهور المهرجان.
وشارك في هاته الحلقة الحوارية، التي قدمها الناقد الفرنسي شارل تيسون واحتضنها مسرح ميدان، المخرجون المغاربة علاء الدين الجم وياسمين بنكيران وإسماعيل العراقي وكمال لزرق الذين تحدثوا خلالها عن أفلامهم الأولى انطلاقا من مقاطع لأفلام: “ملكات” لياسمين بنكيران، “سيد المجهول” لعلاء الدين الجم، “عصابات” لكمال الأزرق و”زنقة كونطاكت” لاسماعيل العراقي.
وقالت المخرجة وكاتبة السيناريو ياسمين بنكيران: “حينما أفكر في فيلم ما، فأنا لا أفكر أبدا في الموضوع، لدي دائما رغبة إخراج الفيلم.. وبالتالي فأنا أعمل على هذا الأساس، لأن موضوع الفيلم لا يكون هاجسي في البداية، بل يأتي ذلك حينما أتعمق (…) الأفلام التي كنت أحبها حينما كنت طفلة هي الأفلام التي تعرض الشارع، كنت أود أن أعكس هذا الأمر في أفلامي (…) حينما نكون في سن المراهقة تكون أحلامنا مبنية على المغامرة والتشويق، ودائما ما نجد أنفسنا أمام سينما مغربية أو سينما المشارقة، بالتالي نبدأ في البحث عن الأفلام الغربية”.
وفي حديثها عن فيلمها “ملكات”، قالت بنكيران: “كانت الفكرة هي أن نعرض الفيلم بطريقة واقعية، لكن، حاولنا كذلك أن لا نبتعد عن فكرة السينما، أي أن يكون هناك نوع من الدراما السينمائية”.
بعد ذلك تم عرض مقطع من فيلم “عصابات” للمخرج وكاتب السيناريو كمال لزرق، وجوابا على سؤال شارل تيسون حول اختياره لهذا المقطع بالضبط من الفيلم ليعرض في سلسلة “حوارات”، قال لزرق: “يصعب علي دائما اختيار مقاطع من الأفلام التي أقوم بإخراجها (…) هذا فيلم كلاسيكي لكن بممثلين يقدمون تجربتهم الخاصة من أجل إثراء الدور، إذن، هذا المقطع كان اختيارا صحيحا مني”.
كما تحدث لزرق عن تجربته في الاشتغال مع ممثلين غير محترفين يستعرضون تجاربهم العنيفة في ليل الدار البيضاء. حيث قال: “حينما نختار ممثلين غير محترفين فمن خلال لغة جسدهم وتعبيرات وملامح وجوههم، نجد الخلفية التي نسعى لإبرازها في العمل”.
تلا ذلك عرض مقطع من فيلم “سيد المجهول” للمخرج وكاتب السيناريو علاء الدين الجم، الذي اعتبر أن الكوميديا تمنح المخرج فسحة لمعالجة مواضيع حساسة مع هامش أكبر من الحرية في مجتمع يمزج بين التقاليد والحداثة. مضيفا “حاولنا أن نتحدث مع شيخ تلك القبيلة الذي رفض أن نقوم ببناء ذلك الضريح، لكنه وافق في نهاية المطاف بعد أن قدمنا له المال (…) من بين الأمور التي اتفقنا عليها مع المسؤولين، هو أنه في إطار هذا الفيلم، سنحاول تصوير هاته القرية كمجتمع مصغر (…) كما كنا نحاول أن نجد ذلك الخيط الرفيع الذي يعبر عن التوازن بين حدود السماء والأرض في التصوير”. يذكر الجم.
وعلى خلفية عرض مقطع من فيلمه “زنقة كونطاكت”، أشار السيناريست والمخرج إسماعيل العراقي أن “الفيلم يشبه أفلام الويسترن، ولهذا اخترت هذا المقطع، لأنه يعطي نبذة عن ماهية هذا الفيلم لمن لم يشاهدوه”.
