لم تكن مواجهة الفريق الوطني ضد منتخب إسبانيا، سهلة، ولا في المتناول، وتماما كما توقعناها، جاءت صعبة، عسيرة على الهضم، عانى خلالها المنتخبان من أطوار جد معقدة، بتكتيك بالغ في التحفظ خاصة من الجانب المغربي.
فالعناصر الوطنية وهي تخوض مباراة دور سدس نهاية كاس العالم «قطر 2022»، كانت تعي جيدا أنها تواجه منتخبا إسبانيا، يستمد قوته من قيمة الدوري المحلي، ومن عناصره المتواجدة بأكبر الأندية الأوروبية.
ورغم كل المميزات التي يتوفر عليها الإسبان، فإن لاعبي المنتخب المغربي امتلكوا الجرأة والطموح، وتسلحوا بالإرادة القوية والندية المطلوبة، دفاعا عن كامل الحظوظ، في المنافسة على تذكرة العبور، نحو ربع النهاية لأول مرة في تاريخ كرة القدم الوطنية.
راهن المدربان وليد الركراكي ولويس إنريكي، على ربح معركة وسط الميدان، باعتبارها المفتاح الأساسي لربح النزالات، وهي المنطقة التي تعود لها عملية التحكم في المجريات، هنا برز مرة سفيان أمرابط، إذ كان بحق عنصر الأمان، والسد الذي أوقف أغلب عمليات أصدقاء النجم الصاعد كابي.
فضل الراكراكي عدم إدخال أي تغيير على المجموعة، التي لعب بها مباريات الدور الأول، وعبد الحميد الصابيري الذي لعب كندا ضمن التشكيلة الأساسية، وقدم أداء مقنعا، احتفظ به هو الآخر بالاحتياط، مع أن هناك عناصر ظهرت بمستوى جد متوسط، ومع ذلك تمسك بها.
تكون الوسط كالعادة من أمرابط، وعز الدين أوناحي وسليم أملاح، مع ثلاثي الخط الأمامي، حكيم زياش وسفيان بوفال ويوسف النصيري.
وتماما، كما أكد ذلك المدرب المغربي، فإن العناصر الوطنية، لم تحاول الاحتفاظ بالكرة أو كسب نسبة الاستحواذ، بل تركت الأمر للإسبان الذين يروقهم التفوق في نسبة الامتلاك.
بالمقابل فضل وليد عدم المغامرة وغلق الممرات، والمراهنة على الحملات المضادة الخاطفة والسريعة، عن طريق زياش في اليمين، وبوفال في الجناح الأيسر والنصيري كقلب هجوم.
صحيح أن الاحتياط مسألة مطلوبة، إلا أن العناصر الوطنية أظهرت تحفظا أكدت المجريات أنه خيار مفهوم، بالنظر إلى فارق الإمكانيات، رغم ما نتج عنه من تحمل لضغط قوي للمباراة في أغلب لحظاتها.
على هذا الإيقاع انتهى الشوط الأول، وانتظرنا حدوث تغيير بأطوار الجولة الثانية، لكن ظلت الأمور كما كانت عليه، كما لم يحدث أي تغيير على مستوى التشكيلة، كما انعدمت معها الحلول أمام الكتيبة الإسبانية.
انتظر الركراكي الدقيقة 65 ليقوم بأول تغيير بإدخال عبد الصمد الزلزولي مكان بوفال، رغم أن مجموعة من اللاعبين ظهر عليهم عياء واضح، وانتظر عشر دقائق أخرى، ليقدم على ثلاثة تغييرات، بإخراج نصير مزراوي وأملاح والنصيري، وتعويضهم بكل من وليد شديرة والصابيري ويحيى عطية الله، دقيقة بعد ذلك، اضطر لإحداث تغيير رابع، بعدما عبر نايف أكرد عن عدم قدرته على مواصلة المباراة، ليتم إقحام جواد ياميق.
هكذا دبر الركراكي مجريات مباراة أظهر خلالها تحفظا مبالغا تبين في الأخير أنه كان على حق، وهو التصور الذي جعل فرص التهديف قليلة، إلا ما ندر، وحتى فرص الإسبان جاءت محدودة، إلا أنها كانت خطيرة، استعمل معها الحارس ياسين بونو خبرته وحنكته للحفاظ على نظافة شباكه.
خلال الشوطين الإضافيين، لم يحدث أي تغيير في طريقة اللعب، وظلت التحفظ سيد الموقف من الجانب المغربي، وأصبح الإسبان أكثر خطورة، لولا تدخلات عمق الدفاع المتكون من رومان سايس ويميق، وأمامها «الجنرال» أمرابط.
في الدقيقة 104 أتيحت لشديرة فرصة ذهبية بعد انفراد بالحارس، لكنه أضاعها بطريقة غريبة، وعاد نفس اللاعب ليضيع فرصة أخرى؛ بسبب ارتباك غير مفهوم بالنسبة لمهاجم يمارس بالدوري الإيطالي (الدرجة الثانية)، وبنفس الطريقة تواصل الشوط الإضافي الثاني، لتنتهي الموقعة بسلام، ويعبر الطرفان نحو الضربات الترجيحية…
بمحطة الضربات الترجيحية، كانت الكلمة الفاصلة لـ «أسود الأطلس»، فظهر الارتباك على الإسبان، حيث عجزوا عن التسجيل، أمام براعة حارس كبير اسمه ياسين بونو الذي صد ثلاث ضربات، في حين تفوقت العناصر الوطنية في التسجيل بكثير من التركيز والانضباط، رغم ضياع ضربة واحدة من طرف بدر بانون…
وصل إذن المنتخب المغربي إلى دور ربع النهاية، لأول مرة في التاريخ كرة القدم الوطنية، حيث سيواجه يوم الجمعة القادم الفائز في مباراة البرتغال ضد سويسرا.
برافو ..برافو ..برافو .. وألف تحية لكل مكونات المنتخب المغربي من لاعبين وطاقم تقني وإداريين، ومن ورائهم جهاز جامعي يقوده بكثير من الاقتدار الرئيس فوزي لقجع.
مبعوثا بيان اليوم إلى الدوحة:
محمد الروحلي – أحمد عقيل مكاو