تحت شعار «من أجل أسر مغربية فضاءات للمساواة والإدماج والأمن والتضامن»، نظمت جمعية «أوال حريات»، يوم الجمعة الماضي بالدار البيضاء، لقاء وطنيا حول موضوع «تعدد الأسر في صلب إصلاح مدونة الأسرة»، بحضور ممثلات وممثلي عدد من القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية وجمعيات المجتمع المدني. وعرف اللقاء مشاركة مهمة لعدد من الفاعلين والخبراء والباحثين في المجالات القانونية والحقوقية ارتباطا بقضايا المرأة والطفل.
وفي كلمة بالمناسبة، شددت نزهة الصقلي على أن التحولات التي شهدها المجتمع المغربي في العقود الأخيرة تؤكد على ضرورة إعادة النظر في جميع القوانين المؤطرة للعلاقات بين النساء والرجال، خاصة داخل فضاء الأسرة التي أصبحت تتسم بنوويتها وتنوع أنماطها خلافا لما كان عليه الأمر في الأسرة التقليدية، حيث كانت هاته الأخيرة «تعرف نوعا من الهيمنة الذكورية وخضوعا للمرأة ينتج عنهما الكثير من العنف والحيف والتمييز بحق النساء والأطفال» على وجه الخصوص. ودعت نزهة الصقلي إلى جعل الأسرة بالمقابل فضاء «تنبني فيه العلاقات على القيم الإنسانية ويمارس فيه الذكور رجولة إيجابية ويكفل للنساء حقوقهن»، وهو الأمر الذي يستدعي بالتالي، تقول الصقلي، وجود قوانين تستحضر أهمية إعمال مباديء المساواة والمناصفة، وملاءمة التشريعات مع مقتضيات الدستور والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ومناهضة العنف والتمييز، وتحفيز المشاركة النسائية في جميع المجالات. وإذ أكدت على مطلب جمعية أوال بجعل مدونة الأسرة «قانونا حداثيا مستجيبا للتطورات المجتمع ولمفاهيم حقوق الإنسان»، نوهت بالمقاربة التشاركية «غير المسبوقة» التي اتخذتها لجنة تعديل مدونة الأسرة كمنهجية لها، بما يسمح للمجتمع المدني بتفعيل دوره «كشريك حقيقي في هذا الإصلاح».
وأكدت رشيدة الطاهري، الكاتبة العامة لجمعية أوال، بدورها على ضرورة «أنسنة» مدونة الأسرة من خلال «إصلاح شامل لمقتضياتها مع العمل على إصلاح وسن تشريعات أخرى ضامنة للمساواة والكرامة»، وكذا وضع أليات تمكن من ضمان تفعيل القوانين.
واستعرضت الطاهري، ضمن مداخلتها خلال الندوة، خلاصات مناقشة المذكرة الترافعية حول إصلاح القوانين من أجل أسرة ضامنة للمساواة والأمن والتضامن لجميع أفرادها، وهي المذكرة التي كانت قد أعدتها الجمعية بناء على أبحاث واستشارات ميدانية قامت بها على مدى سنتين في 8 جهات عبر التراب الوطني، والتي أفضت إلى صياغة حوالي 100 توصية شملت الجانب القانوني وأساسا إصلاح مدونة الأسرة والقانون الجنائي، مع توحيد النصوص والمساطر فيما يتعلق بالزواج والطلاق والحضانة والإرث والإجهاض..إلخ، في احترام لمبدإ المصلحة الفضلى للطفل، وتعزيز المساواة ومكافحة التمييز والعنف ضد النساء (المساواة في الحقوق والواجبات داخل الأسرة، والمساواة في الحقوق المالية وفي الولاية القانونية، ومنع التعدد وتزويج القاصرات)، وجانب السياسات العمومية من خلال اعتماد مقاربة النوع في الدراسات حول الأسر وفي مختلف البرامج الاجتماعية والاقتصادية وعلى رأسها برامج الحماية الاجتماعية، فضلا عن تعزيز جهود وآليات التحسيس والتوعية، وتكريس ثقافة المساواة ومحاربة الصور النمطية والإقصاء.
باقي المداخلات والعروض خلال الندوة تمركزت حول عدة مواضيع من بينها: «إصلاح مدونة الأسرة وسؤال المرجعية»، «مرتكزات مطلب تغيير جذري وشامل للمدونة»، «المصلحة الفضلى للطفل ضمن مدونة الأسرة»، «المعطيات الإحصائية حول أسرة مغربية في تحول»، و»الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء في علاقة مع مشروع إصلاح المدونة».
>سميرة الشناوي