إلى القريبين إلى القلب رغم نذرة اللقاءات: عبد الرحيم أنوار ومحمد سطيلي وإبراهيم ديدي.. الذين كسروا الجدار الرابع، وغادروا المسرح، قبل انطلاق الفصل الثاني.. الأول أخذته رياح بلاد العم سام، أما الثاني والثالث فقد شَغَلتهما وأبعدتهما الوظيفة وإكراهات الوقت.
***
عندما أحس محمد لوقمان في مرحلة شبابه الأولى، بانجذاب نحو فن التمثيل، باح بسر هواه لابن خالته، الذي أخذهمن يده وسار به، إلى دار الشباب قرية الجماعة بالدار البيضاء، التي لم تكن تبعد عن سكنهما. هناك تعرف على أندية وجمعيات تهتم بالمسرح، من بينها واحدة، كانت رائدة وقتها في مجال المسرح الهاوي، وهي جمعية الطلائعي.
سنة 1978 قَرﱠ عزم الشابين معا، أن يوقفا ارتباطهما بدار الشباب، ويبحثا عن فضاء يتيح لهما، تعلم أبجديات وقواعد فن التشخيص المسرحي. فكانت وجهتهما هذه المرة، المعهد البلدي بشارع باريس. وإن كان محمد لوقمان في هذه الفترة، قد التحق أيضا بالمعهد الوطني بشارع الزيراوي، الذي كان تابعا لوزارة الثقافة، وكان يُدرس به وقتها مادة المسرح، الفنان صلاح الدين بنموسى. لكن الشاب المهووس حينها بالتمثيل، صَعُبَ عليه الجمع بين الدراسة في المعهدين معا، فواظب صحبة رفيق دربه، على حضور دروس الفنان مصطفى الزناﮔـي في مرحلة أولى، ثم المسرحي الأستاذ بوشعيب الطالعي في مرحلة لاحقة، بالمعهد المتواجد على مرمى بصر من المسرح البلدي، الذي لم يكن قد هُدﱢم بعد، ليعوض بتلك الحديقة البئيسة.
سنوات الدراسة بالمعهد، يمكن أن نقسمها إلى مرحلتين هامتين، من مسار هذا العاشق للخشبة. الأولى بقسم الأستاذ الطالعي، الذي كان وقتها يدير فرقة أصدقاء المسرحبالمغرب، التي كانت تجمع في عروضها، بين ممثلين متفرغين، وآخرين شباب من طلبة المعهد. هكذا سيجد محمد لوقمان نفسه مشاركا، ضمن أعضاء هذه الفرقة، في مواسم متقاربة في المسرحيات التالية : “التحقيق” سنة 1983ثم “الخادمة” سنة 1984، و”جحا في سوق المزاد” سنة 1990، والمسرحيات الثلاث، كانت من تأليف وإعداد وإخراج بوشعيب الطالعي.
في هذه الفترة أحس هذا العاشق المتيم بالفن المسرحي، القادم من تخوم قرية الجماعة، إلى وسط كازابلانكا، أن خطواته الأولى في درب أب الفنون، قد خطاها بتألق وبهاء، بشهادة القيمين على الأعمال التي شارك فيها.
وهو بالمعهد البلدي دائما، سيجد نفسه في مرحلة ثانية، ولتعميق تجربته، يقرر الاستفادة من مدرسة أخرى في التلقين والتشخيص والإخراج، إذ سيلتحق بقسم الأستاذ الفنان الراحل محمد سعيد عفيفي (1933- 2009). هذا الأخير سيختبر قدراته، عبر تمارين ومشاهد من الريبرطوار العالمي، مترجمة إلى لغة الضاد، من قبل الأديب الفلسطينـي جبـرا إبراهيم جبرا (1920- 1994)، أو الشاعر اللبناني خليل مطران (1872- 1949)، وكذلك عبر مشاهد من المسرح المغربي، للكاتب المسرحي عبد الصمد الكنفاوي (1928- 1976)، أو الزجال والمسرحي الطيب العلج (1928- 2012)، أو الكاتب المسرحيالطاهر واعزيز (1925- 2013)، وغيرهم…ليقرر – “عطيل المغربي”- بعد الوثوق من قدراته ومداركه، وتمكنه من كل مكونات العمل المسرحي، التي تلقاها بالقاعة رقم 8، وبفرقة أصدقاء المسرح بالمغرب، أن يضمه إلى فرقته المسرحية كممثل، ويسند له أحد الأدوار الصعبة، ألا وهو دور “إزيكياردو” في مسرحية “مونسيرا”، التي تم عرضها سنة 1986، في إطار جولة وطنية بالعديد من قاعات العرض والمسارح، وهي المسرحية التي كتبت عنها إحدى الصحف الأمريكية، بحكم مشاركة ممثلين لامبصرين فيها، لأول مرة في تاريخ المسرح المغربي.
