حركات شبابية.. جيل بعد جيل -الحلقة 2-

تمثل الحركات الشبابية جيلا بعد جيل، نقلا لراية الشغف والتغيير من جيل إلى آخر. إنها عبارة عن مظاهر تطلعات الشباب وتطلعاتهم نحو عالم يشكلهم ويشاركهم في صنع قراراته وتحديد مستقبلهم.
وتعكس الحركات الشبابية جوهر الطموح والإبداع الذي ينبعث من قلوب وعقول الشباب حول العالم، مجسدة الشغف والتصميم على تغيير العالم نحو الأفضل، بدءا من المجتمعات الصغيرة إلى المستويات العالمية. منذ أجيال، كان الشباب هو القوة الدافعة للتغيير والابتكار، وهذا لا يزال قائما في عصرنا الحالي؛ بدءا من الحركات النضالية التي ناضل فيها الشباب من أجل حقوقهم الأساسية، وصولا إلى الحركات البيئية والاجتماعية التي تسعى لتحسين شروط حياتهم وحياة الأجيال القادمة.
تتباين هذه الحركات في أهدافها وطرق تحقيقها، ولكن الهدف المشترك بينها هو خلق تغيير إيجابي يستمر للأجيال القادمة. إنها تورث الخبرات والتجارب بين الأجيال، وتبنى على الإنجازات والإخفاقات التي سبقتها، مما يعزز من قوتها وفعاليتها في مواجهة التحديات الحالية وصقل رؤيتها المستقبلية.
بالتالي، فإن الحركات الشبابية لا تمثل فقط جيلا واحدا، بل هي سلسلة من الأجيال تتبادل التجارب وتتلاحم في سعيها المشترك نحو تحقيق التغيير والتقدم.
من خلال التنظيم الذاتي والتواصل الفعال، تسعى الحركات الشبابية إلى التأثير في القضايا المحيطة بها، سواء كانت ذات طابع سياسي، اجتماعي، بيئي أو اقتصادي. تتميز هذه الحركات بتنوعها وشموليتها، حيث تجتمع الأفكار والأصوات المختلفة تحت لواء واحد، مما يمنحها قوة لا يمكن تجاهلها في مسيرة التغيير والتحول.
مع تنامي الوعي والمسؤولية الاجتماعية للشباب، يزداد تأثير الحركات الشبابية في تشكيل المستقبل وتحديد مسار العمل الجماعي نحو بناء مجتمعات أكثر عدالة وتقدما.
طيلة شهر رمضان سنقدم نماذج هذه الحركات التي عرفها العالم، وانتشرت بشكل كبير وواسع جدا بين شباب العالم، مشكلة ليست فقط مجرد تجمعات شبابية، بل قوى دافعة للتغيير الإيجابي تجسد روح الأمل والتفاؤل في غد أفضل.

الحركة المناخية الشبابية الدولية

تظهر التعبئة غير المسبوقة للشباب حول العالم القوة الهائلة التي يمتلكونها لمساءلة صانعي القرار، ورسالتهم واضحة: “الجيل الأكبر قد فشل، والشباب هم الذين سيدفعون الثمن بالكامل – بمستقبلهم”.
وقد أدى تغير المناخ إلى زيادة مستويات عدم اليقين بشأن المستقبل. ومع ازدياد حدة آثاره بمرور الوقت، أصبح هناك شيء واحد مؤكد: سنترك الأرض لأطفال وشباب اليوم والأجيال القادمة.
يضم العالم 1.8 مليار شاب تتراوح أعمارهم ما بين 10 و24 عاما وهو أكبر جيل من الشباب عبر التاريخ. ويتزايد وعي الشباب بالتحديات والمخاطر التي تطرحها أزمة المناخ، كما يتزايد وعيهم بفرصة تحقيق التنمية المستدامة عبر حلول لتغير المناخ.
ليس الشباب مجرد ضحايا لتغير المناخ، فهم أيضا مساهمون مهمون في العمل المناخي. إنهم وكلاء للتغيير ورواد أعمال ومبدعون، وهم يكثفون جهودهم ويستخدمون مهاراتهم لتسريع العمل المناخي، سواء من خلال التعليم أو العلم أو التكنولوجيا، ويقوم الشباب بتكثيف جهودهم واستخدام مهاراتهم لتسريع العمل المناخي.


