جعفر عاقيل: استهلاك الصورة له تأثير واضح على حياة الناس إما بوعي أو بدون وعي
فريد الزاهي: انفلات الصورة ومشاكستها يستدعي مزيدا من التفكير فيها من قبل الباحثين والأكاديميين
شرف الدين مجدولين: “ألبوم العائلة” يجسد تجربة الإنسان البصرية التي انتقلت من حميمية الجماعة إلى عزلة الفرد الرقمية
قال جعفر عاقيل: “إن الصورة باتت تحتل حيزا مهما في حياتنا اليومية، ما يجعل من موضوعها شائكا ويفرض نفسه بقوة، ومن ثم في حاجة إلى الدراسة والتحليل للوقوف عند آليات اشتغالها وتأثيرها”.
وأكد جعفر عاقيل خلال تسييره لندوة: “المنعطف البصري؛ في تحولات النظر والفهم”، يوم الأحد الماضي، بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، (أكد) على ضرورة تقديم إضاءات حول تجربة الإنسان البصرية والتحولات التي شهدتها ومازالت إلى اليوم.
وأوضح جعفر عاقيل في تقدميه للندوة التي شارك فيها فريد الزاهي وشرف الدين مجدولين، أن استهلاك الصورة له تأثير واضح على حياة الناس اليومية، حيث يحدث ذلك إما بشكل واعي أو لا واعي.
من جهته، وقف فريد الزاهي عند المحطات التي مر بها الإنسان وهو يخوض تجربة البصري، مشيرا إلى أنه تم الانتقال من الصورة إلى البصري، ومن البصري إلى الرقمي، وعلى المستوى المحلي، كشف بأن المغرب لم يكتشف الصورة بمفهومها الحديث إلا خلال الفترة الكولونيالية، وإن كان بشكل هامشي، لأنه كان موضوعا لها، وليس فاعلا أو منتجا لها.
وتحدث فريد الزاهي عن المرحلة الأولى للتجربة البصرية، التي بدأت مع الفنان التشكيلي أحمد الشرقاوي، والفنان التشكيلي الجيلالي الغرباوي، كما اكتشف المغرب في المحطة الثانية العصر البصري، والذي بدأ مع التلفزيون، وتحتفظ بعض الأجيال بذكريات مع هذا العصر، الذي كان استهلاك الصورة فيه محكوما بحيز زمني، على عكس المرحلة الثالثة وهي الرقمي التي أصبح فيها الكل منتجا ومستهلكا للصورة في مواقع ووسائط التواصل الاجتماعي، ذلك أنه يكفي أن يتوفر الفرد على هاتف محمول ليتلقط ما يشاء من الصور.
وميز فريد الزاهي بين اللغة والصورة، معتبرا الأولى أي اللغة؛ قابلة للتعقل، في حين أن الصورة تتميز بالانفلات والمشاكسة، وهو ما يجعلها عنيفة جدا، خصوصا بالنسبة للمجتمعات العربية التي ذهبت نحو الصورة، بدون أي قطائع سابقة مع التجارب والمحطات التي أتى على ذكرها سابقا.
ووسط هذا الضجيج الذي باتت تحدثه الصور سواء في الفضاءات العمومية، أو التلفزيون، أو وسائل التواصل الاجتماعي، تزداد الحاجة إلى الوعي بها استنادا إلى التفكير فيها من قبل الباحثين والأكاديميين، علما بأننا “انتقلنا من العيش مع الصورة إلى العيش بالصورة”، على حد تعبير الزاهي.
من جانبه، عقد شرف الدين مجدولين المقارنة بين صور ألبوم العائلة “أمس”، وألبوم العائلة “اليوم”، ذلك أنه في ألبوم العائلة القديم الذي كان يضم صور أبرز المحطات واللحظات المهمة، يتم الإحساس بوجود نسق وتسلسل في حياة الإنسان، لاسيما وأنه يوثق لمرحلة الزواج، وإنجاب الأطفال، ورحلات السفر.. بينما في المقابل نجد ألبوم العائلة الرقمي اليوم، تغيب عنه هذه الحكاية وهذه التفاصيل الحميمية التي تظفي عليه طابعا خاصا.
وكشف شرف الدين مجدولين أن العديد من الكتب التي تناولت الصورة، كتبت على هامش ألبوم العائلة، مقدما نموذج الفلسطينية سيرين حسيني شهيد التي كانت تؤصل لعائلة حسني، انطلاقا من ألبوم العائلة الجماعي، الذي يقابله اليوم عزلة الفرد في العصر الرقمي.
وأسهب شرف الدين مجدولين كثيرا في الحديث عن العوالم المحيطة بالصورة، أبرزها أن الأديان وتحديدا المسيحية، أسست انطلاقا من الصورة تاريخ معتقدها الذي يمتد إلى الزمن الحاضر. كما أضاف في سياق آخر، بأن الكثير من الاتجاهات أصبحت تتخذ من الصورة أداة للقول، والتفكير، والتأمل، والتعبير، واضعا سؤالا إشكاليا مفاده هل الصورة باتت بداهة؟ وأين يكمن جوهرها؟
يوسف الخيدر