ما يجب أن نعرفه حول محيط مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء
الجزء الأول
للمغاربة علاقة خاصة مع مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، الذي بٌني بأمر من جلالة المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني.. هو أكثر من مجرد مسجد يؤدي فيه المغاربة فريضة الصلاة اليومية وفي أيام الجمعة أو صلاة التراويح في أجواء رمضانية.. بل يعد تحفة معمارية تدعو للتأمل، في عظمته وصومعته الشامخة ورونقه وجمالية زخارفه. أعطى المسجد للمدينة بعدا روحيا، يزوره المغاربة من حين إلى حين، ثم يشتاقون إليه، فيعيدون الزيارة، فالعين لا تمل من جماله الذي لا يروي عطش المغاربة فقط، بل السياح الأجانب أيضا الذين يبدون منبهرين بمسجد يقع على البحر. يلتقطون الصور، ثم يذهبون ليحكوا لمعارفهم عن تجربة فريدة من نوعها.
قد لا يعرف البعض أن المسجد هو مؤسسة كبيرة، تحتوي على متحف وأكاديمية للفنون التقليدية، ومكتبة متعددة الوسائط، ومدرسة قرآنية.
فيما يلي ربورطاج يسلط الضوء على كل هاته المرافق ووظائفها وأهميتها.
1 متحف مؤسسة مسجد الحسن الثاني
يشغل متحف مؤسسة مسجد الحسن الثاني الطابق السفلي ضمن أكاديمية الفنون التقليدية، وقد جاء تأسيسه لتكملة المشروع الكبير لجامع الحسن الثاني “بناء على رغبة الملك الراحل، الذي كان همه الأكبر هو تثمين الصناعة التقليدية”. تقول مسؤولية إدارية في المتحف. وتضيف المسؤولة ذاتها في حديثها مع “بيان اليوم”: “تأسس المتحف سنة 2012، لكنه لم يفتح أبوابه للزيارة حتى سنة 2017. كان الغرض بالأساس هو جمع نماذج من منتوجات الزليج والخشب والجبس والنقش على الخشب والنحاس.. التي صنعها عدد من الصناع التقليديين بغرض عرضها على المهندسين قبيل بناء الجامع. ومن هنا جاءت فكرة تجميع تلك النماذج وعرضها للزوار الذين يأتون لزيارة الجامع”.
بالإضافة لهاته النماذج، خصصت قاعة من قاعات المتحف لمنتوجات الطلبة الذين يدرسون بأكاديمية الفنون التقليدية، ومنها ما هو معروض للبيع (حلي وحقائب…).
“تم تطعيم تلك النماذج بقطع أخرى صنعها الصناع التقليديون الذين اشتغلوا في المسجد، فمثلا برواق الجبس، صنعوا جدارية توضيحية تبين المراحل التي يمر منها عمل الجبس، من المرحلة الأولية إلى المرحلة النهائية، والغرض من ذلك هو أن يتعرف الزائر على تلك الزخارف”. تذكر المسؤولة.
يدخل الزائر المتحف بعد أن يؤدي ثمن التذكرة ليجد فضاء للزليج مخصصا لاستقباله. وتخول هاته الزيارات الثقافية (المؤدى عنها) والتي تكون خارج أوقات الصلاة، للزوار المغاربة أو السياح الأجانب، الاطلاع على مرافق الجامع صحبة مرشد أو دليل يزودهم بالمعلومات بمختلف اللغات.
فن الزليج
يمكن للزائر، أيضا، أن يقرأ تعريفا لكل الحرف، يتضمن نبذة مختصرة بلغات مختلفة: عربية وإنجليزية وفرنسية وإسبانية. وكانت بداية جولة “بيان اليوم” مع فن الزليج الذي يستعمل في المعمار المغربي منذ القرن الثاني عشر، وعملية إنتاجه تمر من المراحل التالية:
التهييء:
يحلل الطين في الماء بعد تخمير العجين المستخلص، يدلك ويخلط إلى أن يصير متجانسا، ثم يجزأ على شكل مربعات.