بعد التخرجمن المعهد، والانخراط في تجارب أخرى، وبعد مرور عقد ونصف من”مونسيرا”، يعود سنة 2000 ضمن فرقة مسرح الآخرين، لمؤسسها محمد سعيد عفيفي، في دور مفتش المالية، من خلال مسرحية “رجل من الشمس”. هذه المسرحية التي قام بإعدادها (مغربتها) وأخرجها المرحوم عفيفي، عن مسرحية “نظام فابريزي” للكاتب الفرنسي جون هوسون (1912- 1978)، وتجدر الإشارة أنها أول مسرحيةمغربية – على ما يبدو- حظيت بالرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، خلال جولتها الوطنية. أما مسرحية “مونسيرا” فقد قام بإخراجها عن نص مسرحي “ثمن الحرية” للكاتب الفرنسي : إيمانويل روبلس (1914- 1995)بترجمة للأديب اللبناني سهيل إدريس (1925- 2008).
بعد هاتين التجربتين، أسس محمد لوقمان جمعية الفنون الدرامية، بدار الشباب قرية الجماعة، حيث اشتغل في إطارها على مسرحيتين كلاسيكيتين وازنتين، لكل واحدة منهما قيمتها التاريخية أدبيا ودراميا. يتعلق الأمر بـِ “أنتيغون”، للمسرحي والسيناريست الفرنسي “جان أنويه” ( 1910- 1987)، التي قدمها سنة وفاة كاتبها. والعمل الثاني “البؤساء”، التي جمعت بين التشخيص المسرحي اعتمادا على الحوار، وعلى التعبير الجسدي اعتمادا على الرقص. وهي المسرحية التي قام بإعدادها الدراماتورجي، عن رواية البؤساء للشاعر والمؤلف الفرنسي فيكتور هيجو (1802- 1885)، زميله ورفيق دربه محمد محبوب، فيما قامت بتصميم الرقصات، الفنانة الكوريغرافية سمر المريبطي (وكلاهما من طلبة المعهد البلدي)، كما استعان المخرج على مستوى تشخيص باقي الأدوار على بعض الطلبة من نفس المعهد.
وفي نفس الفترة، سيقوم محمد لوقمان بإخراج مسرحيتين، الأولى “ما كان بيدي ماندير”، كانت من اقتباسه وإنتاج الفنان المسرحي الراحل محمد العلوي (1936- 1996). أما الثانية فكانت بعنوان “الرحلة إلى أمريكا”، من تأليف عبد العزيز أيت الطالب.
بعدها، ستتواصل رحلة هذا المناضل المسرحي، مع فرقة الأخوين روندو، حيث شاركهما كممثل خلال الفترة الممتدة ما بين 2004 و 2010، في مجموعة أعمال من بينها: ” خالي خان” و “الرادار في الدار” و “هذا حالنا”.، التي أخرجها الفنان عبد الواحد موادين. ثم سيعود إلى الإخراج والتشخيص، ضمن فرقة مسرح العائلة، التي أسسها بمعية رفيق آخر، من رفاق الأمس وطلبة المعهد، وهو عبد الرحمان حنشاوي. وشرعت هذه الفرقة تقدم أعمالها الفرجوية ابتداء من موسم 2012، ومن أبرزها “شكون أنتما ؟” و “لحساب غلط”، ثم “قلب وشقلب” و “درنا علاش”، وكذلك “دم الخلخال”،أما “عند من لخبار” فقد أخرجها الفنان عبد الحق قيس، وشارك فيها كممثل فقط، إلى جانب الفنانة المتألقة حنان الخالدي، والممثل خفيف الظل زكرياءتامالدو، والممثل المجد والمجتهد عبد الله شيشا. وقُدمت هذه المسرحية في موسم 2015، في جولة وطنية تحت إشراف فرقة أقواس.