وفي حديثه عن الممثلين قال: “بالنسبة لمن يلعبون دور البطولة فهناك خنساء باطمة، وهي مغنية، لكنها مثلت بشكل رائع، وهي المرأة التي جسدت روح الفيلم (…) فكرت أيضا في الموسيقى، وحاولت أن تكون مزيجا بين موسيقى الويسترن والموسيقى المغربية، وهي موسيقى أداها عازفون مغاربة، حاولنا أن نجسد ذلك الطابع العنيف الذي يعكس أفلام الويسترن مع إضافة النبرة المغربية في آلات مثل الطبل والدربوكة. فالموسيقى والممثلون الذين أشتغل معهم وأستفيد من خبرتهم وتجربتهم هي أمور أساسية بالنسبة لي في الفيلم. قد يبدو هذا الفيلم كفيلم ويسترن ولكن مع الحفاظ على الطابع المغربي وهو ما أردت أن أركز عليه”.
وقد درست المخرجة والسيناريست ياسمين بنكيران السينما في المدرسة الوطنية العليا لمهن الصورة والصوت “فيميس” قبل أن تخرج سنة 2018 الفيلم القصير “ساعة فصل الشتاء”، الذي شارك في العديد من المهرجانات منها مهرجان طنجة الدولي ومهرجان تروفيل للفيلم القصير. ليأتي بعد ذلك فيلمها الطويل الأول “ملكات” (2022) الذي تم دعمه من قبل ورشات الأطلس في مرحلة التطوير عام 2018، ثم في مرحلة ما بعد الإنتاج عام 2021.
وتخرج لزرق، أيضا، من المدرسة الوطنية العليا لمهن الصورة والصوت “فيميس” سنة 2011 متخصصا في الإخراج. وقد نال فيلمه القصير الأول “دراري” (2011) الجائزة الثانية لمسابقة “سيني فونداسيون” لأفلام الطلبة بمهرجان كان، والجائزة الكبرى للفيلم القصير بمهرجان بلفور بفرنسا. بينما فاز فيلمه الطويل الأول “عصابات” (2023) بجائزة لجنة التحكيم في قسم “نظرة ما” بمهرجان كان، وجائزة لجنة التحكيم بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
بدوره، درس إسماعيل العراقي في المدرسة الوطنية العليا لمهن الصورة والصوت “فيميس”، وقد أخرج فيلمه الطويل الأول “زنقة كونطاكت” (الاختيار الرسمي لمهرجان البندقية السينمائي الدولي 2020، جائزة ليون هوريزونتي لأفضل ممثلة).
أما علاء الدين الجم فقد درس السينما بالمدرسة العليا للفنون البصرية بمراكش وبالمعهد الوطني العالي لفنون العرض وتقنيات النشر والتوزيع “إنساس” ببروكسل. قام بإخراج وإنتاج مجموعة من الأفلام اختيرت في العديد من المهرجانات العالمية. أخرج في سنة 2019 فيلم “سيد المجهول”، الذي شارك في مسابقة “أسبوع النقاد” بمهرجان كان وكذلك في مهرجان مراكش.
تجدر الإشارة إلى أن الأسماء التي حضرت لهاته الدورة في سلسلة “حوارات” سبق لأغلبها أن توجت بجوائز الأوسكار، وغولدن غلوب، إضافة إلى جوائز مهرجان كان والبندقية وبرلين: المخرج والسيناريست والمنتج تيم بورتون، المخرج والسيناريست الكندي ديفيد كروننبرغ، المخرج والسيناريست والمنتج المكسيكي ألفونسو كوارون، المخرجة الأمريكية أفا دوفيرناي، المخرج الأميركي تود هاينز، المخرج الأسترالي جاستن كورزيل، المخرج الفرنسي فرانسوا أوزون، الممثلة البريطانية جيما أرترتون، الممثل والمخرج الأمريكي شون بين، المخرج والسيناريست والمنتج الإيراني محمد رسولوف، المخرج والسيناريست البرازيلي والتر ساليس، المخرج والسيناريست الروسي كيريل سيريبرينيكوف، المخرج الموريتاني عبد الرحمان سيساكو والمخرجة الفرنسية جوستين ترييه.
متابعة: سارة صبري
تصوير: أحمد عقيل مكاو