الطهي:
بعد وضع مربعات الطين داخل الفرن، تطهى بحرارة 1000 درجة، أما المربعات المزلجة فتطهى بحرارة 800 درجة.
التقطيع:
تقطع مربعات الزليج بواسطة مقطع حاد على شكل قطع صغيرة تسمى بـ”لفرومة”، وذلك تباعا لمخطط يرسم فوقها بواسطة قواليب.
التركيب:
توضع القطع الصغيرة “لفرومة”، على مستوى مسطح أملس حسب الرسم المطلوب ووجهها إلى الأسفل، ثم يصب فوقها ملاط يسمى بـ”الحمري”، وعندما يجف على شكل بساط، يصبح جاهزا ليثبت في مكانه.
فن تدلاكت
نستمر في جولتنا، لنتعرف على فن تدلاكت، وهو عبارة عن تقنية كانت حاضرة في بناء الآثار التاريخية التي تعود إلى القرن الحادي عشر الميلادي، وهو عصر المرابطين. والمادة الأساسية في إنجاز “تدلاكت” هي الجير، الذي يستخدم في الصخور الكلسية بعد حرقها.
التحضير:
يشوى الجير ليلا ونهارا، وذلك لمدة تتراوح بين 3 و5 أيام. ويقوم بعملية شي الجير حرفيون يسمون “الكواشة”. يهيئ الحرفي “الدلاك”، العماد الذي سيطلى بالجير وذلك بأن يغطيه بملاط عبارة عن خليط من الجير والرمل. ويجب أن يكون العماد قويا ومسطحا ومساميا (فيه مسام تنفذ منها السوائل) وخشنا ومتجانسا ومتعادلا.
إلصاق تدلاكت:
يلصق الحرفي الملاط على العماد المراد تغطيته وذلك بواسطة مجصة (taloche)، وبمجرد ما يتماسك الملاط ويتعادل، يشرع الحرفي في صقل وتمليس الملاط بواسطة بكرة (galet) قم يقوم بكشط الملاط عدة مرات بواسطة ملوق (spatule) لجعل الماء يصعد إلى السطح.
ويتحقق التماسك النهائي باستعمال الصابون الأسود “الصابون البلدي” الذي يساعد على تماسك “تدلاكت”، فهذا الصابون يغلق الشقوق الصغيرة التي يمكن أن تظهر حين يجف الملاط.
النحاسيات
هناك أيضا فضاء مخصص للناحسيات، ونعرف من خلال ما كتب في لوحة على مدخله، أن استخدام النحاس في الهندسة المعمارية المغرية الحضرية عرف أوجه في العصر المريني، وفي العالم القروي انحصر فن النحاسيات في أواني المطبخ.
في القديم كانت النحاسيات تصنع انطلاقا من رقاقات إما من النحاس الأحمر (النحاس الأصلي، أو من النحاس الأصفر (laiton)، أو من الميشور (maillechort)، (مزيج من النحاس والنيكل والزنك وهو يحاكي الفضة)، أو من الرولز (ruolz)، (معدن مفضض بواسطة التلبيس بالكهرباء).
ومراحل التصنيع هي:
التحضير:
يقطع الحرفي رقاقات النحاس على شكل دوائر بواسطة مقص كبير، ثم يقوم بتقسيم مساحة الرقاقة بحسب الرسوم التي تحفر فوق الرقاقة باستعمال بركار ومسطرة.
القص:
يبدأ الحرفي المسمى النحايس أو الطبايلي أو السوايني أو الصفار بلصق معيرة موحدة أو مكونة من عدة أجزاء فوق الرقاقة النحاسية، ثم يشرع في قص الرقاقة أو الحفر فوقها باستعمال مختلف أنواع الأزاميل أو المثقبات مع رسومات ناتئة.
في صناعة الأبواب يتدخل كذلك السباكون (les fondeurs)، المسمون “الفراغة” الذين يهيئون نحاسيات على شكل سبائك (lingots) نحاسية، سمك كل سبيكة 5 ميلمترات، وفوق صفائح نحاسية مجمعة الواحدة بجانب الأخرى، يقوم النحاس الحرفي برسم تقاطعات بهذه القضبان وتثبيتها.
