من أجل النهوض بوضعية المرأة وإشكالات التنمية
اختيارهذا اللون من الاحتفاء، الذي تزامن باحتفاء المرأة بعيدها الأممي، جاء ليرصد مسار اشتغال تعاونية افوس لانتاج الكسكس المحلي، وتعاونية تيمات بتيموليلت التي تعمل في مجال التصبير الطبيعي للزيتون، إلا أنه إلى جانب ذلك اتخذ “بُعدا تنمويا” استهدف الحرص على حقوق المرأة بهذا الإقليم، والنهوض بوضعيتها عبر الاشتغال برؤية اقتصادية استباقية، تروم تحسين وضعيتها ودعمها للانخراط في المجتمع على قدم المساواة مع الرجل، وذلك تفعيلا للإرادة المولوية التي يجسدها خطاب مارس 1999، الذي أمسى تشريعا هامّا تستند إليه المرأة في نضالاتها اليومية حفاظا على حقوقها، وضمانا لتطلعاتها الرامية الى بلوغ مستويات القرار السياسي.
ولذلك، وتساوقا مع هذه الرؤية في تدبير شؤون النسوة، اختار عامل إقليم أزيلال، يوم ثامن مارس الذي صادف نهاية الأسبوع الماضي، للاحتفاء بعيد المرأة في قلب دارها، حيث زار تعاونية نسوية، انبثقت من قلب العمل الجمعوي الذكوري، وحافظت على أنوثتها بطاقم تجاوز العشرين فردا، يشتغل بإصرار ويعاند الزمن وظروف الإقصاء والتهميش، ليقول أن عمل المرأة لا يختلف في شيء عما احتكره الرجل لسنوات كُثر، بمبرر أن الرجال قوّامون عن النساء، وأن العمل الشاق حكر على الجنس الخشن، وأن المرأة بإنوثتها لن تنافسه في مجالات اشتغاله، وذاك ما اثبتت عكسه “نسْاء أو قل نسوان” تيموليلت المتجذرات في تربة جبال الاطلس المتوسط والعارفات بخبايا الإقليم والمتعطشات بإرادتهن وعزيمتهن للعمل الهادف، بقوة تنافسية قد تستعصي على الرجل نفسه وهو المتباهي برجولته الدفينة في بؤس فكره الشقي.
تقول حليمة الطيبي رئيسة تعاونية (تيمات )لانتاج الزيتون، في كلمة لبيان اليوم، لقد مررنا بفترات صعاب، وتحول عملنا في أكثر من لحظة الى “نُكت ذكورية”، وخسرنا بدل المرة مرّتين، لكن إصرارنا على التحدي كان أكبر، وكنّا كلما تراجعنا خطوة تقدمنا خطوتين بتفكير عميق، ورؤية لا تكثرت للماضي بقدر ما تتطلع إلى المستقبل. كنا نُفكر فُرادى ونشتغل برؤية جماعية وجمعوية تستلهم تجارب الآخرين، وتُشخّص خصوصيات المنطقة، وتستحضر فرادة المرأة الجبلية التي هي أقوى بكثير من أن تتحول إلى نكت ساخرة وإلى مخطوطات يتيمة تدعي مناصرة قضية المرأة وتحررها وهي ما أحوجها من ينصر ذاتها ويُثبت هوّيتها.
وفي ذات السياق، يقول الزاهري الحبيب رئيس جمعية تيموليلت للتنمية، الجمعية الأم، التي انبتت العمل الجمعوي بالجماعة، أن الاحتفاء بعيد المرأة، وبهذا الشكل الذي لم نتعود عليه، هو في واقع الأمر التفاتة قوية للمجهودات النسوية، وتفكير جماعي وجمعوي لتجاوز بعض الإكراهات التي يعرفها هذا المشروع النسوي، وقال محمد أوحمي رئيس جمعية الأعالي للصحافة، أن سياسة القرب التي دأبت السلطات الإقليمية الجديدة على نهجها هي المخرج الوحيد لمعرفة متطلبات الساكنة، واحتياجات المجتمع المدني، وهي تدبير عقلاني يروم الإنصات للمواطن عن قرب، ترسيخا للإرادة المولوية التي ما فتئت توصي بها عبر خطاباتها السامية، وتفعيل للسياسة العامة التي تنهجها الدولة في إطار تشغيل العاطلين عن العمل، حاملي الشواهد العاليا.
ولتجسيد أهداف الزيارة وتساوقا مع هذا الرهان في التعاطي مع قضايا المواطنين، قام عامل الإقليم والوفد المرافق له، بزيارة كافة مرافق التعاونية، واطلع على منتوجها وعلى الأليات والمُعدات التي تستعمل في صناعة الزيتون، واستمع من خلال عرض مفصل الى صيّغ الإشتغال بدءا من عملية مراقبة الحبوب في الحقول ومرورا بعملية التجميع والمعالجة، وانتهاء بعملية التسويق. كما استمع الى كافة الصعاب التي تعترض نجاح المشروع على أحسن وجه.
وذكّـــرت رئيسة التعاونية، حليمة بوطيبي، بالأهداف الرئيسية للمشروعها التنموي، وقالت إنه يسعى بإمكاناته العادية المساهمة في التنمية الاقتصادية للمنطقة، وإدماج الشباب و النساء في وضعية صعبة في مسار التنمية، وتثمين المنتوجات الفلاحية ” الزيتون و إنتاج الزيت ..” و خلق أنشطة مدرة للدخل لفائدة المتعاونين وخلق فرص الشغل، وتقوية قدرات الفاعلين الاقتصاديين، وقالت إن التعاونية تعمل على إنتاج زيتون المائدة ” الأخضر والأسود والأحمر” الطبيعي الخال من المواد الكيماوية، وأشارت الى أن مستوى الإنتاج عرف تطورا ملحوظا سنة بعد أخرى، بحيث بلغ خلال موسم 2012- 2013 حوالي 30 طنا من الزيتون. وأن التعاونية بفضل مجهودات طاقمها تمكنت من الحصول على شهادة السلامة الغذائية المقدمة من طرف onsa.
ووقفت الطيبي في كلمتها على مختلف الزيارات المتبادلة، وعلى الدعم المعنوي والمادي الذي قدمه بعض الشركاء ومنهم خاصة جمعية تيموليلت للتنمية واللجنة الأوربية للتكوين والفلاحة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وجمعية التضامن بلا حدود بفرنسا والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي والمديرية الجهوية للفلاحة والثانوية الفلاحية بالفقيه بن صالح…
ومن جانبها تقدمت سعاد إغرم بعرض مفصل حول تعاونية أفوس التي تم تأسيسها في 25 أبريل 2007 . وقالت ان التعاونية تشتغل على صناعة الكسكس المحلي بمختلف أشكاله، وأن الإكراه الوحيد الذي يعرفه المشروع هو التسويق، وغياب مقر يستجيب للمعايير الكفيلة بضمان سلامة المستهلك.
واختتم الحفل بإشراف ممثل السلطة الإقليمية، ورئيس الجماعة القروية، ورئيس المجلس الإقليمي على توزيع جوائز رمزية على إحدى النساء المكافحات التي نالوا رضا الساكنة، وأبانوا عن كفاءات وقدرات عالية في تدبير المشروع، ورُفعت متطلبات إلى الشركاء الرئيسيين، وإلى عامل الإقليم بصفته رئيس اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تناشدهم من أجل التفكير في بناء مركز لتسويق المنتوج