غيب الموت، مساء أول أمس الأربعاء بالرباط، المناضل التقدمي والخبير القانوني والحقوقي، الوزير السابق وسفير المملكة حاليا بالأردن، الرفيق خالد الناصري، وذلك بعد معاناة مع المرض.
النبأ كان مفجعا لأسرته وأقاربه، ولرفيقاته ورفاقه وكل من عرفه، والرزء كان فادحا، والرحيل أودى بحياة أحد القياديين التاريخيين لحزب التقدم والاشتراكية، وواحد من أبرز كفاءات بلادنا في القانون والسياسة وحقوق الإنسان….
لقد فقد المغرب في خالد الناصري رجلا وطنيا صادقا، وهو الذي اختار دائما، وعلى امتداد عقود، الحضور المستمر في عمق الانشغالات والقضايا والتطلعات الوطنية، مناضلا ميدانيا ومؤطرا ومترافعا وكاتبا ومحللا ومعلقا ومسؤولا ورجل دولة.
عمل الراحل في المحاماة وفي تدريس القانون بالجامعة، وناضل ضمن حركة حقوق الإنسان بالمغرب وخارجه، كما بقي حاضرا في كل محطات حزبه، التقدم والاشتراكية، الذي يعتبر واحدا من قياداته التاريخية البارزة.
وتولى الفقيد حقيبة وزارة الاتصال، ومسؤولية الناطق الرسمي باسم الحكومة، ثم عين سفيرا للمغرب بالمملكة الأردنية الهاشمية إلى أن وافته المنية أول أمس.
في كل المهمات والمواقع، بقي خالد الناصري المناضل دوما من أجل الديموقراطية والحرية والكرامة والتقدم والمساواة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، وعاش ممسكا بمبادئ النزاهة وحس المسؤولية والواجب لخدمة المصالح العليا لبلادنا وشعبنا.
في ذات الوقت الذي يصر فيه على قناعاته ومبادئه، كان كذلك يصر على الانفتاح والاعتدال، ويمقت الشعبوية والمزايدات الفجة، ويشهد له كل من عرفه بحرصه على الدقة والصرامة في التحليل وإنتاج المواقف السياسية، ولا يقبل، في ذلك، كل السطحيات وتجليات الخفة والتهافت.
وفي اللحظات الصعبة في السياسة، كان خالد الناصري يمتلك، أكثر من غيره، القدرة على صنع وإبداع «التوليفات»، وإيجاد المخارج لمختلف المنغلقات السياسية والفكرية، وبقي يحظى بتقدير واحترام الكثيرين، وخصوصا المختلفين معه في الموقف، وفي التموقع.
ومن جهتنا، في هذا الصرح الإعلامي التاريخي العريق، الذي هو: «البيان»، نستحضر دائما أنه كان أحد كتاب ومحللي صحيفتينا، وواحدا من أقلامها و… كبارها، وتذكر زوايا المكان حضوره وحيويته ومنجزه وصلاته الإنسانية والمهنية…
خالد الناصري من ضمن جيل متميز في قيادات اليسار المغربي وفي الحركة الحقوقية، وهو جيل تحضر بصماته وإسهاماته في كامل المسار الديموقراطي العام ببلادنا، وسيبقى أثر الراحل وسيرته حاضرين في منظومة تفكير حزبه، وفي ذكريات رفاقه وأصدقائه بكل واجهات النضال التي تواجد فيها، وسيشهد كل من عرفه وعمل معه أنه عاش مناضلا من أجل المغرب ومدافعا قويا عن قضاياه، كما عاش نزيها وصادقا تجاه مبادئه وقناعاته، واستطاع، بذلك، اكتساب محبة وتقدير الجميع.
واسع الرحمة لخالد الناصري.
سيبقى حاضرا دوما في بال وعقل وذاكرة وقلب رفيقاته ورفاقه، وفي السجل النضالي الوطني.
محتات الرقاص