فن الجبس
بعد النحاسيات، يأتي فضاء مخصص لفن الجبس، ويسمى الجبس أو الرخام الكاذب “الكبص”، ويعتبر مسجد الموحدين في تينمل مؤشرا على استعمال الجبس في الهندسة المعمارية المغربية منذ القرن الثاني عشر الميلادي.
ومراحل صناعة الجبس هي:
التحضير:
المادة الأساسية في التحضير هي الجبس، وهي صخور رسوبية تستخرج من المنجم ويتم حرقها وتكسيرها وسحقها وتحويلها إلى غبار أبيض: الجبس.
يقوم الصانع بغربلة الجبس الخالي من الجير ويخلطه بالماء ثم يطلي به الجدران، في شكل طبقات متتابعة يتراوح سمكها بين 3 و5 سنتيمترات.
النقش:
يقوم النقاش بتخطيط السطح المراد نقشه وذلك بواسطة معيرة (gabarit) مخرمة برسوم تزيينية وبواسطة إزميل (burin)، يحفر وينقش الجبس متتبعا حدود الخطوط المرسومة بجبس ذي لون داكن فوق السطح.
التزيين:
أما التزيين فيتكون من:
* تركيب هندسي يسمى “التستير”، ويتشكل هذا التركيب من تعارض أو تقاطع الخطوط المستقيمة.
* تركيب كتابي يسمى “الكوفي”، ويتشكل من الخط الكوفي والسريع.
* تركيب زهري يسمى “التوريق”، يمثل شكلا نباتيا مأخوذا من نبات الأقنثة (acanthe)، وشجرة العنب (الكرمة)، وسعف أو سعيفات النخيل، والتشبيك الزهري والزخرف الزهري.
فن الخشب
ثم نختم جولتنا بالتعرف على نماذج رائعة من الخشب المصبوغ والخشب المنقوش، المستعمل في المسجد والمصنوع من خشب الأرز “المعروف بجودته العالية ومقاومته للرطوبة، خصوصا وأن المسجد يقع على البحر”. تقول المتحدثة ذاتها.
التعريف:
نجد في تعريف فن الخشب أنه حرفة تستمد أصولها من التاريخ العميق للمغرب، ويعتبر المؤرخون أن أصول هذا الفن تعود إلى المساجد القيروانية والأندلسية في القرن التاسع الميلادي، والمساجد المرابطية والموحدية في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين.
الصناعة:
وتتكون صناعة الخشب من الأنواع التالية:
* فن الخشب المنقوش:
ينقش الحرفي المسمى “النقاش” مختلف أنواع الخشب، مستعملا أزاميل مختلفة الأشكال والأحجام، ويعتبر خشب شجر الأرز هو الأكثر استعمالا.
* الخشب المرصع (الترصيع):
الترصيع في شمال المغرب يستعمل فيه خشب الأكاجو كمادة للتزيين، ويقوم المرصع المسمى “النقاش” بترصيع الخشب بواسطة قطع من العظم وخيط معدني فضي، بينما يقوم الحرفي المسمى “الطباع” بتقطيع ونقش قطع صغيرة من الخشب يلصقها على دعامة من الخشب المعاكس .(contreplaqué)
2 أكاديمية الفنون التقليدية
فضاءات بخصائص متعددة
بعد التعرف على المتحف، تواصل “بيان اليوم” رحلتها لاكتشاف “تمغربيت”، فنصعد الدرج لنتعرف على أكاديمية فريدة من نوعها، وهي أكاديمية الفنون التقليدية، التي خصصت لتثمين الفنون التقليدية، والحفاظ عليها وصونها، وتلقين كل تلك الحرف للأجيال الجديدة التي ستحمل المشعل.
يدرس الطلبة وهم يطلون على مسجد الحسن الثاني والبحر، في أجواء تساعد على التعلم والإبداع وتفجير المهارات. قد يتيه الزائر بين فضاءات خصصت للزليج والنقش على الخشب والجبس.. كل شيء مثالي، وكل الأدوات متاحة للتعلم، يخرج الطالب من الأكاديمية صانعا تقليديا في حرف ستساهم في الحفاظ على تراثنا الثقافي المادي.