وإن كان يعتبر نفسه مسرحيا بالدرجة الأولى، فلمحمد لوقمانالعديد من المشاركات التلفزيونية، كان قد دشنها سنة 1986، مع سلسلة “كاريكاتور” للراحل عزيز سعد الله (1950- 2020) وخديجة أسد، وهي من إخراج الشاعر الغنائي والمخرج الراحل حسن المفتي (1935- 2008). ثم في بعض حلقات “وقائع” بالقناة الثانية، خلال موسمي 1999 و2000، وفي سلسلة “دار أمي هنية” بالقناة الأولى، خلال عام 2002. وتحت إدارة فاطمة بوبكدي شارك في شريط “أمود” (2004)، وفي الجزأين الأول والثاني، من سلسلة “رمانة وبرطال”، عامي 2005 و 2006، وفي الأجزاء الثلاثة من سلسلة “حديدان”، خلال سنوات 2010 و 2012 و2013. وتحت إدارة ابراهيم شاكيري، له مشاركة في “ربعة من ربعين” عام 2014، و”حديدان عند الفراعنة” خلال موسم 2019، كما كان ضمن طاقم مسلسل “تريكة البطاش” لشفيق السحيمي” سنة 2008. وبصم اسمه، وإن بدورين صغيرين، مع مخرج عربي من العيار الثقيل، هو حاتم علي. الـذي اشتغـل معـه فـي مسلسليـن، “ربيـع قرطبة” سنة 2003 و”بيوت من مكة” عام 2011، ولديه مشاركات تلفزيونية أخرى، لا يسمح المجال بذكرها جميعا.
أما السينما المغربية، فلم تنصف هذا الفنان ذي الكاريزما المتميزة، ولم تستغل ولم توظف قدراته التشخيصية والتعبيرية الهائلة كما ينبغي. إذ شارك في ثلاثة أشرطة، أولها طويل “بيضاوة” لعبد القادر لقطع عام 1998، ثم شريطين قصيرين، “العودة إلى المدرسة” لمحمد سالوتو”لبلاكة” لمصطفى أشاور، وكلاهما أُنجزا في موسم 2017.
خلال الموسم الحالي، آثر محمد لوقمان العودة إلى عشقه الأول والدائم، عبر تجربة جديدة، عبارة عنمونودراماسَمـﱠاها “أحلام عالقة”. استغرقت من وقته أكثر من عام، بين الإعداد وكتابة الحوار والتدرايب. المسرحية مقتبسة عن قصة “يوميات مجنون”، للروائي والمسرحي الروسي الكبير “نيكولاي ﮔوﮔول” (1809- 1852). تتحدث القصة عن موظف بسيط حالم، يشتغل بإحدى الدوائر الحكومية، وينتظر ترقية في عمله تمكنه من العيش الكريم، والزواج بمحبوبة قلبه، لكن الفوارق الاجتماعية حالت دون ذلك، فأصبح يعيش تحت ضغوطات يومية أدت به إلى الجنون. وللتذكير فإن “يوميات مجنون”، قد اقتبسها وقدمها على خشبات المسارح، العديد من الفنانين العالميين والمشارقة والمغاربة كذللك..
لكن الجديد في “أحلام معلقة” لمسرح العائلة، هو مغربة القصة، إذ أصبحت الشخصية الرئيسية تحمل اسم “المختار”، الذي يحاور شخصيات تتراءى له وحده دون غيره.. شخصيات تستهزئ منه، وتحقد عليه وتنافسه حبه لـِ “أحلام”.
