تفاقمت مؤخرا أزمة الخبز في معظم مناطق سوريا، وزادت الأزمة وبلغت أشدها في مناطق سيطرة النظام الذي يرد مسؤولوه أسبابها إلى النقص الهائل في كميات القمح جراء الحصار المفروض على البلاد وشح القمح عالميا.
وبعد ارتفاع أسعار الوقود إلى مستويات قياسية، تلاه نقص حاد في إمداداته، اضطرت الكثير من الأفران في مناطق سيطرة النظام في سوريا للتوقف بسبب عدم قدرتها على تأمين الوقود اللازم لصناعة الخبز.
وزادت الأزمة في الأيام القليلة الماضية مع توقف قوات سوريا الديمقراطية، التي تسيطر على معظم حقول النفط شرقي سوريا، عن تزويد مناطق النظام بمشتقات النفط.
وتتزامن هذه الأزمة مع اشتداد البرد الذي نجم عنه زيادة في الحاجة إلى مشتقات النفط داخل البلاد.
لا تلوح في الأفق أي بوادر على حل الأزمات المعيشية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري
ولا تلوح في الأفق أي بوادر على حل الأزمات المعيشية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، بل إن أزمات النقد وتراجع أسعار الصرف إلى مستويات قياسية بدأت تظهر تبعاتها على الحياة اليومية للمواطنين. وأدى توقف غالبية الأفران عن العمل إلى نقص في الخبز وارتفاع أسعاره بشكل كبير وصل إلى 3000 ليرة سورية (نصف دولار) لربطة تضم 7 أرغفة تكفي لشخصين يومياً.
وفيما ارتفع سعرها إلى ضعف هذا الرقم في السوق السوداء، لا يزال متوسط الأجور في سوريا لا يتجاوز 20 دولارا شهرياً، وفق أسعار الصرف الحالية.
وتسبب النقص في هذه المادة الأساسية بازدحام شديد أمام بعض الأفران التي تعمل ليوم أو يومين في الأسبوع، لتضيف معاناة جديدة إلى المواطنين في مناطق النظام الذين يعيشون منذ 10 سنوات أزمات اقتصادية متتالية.
وتفاقمت أصعب هذه الأزمات خلال السنتين الماضيتين، حيث لا يبدو أن هناك أفقا لانتهاء هذه الأزمات، بل تزداد المخاوف من تعمقها أكثر وأكثر.
ودفع ثقل الأزمة مشاهير سوريين وشخصيات عامة موالية للنظام ويعيشون في مناطقه إلى انتقاد الوضع الراهن، بعد أن طالتهم آثار الأزمات المتلاحقة.
مراقبون يتوقعون أن تتوالى الأزمات الاقتصادية خلال الفترات القادمة في ظل غياب أفق للحل السياسي في البلاد وأغلقت أفران أبوابها في العاصمة السورية دمشق، فيما تفتح أخرى أبوابها ليوم في الأسبوع وتشهد ازدحاما شديداً.
وصرح رئيس الوزراء السوري حسين عرنوس في أبريل الماضي أن احتياجاتهم من البترول هي 200 ألف برميل يومياً إلا أن إنتاج النظام اليومي يبلغ 20 ألفا.
كما شهدت مناطق عدة نقصا كبيرا في الإنتاج في موسم القمح الأخير، حيث نقلت وسائل إعلام موالية للنظام عن وزير الزراعة قوله إنّ إنتاج سوريا من القمح هذا العام بلغ 1.7 مليون طن، فيما تحتاج البلاد إلى 3.2 مليون طن.
وشهدت المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري خلال الأشهر الماضية أزمات اقتصادية متوالية، بدءاً من نقص حاد في الوقود عطل الحياة فيها وصولا إلى انخفاض سعر الليرة مقابل الدولار الأميركي إلى مستويات قياسية.
ورفع النظام خلال العام الماضي أسعار الوقود أكثر من مرة، كان آخرها منتصف ديسمبر 2020، حيث رفع أسعار مشتقات النفط بين 15 و22.5 في المئة.
وفي ظل غياب أفق للحل السياسي في البلاد، يتوقع مراقبون أن تتوالى الأزمات الاقتصادية خلال الفترات القادمة، مجمعين على أن ضحاياها الأكبر هم المواطنون الذين انخفضت قوتهم الشرائية بشكل غير مسبوق، حيث بلغ متوسط الرواتب والأجور أقل من 20 دولارا شهريا.
ومطلع العام الجاري، كشف البنك المركزي السوري في بيان أنه خفض سعر صرف الليرة الرسمي مقابل الدولار إلى 4522 ليرة، في حين يبلغ سعر السوق السوداء المستخدم في معظم الأنشطة الاقتصادية نحو 6500 ليرة. وكان السعر الرسمي السابق 3015 ليرة للدولار الواحد.
وفي مواجهة أزمة شح القمح، ترسم مصادر في وزارة التجارة الداخلية بحكومة النظام 3 سيناريوهات بشأن أزمة الخبز، يمكن أن تختار الوزارة واحدا منها في المرحلة القادمة.
وقالت مصادر إن السيناريوهات الثلاثة هي تخفيض وزن ربطة الخبز من ألف و100 غرام إلى ألف غرام، أو تخفيض مخصصات العائلة التي تتسلمها عبر البطاقة الذكية حسب عدد أفراد العائلة.
وأما السيناريو الأخير، الذي من الممكن تطبيقه، فهو زيادة سعر ربطة الخبز إلى 300 ليرة سورية بدلا من 250.
وتشير المصادر إلى أن الإجراء الذي ستتخذه الوزارة غالبا سيكون تخفيض وزن الربطة، إذ يسمح لها ذلك بتوفير نحو 400 طن من مادة الدقيق يوميا، بالإضافة إلى رفع سعر الربطة إلى 300 ليرة.