حرفيو المستقبل
في هذا الصدد، استقبلنا مدير أكاديمية الفنون التقليدية موراد موهوب، حيث قال: “افتتحت أكاديمية الفنون التقليدية سنة 2012، وقد دشنها جلالة الملك محمد السادس في 31 أكتوبر 2012، وهي مؤسسة أكاديمية لتكوين الصناع التقليديين من جيل المستقبل، وذات استقطاب محدود، والولوج إليها يتم عبر مباراة. يجب أن يكون المرشح حاصلا على الكالوريا + سنتين”. قبل أن يضيف: “هناك شعب تقنية في مختلف أصناف وفنون الحرف التقليدية ثم شعبة فن الخط. ونحن بصدد العمل لنجعل من الدبلوم المحصل عليه من الأكاديمية يعادل الماستر. لأن هناك مجموعة من الطلبة يرغبون في إكمال دراساتهم العليا في أوروبا”.
تشرف على هذه الأكاديمية، مؤسسة مسجد الحسن الثاني التي يديرها المحافظ الجديد ماجد قيصر الغائب، الذي أتى خلفا لبوشعيب فوقار. وتجمع الأكاديمية بين التكوين والبحث العلمي والتدريب الميداني. كما يتم في الأكاديمية، عقد ندوات في مواضيع مختلفة يحضر فيها أساتذة وخبراء مغاربة وأجانب.
يضيف مدير المؤسسة في حديثه لبيان اليوم: “تحرص الأكاديمية على عقد اجتماع سنوي، يحضر فيه المجلس العلمي، ويترأسه رئيس المجلس الإداري للمؤسسة ورئيس المجلس الإداري للأكاديمية، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق. كما نعمل في الأكاديمية على تعزيز الشراكات مع وفود من مختلف البلدان والجنسيات والقارات”.
تكوين متكامل
كما يبرز مدير الأكاديمية في حديثه مع “بيان اليوم” أن الطلبة “يقضون مدة ثلاث سنوات، تتخللها تداريب مهنية ميدانية كل سنة. ونطبق في الأكاديمية نظام الوحدات، وما يميز هاته الوحدات، أن التكوين يكون بالتناوب في الميدان: المختبر والورشة وقاعة التكوين، وفي الفصل السادس، أي السنة الثالثة، يتدرب الطالب في معالم تاريخية لمدن مختلفة مثل فاس ومراكش ومكناس.. ويشرف على تدريسهم أساتذة و(معلمين) في مختلف فنون الصناعة التقليدية”.
يدرس هؤلاء الأساتذة خمس كتل تكوينية، كتلة خاصة بالعلوم التقنية، كتلة خاصة بالتدبير والمقاولات والاقتصاد والتسيير، وكتلة خاصة بالفنون: تاريخ الفن والسوسيولوجيا والآداب.. هناك، أيضا، تكوين مستمر إضافي للترميم، مدته 18 شهرا، وللأكاديمية اتفاق مع مركز كبير في إيطاليا للمحافظة على التراث، “نجلب منه الخبراء للتدريس لطلبتنا الذين أنهوا دراستهم، ونعمل على تكوين خبراء مرممين، يجتازون مباراة في الصيانة والترميم. نحن أيضا منفتحون على مؤسسات أخرى في فرنسا وفي إسبانيا، لأنه لنا خصائص مشتركة مع بعضنا البعض كبلدان للبحر الأبيض المتوسط”، يؤكد المتحدث.
الترميم.. إرادة ملكية
يؤكد موراد موهوب على أن التكوين في الترميم، هو إرادة ملكية، لتكون الأكاديمية مشعلا وحاضنة لتكوين الخبراء في الترميم، وليس فقط الترميم بالمعنى العلاجي، وإنما بالمعنى الاستباقي أيضا. كما أبرز موهوب أن الأكاديمية تشتغل على مشروع سيصبح فيه الترميم شعبة قائمة بذاتها، وليس مجرد تكوين مستمر، ليتخرج منها الطلبة بدبلوم للترميم.