بذل محمد لوقمان مجهودا كبيرا خلال التداريب، وسعى إلى التلوين في أدائه التمثيلي، بالصوت والجسد والإماءة، وكذلك من خلال الأدوات الداخلية، في تصوير الانفعالات الإنسانية المختلفة، لإعطاء الشخصية عمقا يُسهل على المتلقي، التواصل مع الأحداث. وكم كان مغتبطا وفرحا وسعيدا، وهو يحيي الجمهور الذي وقف يصفق له طويلا، في نهاية العرض الأول مساء يوم السبت فاتح فبراير 2020، بالمركب الثقافي كمال الزبدي بابن مسيك بالدار البيضاء، وقد قُدم هذا العرض في إطار فعاليات، الملتقى الثقافي الثالث لمحترف التلقي المسرحي، حيث تماهي فيه هذا المسرحي المخضرم، مع شخصية “المختار” واندمج منصهرا فيها بكل جوارحه، وجاء تشخيصه لها أقرب إلى “الجدبة”، المُطَعـﱠمة بقواعد وتوابث وقوالب أب لفنون.نجاح ساهم فيه كذلك، الفريق التقني المكون من عبد الكبير البهجة، كمشرف على الإضاءة والموسيقى، وعبد الرحمان حنشاوي الذي أنجز السينوغرافيا، فيما المحافظة العامة أُنيطت بالشاب عبد الواحد العسلاوي.
كان أمَل محمد لوقمان، بعد نجاح هذا العرض التجريبي، أن يعانق جماهير أخرى عاشقة للمسرح، بمجموعة من قاعات العرض والمسارح بالدار البيضاء ومدن أخرى، لكن جرت رياح جائحة كورونا، بعكس ما خططت له فرقة مسرح العائلة، وزاد من خيبة هذه الفرقة كذلك، حرمانها من الدعم المعلن عنه مؤخرا من طرف وزارة الثقافة، رغم احترام الفرقة لأجَل وضْع الملفات، بتقديم ملف تقني وصحفي مستوفي لكل الشروط المطلوبة.
ولأن المسرح عدو الملل، ويربي ويحرض على الأمل، ففناننا يواصل تداريبه على أحلامه المعلقة، في انتظار انقشاع غيمة كورونا، وعودة الحياة لطبيعتها، وفتح المسارح لأبوابها، حتى يتسنى له مجددا طرق أبواب الجهات الوصية، عَلـﱠها تنصفه هذه المرة، وتوفر له الظروف والأجواء الملائمين، لتقديم عمله المسرحي بقاعات العرض، بمختلف مدننا وحواضرنا.
عندما يصفو الخاطر، ويكون المزاج رائقا، يطيب لمحمد لوقمان أن يعيش نوستالجياه، متذكرا في لحظة ما، العروض الاحترافية أو شبه الاحترافية، التي شارك فيها إبان فترة البدايات أو ما بعدها. ولقد أشرنا إليها في مستهل هذا المقال، ونواصل الحديث عنها، من حيث المشترك فيما بينها، دون تخطيط مسبق من الذين أنجزوها أو ساهموا فيها.فمسار ومستقبل الفنان يحددبأمور، يحضر فيها الاجتهاد والصبر والمثابرة، والتحدي إن اقتضى الحال، ثم الحظ.
ففي مسرحية “الخادمة”، شاركته ممثلة كانت آنذاك في أول عمل مسرحي احترافي لها، وهي الفنانة نزهة زكرياء، التي ستتألق لاحقا في الدراما التلفزيونية، وفي السينما كذلك، قبل أن تقرر الاستقرار بأمريكا، وهي في أوج عطائها الفني. وفي مسرحية “التحقيق”، ستشاركه الفنانة المقتدرة عائشة ماهماه، وهي لاتزال في بداية مشوارها الفني الاحترافي. في مسرحية “مونسيرا”، كان من بين الذين اشتغلوا معه، الفنان المرهف الحس عبد الفتاح النـﮔادي، الذي أدى دور زوج “إلينا”، وهذه الشخصية أدتها الفنانة المقتدرة فاطمة خير، كأول دور لها على خشبة المسرح. إذ سيواصلان تألقهما فيما بعد، النـﮔادي سيبصم اسمه في سِجل الأغنية المغربية، المتميزة شعرا ولحنا وأداء مع مجموعة النورس في البداية، وبمفرده فيما بعد. أما فاطمة خير فسطع نجمها تلفزيونيا، من خلال مجموعة من الأشرطة والمسلسلات، وكمنشطة برامج كذلك، وحضور قوي في السينما والمسرح أيضا. ويبقى – منوجهة نظري الخاصة – دور “إلينا” في مسرحية “مونسيرا”، من أجمل أدوار هذه الفنانة المتألقة، رغم أنها كانت في بداية مشوارها الفني، كما أسلفنا. أما في مسرحية “رجل من الشمس”، فكانت مع محمد لوقمان شلة من خيرة طلبة المعهد البلدي، نجد في مقدمتهم الكاتب والمسرحي عبد الرحيم مشيمش كمساعد مخرج، والفنانمحمد محبوب في دور “البوعزيزي”، والممثل طارق البخاري في المؤثرات الصوتية، والممثل وأستاذ المسرح محمد الصوفي في العلاقات الإدارية والفنية، والفنانة إلهام وعزيز في أول ظهور مسرحي لها، من خلال دور تركيبي لشخصية “أمي طامو”، وهي سيدة كبيرة في السن، وقد تفوقت في أدائها لهذه الشخصية بشكل ملحوظ، كما تفوقت في شخصيات أخرى، إن على خشبة المسرح أو على شاشة التلفزيون، من خلال مجموعة من الأفلام والمسلسلات والسيتكومات.
