
عند قراءة ما تضمنه مقال الأستاذ مولاي إسماعيل العلوي نقف عند التنبيه المتكرر بضرورة تفادي التبسيطية والسطحية في مقاربة الموضوع، ويحذر من الدوغمائيات التي تكبل العقل السياسي، وتمنعه من «التحليل الملموس للواقع الملموس».
وحتى عندما يصر على أهمية بلورة المواقف اعتبارا لما يميز المشهد السياسي والمجتمعي المغربي، فإنه لا يغفل لفت انتباه المهتمين إلى تجارب سياسية عيشت في فرنسا، وفي إيطاليا وفي غيرهما، ويستفز بذلك عقول المنخرطين في النقاش من المغاربة ومن بعض الأجانب أيضا، ويدعو الجميع إلى حسن قراءة هذه التجارب، واستحضارها عند تحليل التجربة المغربية الحالية.
أما عندما يكتب عن الانتقادات الداخلية للتجربة المغربية، فهو مرة أخرى يستحضر قناعاته اليسارية المؤكدة، ويرمي بمبدأ «التحليل الملموس للواقع الملموس» في وجه الجميع، ويشدد على ضرورة تقديم الدلائل الملموسة، بدل الاكتفاء بمخاوف نظرية، وهنا دعوة واضحة إلى اعتماد الواقعية في مقاربة معطيات الحقل السياسي والمجتمعي، وأيضا في تقييم الذات والآخر، وفي تحديد الأحجام والأوزان وموازين القوى.
لم يكتب الأستاذ مولاي إسماعيل العلوي ليردد أسطوانة «العام زين»، ولم يكتب لتبييض وجه هذا الطرف أو لتسخين أكتاف ذاك، وإنما كتب ليجعل الحوار بناء على أفكار ومواقف واضحة ومدققة ومكتوبة، وأيضا ليستدعي كل الأطراف إلى فضيلة… العقل، وحتى يتحمل الجميع المسؤولية، ولا يبقى الكلام عائما في الدوغمائيات وفي الأوهام.
في تفاصيل مقال الأستاذ مولاي إسماعيل العلوي تنبيه، في أكثر من موضع، لواقع بلادنا وشعبنا وللظرفية الإقليمية والدولية المحيطة بنا، وأيضا لحجم الرهانات المطروحة على المرحلة الحالية، ثم إن الكاتب يحرص على وضوح القول في التأكيد على الحاجة المستمرة إلى اليقظة، وإلى الالتفاف حول هذه الرهانات بالذات، وحول ضرورة كسبها لفائدة شعبنا، وخاصة فئاته المستضعفة، ويصر على الوضوح ذاته، عند تذكير الكل بوقائع سياسية عاشها المغرب خلال العشرين أو الثلاثين سنة الأخيرة ومواقف كل الأطراف بشأنها، ويذكر كذلك بمواقف حزبه ومنظوره الثابت والجلي إلى التحالفات وإلى… المستقبل.
رأي يستحق التأمل، وسياسي حكيم ومجرب يستحق أن ننصت إليه…