“نحرص على أن يكون التكوين متكاملا ليتوج ببحث كتابي وتحفة فنية، ويناقش الطلبة أبحاثهم بحضور أساتذة ومعلمين وخبراء. لدى الخريجين آفاق كثيرة ونسعى لأن يكونوا حاملين لمشاريع مقاولاتية خاصة بالصناعة التقليدية”. يؤكد موهوب قبل أن يضيف: “هناك فئة تختار مجال التوظيف في القطاعات المعنية كالسياحة والأوقاف والأحباس”.
وأفادنا مدير الأكاديمية موراد موهوب أن “أحسن مجال ليتدرب فيه الطلبة هو مسجد الحسن الثاني، بحكم قربه من البحر، يحتاج إلى عناية، ولهذا نعطيه الأولوية الكبرى، للحفاظ على هاته المعلمة التي أعطت للدار البيضاء زخما وبعدا روحيا، كانت تفتقده من قبل. وهكذا، أصبحت عاصمة اقتصادية حتى بالمعنى الروحي كذلك. ونحن كبيضاويين نعتز بها كثيرا، وعلينا أن نحافظ كل من موقعه وصفته على هاته المعلمة. وخصوصا نحن الذين ننتمي للمؤسسة. والأكاديمية أصلا موجهة لخدمة مسجد الحسن الثاني”.
الصناعة التقليدية والاقتصاد
من جانب آخر، يوضح موهوب على أن الأكاديمية ستعمل على الإسهام في تعزيز الصناعة التقليدية، خصوصا وأن المملكة مقبلة على أحداث رياضية وثقافية كبرى. مبرزا أن الصناعة التقليدية تدخل في الاقتصاد و”نختزل فيها الأزمنة الثلاث، الماضي والحاضر والمستقبل. وما نرغب فيه، هو أن هؤلاء الخريجين والخريجات، يحملون هذا المشعل بأبعاده الثلاث. كما يجب المحافظة على الإرث الأمازيغي، الإفريقي، الأندلسي، العربي والعبري..”.
تستقبل الأكاديمية طلبة من مختلف أنحاء المملكة، كل بلمسة تعكس خصوصية منطقته. كما يشير موهوب إلى أن إدارة الأكاديمية “تعمل على تطوير الوسائط والآليات ليكون لدينا صناع تقليديون في المستوى”. واختتم موهوب تصريحه بالقول: “وبصفتي مديرا جديدا للأكاديمية، اقترحت مجموعة من التخصصات الجديدة، لأن الصناعة التقليدية فيها عدة روافد، خاصة في بعدها الجهوي. ننتظر الموافقة عليها من المجلس العلمي برئاسة الوزير أحمد التوفيق وإشراف السيد المحافظ”.
شعب متعددة
من جهته، أكد عبد الصمد حدادي، المدير المساعد المكلف بالتكوين والبحث أن الدراسة بدأت في هذه الأكاديمية سنة 2012، وهي نفس السنة التي دشن فيها جلالة الملك محمد السادس الأكاديمية.. وبالنسبة للتكوين، يضيف عبد الصمد حدادي في إفادته لبيان اليوم: “هناك الشعب التقنية المرتبطة بالصناعة التقليدية، هناك قطب للبناء التقليدي، فيه الزليج والجبس والنقش على الحجر، وقطب للخشب فيه الخشب المنقوش والخشب المصبوغ، وقطب فن الحديد، فيه المجوهرات والحدادة الفنية، وقطب للجلد فيه المصنوعات الجلدية، وقطب للنسيج، يحتوي على النسيج التقليدي مثل الزرابي، وشعبة للخط العربي، ويدرس فيها الخط المغربي والمشرقي”.