وعبر هذا الشريط الاسترجاعي لمحمد لوقمان، المصحوب بالحنين، كان لزاما عليه أن يتذكر – مبتسما –رفيقه وصديق الدراسة بالمعهد البلدي، الفنان المقتدر والمتعدد والمتجدد حسن الفد. يتذكر زيارات هذا الأخير له، بمكتبه كمدير لمسرح عين السبع، حيث يشرعان في حديث فني ذي شجون، قد يكملانه بإحدى مقاهي وسط المدينة، التي ينزلان إليها عبر سيارة “با كبور”.
وتصر الذاكرة على أن تغوص عميقا، لتعود إلى البدايات.. عندما رافقه ابن خالته في أول مشوار، إلى دار الشباب قرية الجماعة، ثم إلى المعهد البلدي في مرحلة لاحقة.. ابن الخالة ورفيقه “محمد التورابي”، عُرِفَ بين طلبة المعهد البلدي، إبان بداية الثمانينيات البعيدة، بتماهيه مع الأدوار الكلاسيكية العالمية، وبأدائه المجنون لدور “كاليجولا”، في المسرحيــة المعروفـة بنـفـس الاسـم، للروائـي والمسرحـي الفرنسي “ألبيـر كامـي” (1933- 1969)، ومن أبرز ما أنجز هذا المهووس الآخر بالمسرح، خلال دراسته المسرحية وبعدها كذلك، مشاركته خلال موسم (1985- 1986) في ملحمة “نحن”، للمسرحي المغربي الكبير الراحل الطيب الصديقي(1937- 2016)،كما قام بإعداد ملحمة وطنية كتابة وإخراجا، شارك فيها مجموعة من شباب منطقة ابن مسيك، إضافة إلى مشاركته في بعض حلقات سلسلة اجتماعية لفرقة البدوي. وابتداء من أواخر التسعينيات، سيتفرغ لتكوين يافعي الجمعيات، بدار الشبابامحمد بن سودة، في مكونات العمل المسرحي. وبالموازاة مع ذلك، كان يرسم لوحاته التشكيلية، التي كان يتخلص منها مباشرة بعد إكمالها، ببيعها لأحد سماسرة هذا الفن، بثمن لا يساوي حتى الربع من قيمتها الفنية.
هذان الحالمان الطموحان، اللذان جمعتهما قرابة الدم، كما جمع بينهما سابقا، جوار السكن بحي سباتة، لم يكتب لهما مواصلة المشوار سوية كما بدآه، لأن الموت ختم باكرا مسيرة “محمد التورابي” في عام 2007، وهو بالكاد يقفل عقده الخامس.
عندمايغيب رفيق المشوار، تجد نفسك أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن تنزل في أقرب محطة، وتنسى وتطوي الذي كان.. وإما ان تقوي الإصرار والعزيمة بداخلك، أكثر بكثير مما كانا عليه في السابق، وهذا بالتحديد ما قام ويقوم به فناننا الصامد محمد لوقمان.
> بقلم: عبد الحق السلموتي