تشكل الأغنية الوطنية والملاحم المرتبطة بها، الميدان الذي صال وجال فيه الفنان الموسيقي المغربي عبد اللطيف السعيدي، حيث قدم عطاءات جديرة بالاهتمام والتقدير، وبمناسبة احتفال بلادنا بعيدي المسيرة والاستقلال المجيدين، كان لبيان اليوم حوار معه، حول حاضر الأغنية الوطنية ومآلها.
> كيف جاء انخراطك في تجربة الإبداع ضمن مجال الأغنية الوطنية؟
>> كان ذلك منذ بداية التسعينيات، فقد كان لدي ميول نحو الغناء، وبالأخص ما يساهم في التوعية من أجل رقي البلاد والحفاظ على وحدتها، ومع توالي الإنتاج، صرت متخصصا في مجال الأغنية الوطنية، واكتسبت تجربة سواء على مستوى التأليف أو التلحين.
> ما هي خصوصيات الأغنية الوطنية؟
>> الأغنية الوطنية تدخل في سياق المواقف المدافعة عن حوزة الوطن، والدفع به نحو الرقي في جميع الميادين واستحضار أمجاده لأجل إذكاء الحماس لدى الأجيال الحاضرة أو القادمة واكتساب الغيرة عليه.. نتناول في الأغنية الوطنية عدة قضايا تصب في نقطة مشتركة، هي تحقيق التنمية وترسيخ قيم العدالة وحقوق الإنسان، وكذلك ما يتعلق بالتربية على المواطنة، والتوعية والتحسيس، ولا أدل على ذلك ما قمنا به، مؤخرا، نحن الفنانين من إنتاجات فنية تصب في التحسيس بخطورة وباء كورونا وحث المواطنات والمواطنين، عبر الأغنية والموسيقى، على احترام كل الإجراءات الوقائية.. وأنتجنا زخما من الأغاني في عز الحجر الصحي، وبإمكاناتنا الذاتية..
> هل هناك تشجيع على إنتاج الأغنية الوطنية بمختلف تمظهراتها؟
>> لا، مع الأسف لا ألمس هناك أي تشجيع، على الرغم من القيمة التي يشكلها هذا النوع من الغناء. إن الأعمال التي أنتجتها والتي تدخل في هذا النطاق كلها كانت من إنتاجي الشخصي، يعني من مالي الخاص، وهذا الأمر لا يقتصر علي فقط، بل يسري على أغلب مبدعي الأغنية الوطنية، إننا عادة ما نتضامن في ما بيننا نحن الفنانين من أجل الحرص على استمرارية العطاء في هذا المجال، نضحي بوقتنا وبمالنا، لأننا لدينا غيرة على وطننا وعلى القيم والمبادئ الراقية التي نؤمن بها.
لدي إيمان قوي بدور الأغنية الوطنية في تحقيق الغايات النبيلة التي ينشدها بلدنا تحت القيادة الملكية الرشيدة، لقد كان لها إسهام في إذكاء الحماس لتحقيق الاستقلال، كما لعبت دورا أساسيا في مصاحبتها للمسيرة الخضراء.. إنها جزء من تاريخ المغرب، ينبغي الحرص عليه وتجديده في كل مناسبة ذات الصلة.
> ما سبب تراجع حضور الأغنية الوطنية خلال السنوات الأخيرة، على عكس ما كان عليه الأمر في عهد جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني؟
>> هذه علامة استفهام لا أجد لها جوابا سوى أن الظروف أصبحت مختلفة، فقد ظهرت وسائط اتصال جديدة، يمكن لي القول إن شبكات التواصل الإلكتروني غيرت مجرى التاريخ، فقد حلت منصة اليوتوب محل القنوات التلفزيونية التقليدية، بحيث ضعف الاهتمام بالإنتاج الموجهه إليها سواء ما تعلق بالأغنية الوطنية أو بغيرها، لكن هذا لا يمنع من القول إن الإنتاج في مجال الأغنية الوطنية لم يتوقف، كل واحد منا نحن المبدعين يجتهد حسب قدراته وطاقته الخاصة، لأن حب الوطن يسري في عروقنا.
على سبيل المثال بعض إنتاجاتي على اليوتوب، حققت عشرين مليون مشاهدة في ظرف شهر واحد فقط.
> ما هي أبرز الإنتاجات التي قدمتمونها في مجال الأغنية الوطنية وما هي الأدوار التي لعبتها؟
>> قدمنا العديد من الإنتاجات، خاصة تلك التي تدخل في إطار الملاحم، والتي كان لها وقع جيد وحققت أهدافها، أذكر في هذا السياق الملحمة التي ساهمنا بها في طيليطون الخاص بإنشاء مستشفى متعلق بذوي الاحتياجات الخاصة، وهناك ملحمة أنتجناها حول قضية الصحراء المغربية، حيث دافعنا عن خيار الحكم الذاتي لأقاليمنا الصحراوية تحت السيادة الوطنية، وهناك ملحمة أخرى متعلقة بالتوعية بمحاربة مرض السرطان، وأخرى حول تلاحم الشعب مع الملك لنصرة قضايانا الوطنية ومواجهة تحديات المستقبل، وعلى المستوى الدولي أنتجنا ملحمة خلال استشهاد الفلسطيني جمال الدين الذرة، استحضرنا فيها النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي.
> ما ذا تقترح للنهوض بالأغنية التي تتغنى بالوطن وبأمجاده؟
>> هناك اليوم حاجة ماسة إلى دعم هذا النوع من الغناء، سيما أنه لا يدخل في خانة الإنتاج التجاري. على قنواتنا التلفزية أن تولي الاهتمام بهذا المجال، رغم سطوة مواقع التواصل الإلكتروني.
> حاوره: عبد العالي بركات