
مؤخرا فوجئت جمعيات وطنية ومنظمات شبابية حاضرة ومعروفة بمنع الدعم السنوي
عنها من طرف وزارة الشباب والرياضة، وذلك بالرغم من وجود اتفاقية شراكة معها.
هذا الدعم السنوي المشار إليه هو دعم للتسيير، وهذه الهيئات المدنية العاملة في حقلي الطفولة والشباب ستجد نفسها، في غيابه، عاجزة عن تسديد مصاريفها الاعتيادية، خاصة أن أغلبها يتوفر على فروع وهياكل بمختلف جهات المملكة، ولديه مقرات ومتطلبات مالية للتدبير ولتنفيذ البرامج، أي أن حجب هذا الدعم قد يقود بعض هذه الجمعيات إلى الشلل أو التوقف النهائي.
الجمعيات التربوية مثلا تعمل في مجال التخييم، وغياب الدعم السنوي قد تترتب عنه ارتباكات في الإعداد لأنشطة التكوين والتدريب، وقد تكون لذلك انعكاسات سلبية على موسم التخييم أيضا.
زِد على ما سلف أن هذه الجمعيات واُخرى غيرها، والتي تشكل نسيج المنظمات التربوية وجمعيات الطفولة، تغطي سنويا نسبة لا بأس بها من العرض الوطني لتخييم الأطفال واليافعين، وبدل دعمها وتوسيع مجال تحركها وتحفيز ديناميتها، يجري اليوم حرمانها من الدعم المحدود، وذلك من دون أي تفكير في أثر ذلك على حق آلاف الأطفال في التخييم والاستفادة من برامج هذه الجمعيات.
وفِي حين كان يجب التفكير في بلورة صيغ وأشكال لتقوية الدعم للمنظمات الشبابية بغاية تعزيز انتشارها وحضورها وسط الشباب، من أجل التأطير السياسي والتربية على قيم المواطنة وتشجيع القيم الإيجابية البناءة، اختارت وزارة الشباب والرياضة حجب الدعم السنوي، على هزالته، الذي تتلقاه هذه المنظمات التي يصل عمر بعضها إلى أزيد من أربعة عقود، كانت كلها تضحيات وتطوع وخدمة لقضايا بلادنا وشعبنا في المحافل الوطنية والعالمية.
إن الدعم المتحدث عنه هنا تمنحه وزارة الشباب والرياضة التزاما باتفاقية شراكة موقعة وقائمة ومعلنة ومعروفة، ولا يمكن حجبه أو التراجع عنه فقط امتثالا لنزوة هذا المسؤول أو ذاك، أو لمجرد خوف غريزي بلا أي معنى أو مبرر وجود، كما أن الخطوة فيها الكثير من غياب الاحترام واللياقة، ولا تبالي بحرمان آلاف الأطفال والشباب من التخييم والترفيه والتنشيط والتأطير.
وباعتبار الدعم يهم التسيير، ويخضع لشراكة موقعة وقائمة، فالشرط الموضوعي هو فقط أن تكون المنظمات المستفيدة والشريكة تتوفر على وضعية قانونية سليمة وفق مقتضيات قانون الحريات العامة، أما عدا هذا فهناك مساطر وشكليات ومؤسسات يجب التحلي تجاهها كلها بالاحترام الواجب.
واقعنا الشبابي اليوم، فضلا عن تدني الاهتمام بقضايا الشأن العام يفرض تقوية فضاءات وفرص وآليات التنشئة الجمعوية والمدنية، بدل تعمد تقليص حجمها أو القضاء عليها.
اليوم، مصادرة مقر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب عِوَض استثمار رمزيته التاريخية، التضييق على الجمعيات التربوية والمنظمات الشبابية وحرمانها من دعم هزيل بدل الحرص على الرفع من قيمته ومساندة برامجها والانفتاح على اقتراحاتها، كل هذا يندرج ضمن خطوات غير مفهومة في الواقع ولا مبرر لها.
المسارعة بتصحيح هكذا أخطاء مجانية تعتبر واجبا ومن صميم رصانة الرأي وبعد النظر.