لم يتمكن الشاعر المغربي أحمد بنميمون من تسلم طرده البريدي الذي هو عبارة عن نسخ إصداره الجديد شهود الساحة، بسبب إجراءات إدارية بجمارك مطار النواصر بالدار البيضاء، فضلا عن أن هذه النسخ وجدها منقوصة العدد. في الحوار الآتي، يتحدث صاحب شهود الساحة عن تفاصيل الواقعة وعن آخر تطوراتها.
> ما هي تفاصيل عدم تسلمك نسخ كتابك التي حملها لك البريد؟ ـ
< أتاني هاتفٌ يوم الأربعاء 31غشت2016 بلغة البلاد المرسَّمة رغم لا دستوريتها، ليُخبر أن عليك أنت أحمد بنميمون، الحضور إلى جمارك مطار النواصر لأداء رسوم حتى تستلم الطرد البريدي الذي بُعِثَ إليك َ به من مطار دُبَيّ، وذلك قبل نهاية يوم الجمعة
2 شتنبر، فكان أن اتصلت على الفور بناشر كتابي بالشارقة فأكَّـد لي أنهم أدَّوْا جميع الرسوم وليس عليهم إلا إيصال الطرد الحامل لمجموع النسخ المجانية إلى العنوان المسجل عليه، وقد أخبرني هاتف المطار أنّ عدد النسخ 15 نسخة ، ليؤكد لي جواب المديرة المساعة لدار النشر أنهم بعثوا إليّ بـ 20 نسخة حسب
العقد المبرم بيني وبين الناشر. ومن جهتي قررت أن أكتفي بإعلام الجهة التي بعثت إليّ بالكتاب عن طريق البريد السريع حسب تعبير رسالة الناشر الذي أكَّد علي ضرورة تجديد تذكيره بالعنوان وهاتفي الشخصي لـسلامة الوصول، لكن يبدو أننا سنفتقد بعد زمان قليل هذه السلامة على كل الأصعدة ، من بينها حتى سلامة الوصول إلى بيوتنا. وقد اتصلت ببريد شفشاون مستفسراً عن إمكانية الأداء نزولاً عند رغبة من يرضيه ابتزاز كاتب فقير، فقيل لي إن الأداء لا يقبل في غير مكاتب الجمارك التي دعتك إليها، وربما كان هذا من باب حسن التخلص، حتى لا يورط مكتب البريد نفسه في أي واقعة ابتزاز. لكنني قررت وقد ضاق الوقت ألا أغادر شفشاون في طلب نسخ ستأتيني من البيضاء، إن تنازل من يبتزني في مطار نواصرها، أو من الشارقة حيث مقر فريق “روايات” ضمن شركة “كلمات” ناشر مجموعتي القصصية الثالثة (شهود الساحة). ومن محاسن الصدف أن تطوع كاتب مغربي مبدع باحث جاد مقيم بالإمارات مشكوراً، أن يحمل إليّ حين عودته في نوفمبر المقبل عدداً من النسخ على حسابه، بعد أن سجل تضامنه معي، ودعمه المادي بهذه الطريقة الرائعة.
> هل اتصلت بك بعض المؤسسات والجمعيات لإيجاد مخرج لهذا المشكل؟ ـ
< إني لآسف لكون أي جهة رسمية أو مدنية لم تتصل بي، وفي الحقيقة أنا الذي نشأت وقوي عودي في زمن الجمر والرصاص، شبـَبْتُ على ألا أنتظر من أي مؤسسة أن نوجِدَ لي مخرجا من أي مشكلة أعاني منها، إلا أنني إن أنسى لا أنسى اتصال الكاتب القاص الروائي المبدع عبد الحميد الغرباوي بي مشكوراً، ليفكر معي في كيفية للنيابة عني للاتصال بالمطار وأدائه ما يطالبون به من رسوم، إلا أن الأمر اعترضته عدة تعقيدات، منها أن الجمارك كانوا قد طلبوا توكيلاً قانونياً يحمله من ينوب عن الشخص المعني، فتعذر عليَّ القيام بذلك لضيق الزمان واستحالة بعث التوكيل. مما ترتب عنه بدء عداد التخزين بحساب زجري يتضاعف، كما لو أنهم يخزنون عندهم مادة تجارية. إلا أن تضامن المثقفين والمبدعين معي، في المغرب وخارج المغرب، في هذه النازلة التي أسماها بعضهم محنة، وهي محنة فعلاً، جعلني أتقبلها بروح معنوية عالية، تأكد لي معها وجود من لا يهتم بسمعة المغرب على أي مستوى كان، حقوقياً أم سياسياً، أم قانوناً دولياً، أم إبداعياً كما في حالتي هذه.
> ما هي آخر المستجدات بهذا الخصوص؟ ـ
< لا جديد في الأمر غير ما أتاني من دار النشر من تأكيد أدائها لرسوم البريد السريع الذي عليه أن يوصل إليّ شحنة كتابي التي نقصت خمس نسخ من مجموع عشرين نسخة حملها الفريق الناشر. وسأبقى متشبثاً بحقي إن كان بعض حقوق مواطنة في هذه البلاد، وإلا فليكسروا قلمي وليقطعوا يدي وليخنقوا نفَسي وبذلك كما قال الشاعر ننجو منهم، أو ينجون منا؟ لا ترانا نطلب في هذا الزمن إلا “سلامة الوصول” إلى منازلنا، فلا قدرة لنا على إيذاء أحد، بل إننا لا نفكر في الأصل إلا في ما ننفع به بلدنا.
> ماذا تقترح لتجاوز هذه المعضلة؟
< هي معضلة حقاً في نظر الشرفاء الذين لا يريدون لاسم وطنهم أن يُلوَّثَ، لكنها إجراء إداري، ربما كان في نظر بعضهم إجراءً أمنياً، وبه أفهم سحب خمس نسخ من الكتاب لضرورة الرقابة، وإلا فليس عليّ إلا أن أطرد من ذهني خاطر أن أحدهم سرق منها ما لا يبيح سرقته من أي مراسلة سيد قوانين الوطن وهو الدستور الذي ينص على احترام سرية المراسلات، وعدم فض أي مادة مرسلة، وأتذكر مرة أن أحد أصدقائي من المبدعين وكنا عائدين إلى الوطن من سفر ثقافي، وكلنا محمَّلٌ بكتب كثيرة، فكان أن سحبت شرطة المطار منه كتاب (الثورة في الشعر العربي) فهل يكون في عنوان (شهود الساحة) شيءٌ مما يثير حساسيات في نفوس لا تستطيع التخلص من أوزار ماض كريهٍ نحاول جميعاً أن نتناسى فظائعه وظلماته؟ولذلك فلا قدرة لي على اقتراح شيء، فلله الأمر والحمد، من قبل ومن بعد.
حاوره: عبد العالي بركات