ومناسبة هذا الحديث، وهو تطرقنا اليوم لحركة المناخ الشبابية أو الحركة المناخية الشبابية الدولية، وهي شبكة دولية من المنظمات الشبابية التي تهدف بشكل جماعي إلى إلهام وتمكين وتعبئة حركة أجيال شبابية لاتخاذ إجراءات إيجابية بشأن التغير المناخي.
شارك الأفراد الشباب منذ قمة الأرض في ريو عام 1992 في المفاوضات الدولية المتعلقة بقضايا البيئة والتنمية المستدامة المختلفة. وقد بدأت المنظمات التي يديرها الشباب مع تشكيل منتدى الشباب الأوروبي في عام 1996، ومنظمة الشباب الأمريكية “سوستين يوإس” في عام 2001، في إرسال وفود الشباب للمشاركة بنشاط في هذه المفاوضات العالمية المختلفة، وبشكل أساسي من خلال الأمم المتحدة.
شارك الشباب الأفراد في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، ومع تحديث مستوى مشاركة منظمات الشباب في المفاوضات الدولية، بدأت منظمات الشباب في اعتبار مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ كمنتدى جديد لزيادة مشاركة الشباب فيها.
انعقدت اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التغير المناخي “كوب 11 أو كوب/موب 1” في قصر المؤتمرات في مونتريال في كندا بين 28 نونبر و9 دجنبر 2005. حضرت وفود الشباب من الدول الأعضاء، بما في ذلك الولايات المتحدة “عبر سوستين يوإس” وكندا وأستراليا، للمناصرة نيابة عن الشباب. تطور، نتيجة لذلك، مفهوم الحركة المناخية الشبابية الدولية لأول مرة، رغم الإشارة إليها في الأصل باسم وفد الشباب الدولي، في إشارة إلى مندوبي الشباب في مفاوضات المناخ الدولية.
أطلق بعد ذلك التحالف الشبابي الكندي للمناخ في شتنبر 2006، والذي يتكون من 48 منظمة شبابية من جميع أنحاء البلاد. تبع ذلك تأسيس التحالف الشبابي الأسترالي للمناخ في نونبر، والذي كان بحد ذاته ائتلافا من 27 منظمة شبابية من جميع أنحاء أستراليا.
انضمت شبكة المناخ الشبابية الهندية إلى الحركة المناخية الشبابية العالمية في مارس 2008، بينما أنشأ سفيرا المملكة المتحدة في الصندوق العالمي لرحلة الطبيعة لبرنامج المستقبل، إيما بيرمان وكاسبر تير كويل، تحالف المناخ الشبابي في المملكة المتحدة في يونيو 2008، بعد عودتهما من القطب الشمالي في مشاهدة لتأثير التغير المناخي. كما تأسست تحالفات في إفريقيا والصين واليابان وجزر المحيط الهادئ وجنوب آسيا بنفس بيان مهمة حركة المناخ الشبابية الدولية.
وشكلت المنظمات الشبابية في أنحاء العالم تحالفات لاتخاذ إجراءات إيجابية بشأن التغير المناخي، مثل تحالف المناخ الشبابي في المملكة المتحدة، والذي يقوده فريق من الشباب بالكامل.
ينتمي كل تحالف مناخي أو شبكة مناخية إلى حركة إقليمية أو قارية. وتشمل هذه الحركات مبادرة الشباب الأفريقي بشأن التغير المناخي، وشبكة منطقة البحر الكاريبي البيئية الشبابية، وحركة الشباب الأوروبية للمناخ، ومشروع البقاء للمحيط الهادئ، وحركة العمل المناخي الشبابية في بلدان الشمال الأوروبي، وشبكة شمال شرق آسيا الشبابية البيئية، وتحالف المناخ الشبابي في أمريكا الجنوبية، وشبكة جنوب آسيا البيئية الشبابية. تجتمع هذه المنظمات المحلية والوطنية والقارية معا لتشكيل حركة المناخ الشبابية الدولية.

>إعداد: عبد الصمد ادنيدن

Top