يسهر “المعلمين” على تلقين الطلبة خبايا الحرفة، ويتعلم الطلبة اللغات (الفرنسية والإنجليزية)، كما يدرس الطلبة، يؤكد المتحدث، تخصصات مختلفة في العلوم الإنسانية في مواضيع متعلقة بتاريخ الفن والأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا، هناك أيضا شق خاص بالتسيير والتدبير، وبالابتكار يحتوي على الرسم الفني والتصميم. و”يقضي الطلبة نصف يوم لمدة ثلاث أيام في الأسبوع لتعلم الحرفة، والغرض من ذلك أن يتخرج الطالب بتكوين متكامل يخوله له تأسيس مقاولته الخاصة”. يذكر حدادي.
ورشة الجبس
زارت “بيان اليوم”، بعض الورشات التي يدرس فيها الطلبة، واستقت تصريحات من “المعلمين” الذين يدرسون للطلبة. قال المعلم الذي يدرس في ورشة الجبس: “في البداية، لا يكون الطالب على دراية بالتقنيات، لكننا نعمل على تكوينه لمدة ثلاث سنوات في الورشة، يتلقى فيها دروسا نظرية بالموازاة مع الدروس التطبيقية، حيث يتعلم طريقة العجن بالمادة الأولية: الجبس والماء. ثم يتعلم تشكيل عجينة تكون صالحة للنقش، لتبتدئ الأمور في التدرج من البساطة إلى التعقيد. أي من مربعات بسيطة إلى زخارف معقدة، وهي كلها زخارف موجودة في الفن الإسلامي بصفة عامة ومن ضمنها الفنون المغربية مثل التوريق والتسطير والكتابة”.
يشير المعلم إلى أن الزخارف تستلهم من التراث الثقافي المادي المغربي، بأساليب متنوعة تعكس الدول التي تعاقبت على حكم المغرب “هناك الأسلوب الموحدي، والسعدي والمريني الذي يعتبر ذا أهمية بالغة لأنه متميز في فن العمارة سواء الخاصة أو العمومية. المدرسة المغربية هي مدرسة لها خصوصيتها. ويرجع الفضل الكبير في تلقين هاته التقنيات إلى المعلم مولاي حفيظ العلوي المدغري”. يذكر المعلم.
ورشة الزليج
فيما يقول معلم الزليج: “كما تعرفون، الطلبة يأتون للأكاديمية وهم لا يعرفون عن الزليج شيئا، وهو الدور الذي نقوم به في الورشة، حيث نشرح لهم مصدر الزليج الذي نأتي بطينه من مدينة فاس، لأن هذا الطين يتميز بمرونته، حيث نستطيع تشكيله كما نريد”.
يشير المعلم الذي اشتغل في هذا الميدان لمدة 44 سنة، إلى أن الزخارف المنقوشة في الزليج هي متوارثة، وتوجد في تراثنا المغربي، كما يؤكد على أنهم يستعملون نفس الألوان التي وجودها، مع إضافة ألوان جديدة.
ورشة الخشب
أما معلم الخشب، فيقول: “ندرس الطلبة لمدة 3 سنوات، في البداية نبدأ معهم بالتعريف بالمصطلحات، ثم التوريق والتسطير على الخشب. ثم النقش والتطبيع، ونعلمهم كيفية صنع موائد وجمع خشبها. في السنة الثالثة نشتغل معهم على الأسقف.. وهكذا تدريجيا.. ويرجع الفضل الكبير للمعلم كمال بلامين الذي تعلمنا منه نقش الزخارف على الخشب”.
النقش على الحجر
يتعلم الطلبة حرفة النقش على الحجر، وهي كما يقول المعلم المكلف بتدريسها: “حرفة متأصلة في تراثنا المغربي. نبدأ تدريجيا مع الطالب لكي يستأنس مع الحجر، ويتعلم التعامل معه وتقطيعه، ثم نعبر لمراحل أخرى، نعلمهم فيها النقش على الأقواس و”السواري”، والزخارف المستعملة في النقش على الحجر هي التوريق. هناك أيضا الجبس المقربس، وهو مميز جدا لأنه كان يوجد في الرياضات والمنازل التقليدية العتيقة، قلائل هم “المعلمين” الذين يشتغلون على هذا النوع من النقش”.