أكثر من 240 قتيلا في غارات إسرائيلية على غزة

قتل أكثر من 240 فلسطينيا خلال 24 ساعة في غارات إسرائيلية على قطاع غزة، مع تكثيف الدولة العبرية عملياتها على رغم التحذيرات الدولية من تزايد أعداد الضحايا المدنيين، ومنها من الأمم المتحدة التي أعلنت الثلاثاء تعيين منسقة للشؤون الإنسانية في القطاع.
وبينما حذر رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي من أن الحرب ستستمر “عدة أشهر أخرى”، لا يزال شبح توسع نطاق النزاع يلوح في الأفق، خصوصا عند الحدود بين جنوب لبنان وشمال إسرائيل حيث أصيب تسعة جنود إسرائيليين بنيران صواريخ أطلقها حزب الله.
بعد قصف إسرائيلي مكثف، تصاعدت سحب كثيفة من الدخان فوق خان يونس كبرى مدن جنوب القطاع، وحيث تقول إسرائيل إنها تشن أغلب هجماتها ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على السلطة في غزة منذ عام 2007.
ومع مرور نحو ثلاثة أشهر على اندلاع الحرب إثر الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، لم تظهر أي علامات على التراجع في القتال البري، فضلا عن القصف الجوي الإسرائيلي المدمر.
وتوعدت إسرائيل بالقضاء على حماس بعد الهجوم الذي أدى إلى مقتل نحو 1140 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب آخر الأرقام الرسمية الإسرائيلية. كما أخذ حوالي 250 شخصا رهائن لا يزال 129 منهم محتجزين في غزة وفق إسرائيل.
وقتل جراء العمليات العسكرية الانتقامية الإسرائيلية في غزة 20915 شخصا وأصيب 54918، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
من بين الضحايا 241 شخصا قتلوا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية في ضربات مكثفة، وفق نفس المصدر.
ودفنت جثامين 80 شخصا قتلوا خلال الحرب في مقبرة جماعية الثلاثاء في رفح، وفق صحافيي وكالة فرانس برس، بعدما أعادتها إسرائيل إلى القطاع عقب مصادرتها من مشارح مستشفيات ونبشها من مقابر للتثبت إن كانت تعود لرهائن ما زالوا محتجزين في غزة.
أجبرت الحرب 1,9 مليون شخص على النزوح من منازلهم في غزة، أي 85% من السكان بحسب الأمم المتحدة، فيما يخيم شبح المجاعة على القطاع الذي باتت معظم مستشفياته خارج الخدمة.
وتفرض إسرائيل منذ 9 تشرين الأول/أكتوبر حصارا كاملا شمل قطع الكهرباء والماء على القطاع المحاصر أصلا منذ 16 عاما، فاقمه انقطاع جديد للاتصالات الثلاثاء.
بالإضافة إلى خان يونس حيث يتجمع العديد من النازحين الذين فروا من القتال في الشمال، استهدفت الضربات الإسرائيلية مدينة رفح إلى جنوبها، حيث يتجمع عشرات الآلاف في مخيمات مؤقتة.
وقال الناجي أبو البراء الثلاثاء وسط أنقاض منزل دمره القصف في رفح، إن إسرائيل “تدعي أن هناك مناطق مأهولة أو مناطق آمنة، لكن هذا الهجوم يناقض ادعاءاتها وأكاذيبها”.
إلى ذلك، أصدر الجيش أمرا جديدا بإخلاء سكان مخيم البريج (وسط) ومحيطه. وفر عدد من سكان المناطق المعنية بالإجراء إلى رفح، حيث وصلوا مع أمتعتهم المكدسة على أسطح مركباتهم، بحسب صور لفرانس برس.
من جانبها، أعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن “قلق بالغ حيال قصف القوات الإسرائيلية المتواصل لوسط غزة… على جميع الهجمات أن تمتثل بشكل صارم إلى مبادئ القانون الإنساني الدولي بما في ذلك التمييز والتناسب وأخذ الاحتياطات”.
وأعلن الجيش الثلاثاء أنه ضرب أكثر من 100 هدف لحماس خلال اليوم الماضي، من بينها فتحات أنفاق ومواقع عسكرية في جباليا (شمال) وخان يونس. ونشر صورا لجنود برفقة دبابات يتقدمون سيرا بين الأنقاض، بينما دوت أصوات الطلقات.
في المقابل، نشرت حماس لقطات تظهر استهداف مقاتليها عربات عسكرية وجنودا إسرائيليين بالقذائف المضادة للدروع والعبوات الناسفة.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مجددا في مقال نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية الاثنين، أنه “يجب تدمير حماس، ويجب نزع سلاح غزة، ويجب استئصال التطر ف من المجتمع الفلسطيني” من أجل تحقيق السلام “مع الجيران الفلسطينيين”.
أما رئيس الأركان هرتسي هليفي فقال في مؤتمر صحافي بعد تفقده جنودا في القطاع الثلاثاء إن “أهداف الحرب ليس من السهل تحقيقها.الحرب ستستمر عدة أشهر أخرى وسنعمل بأساليب مختلفة حتى يتم الحفاظ على الإنجاز لفترة طويلة”.
وأعلن الجيش مقتل ثلاثة عسكريين آخرين في القتال في غزة لترتفع إلى 161 حصيلة قتلاه منذ بدء هجومه البري في 27 تشرين الأول/أكتوبر.
وفي مواجهة الظروف القاسية التي يعيشها السكان المدنيون في غزة، دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس مرة أخرى إلى “وقف فوري لإطلاق النار”.
وأضاف أن المساعدات لا تزال تصل بكميات غير كافية وأن الجهود الإنسانية “لا تقترب من تلبية احتياجات سكان غزة”.
ومساء الثلاثاء، أعلنت الأمم المتحدة تعيين الوزيرة الهولندية سيغريد كاغ منسقة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، بعد قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو لزيادة المساعدات للقطاع.
وأكدت المنظمة أن كاغ ستقوم “بتسهيل وتنسيق ومراقبة والتحقق من شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة. كما ستقوم أيضا بإنشاء آلية تابعة للأمم المتحدة معنية بتسريع إرسال شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة من خلال الدول التي ليست طرفا في الصراع”، وتبدأ مهامها في الثامن من كانون الثاني/يناير.
على جبهة المفاوضات، لم تسفر جهود الوسطاء، خاصة مصر وقطر، حتى الآن عن تحقيق هدنة إنسانية جديدة، بسبب المواقف المتعنتة لطرفي النزاع.
وكانت هدنة أولى بأسبوع في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر أتاحت إطلاق سراح 105 رهائن من الإسرائيليين والأجانب، مقابل 240 أسيرا فلسطينيا ودخول كميات أكبر من المساعدات إلى غزة.
ومن المقرر أن يلتقي الثلاثاء وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جايك ساليفان في الولايات المتحدة، لبحث ملفي الحرب والرهائن في غزة.
لا تزال المخاوف من توسع الحرب قائمة، خاصة مع تبادل القصف على الحدود الإسرائيلية اللبنانية والهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون في اليمن على سفن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر وبحر العرب.
في هذا الصدد، قال الحوثيون في بيان مساء الثلاثاء إنهم استهدفوا سفينة “إم إس سي يونايتد بصواريخ بحرية” بعد “رفض طاقمها… نداء القوات البحرية”، وكذلك إطلاق “عدد من الطائرات المسيرة” على مناطق في جنوب إسرائيل.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن إحدى طائراته المقاتلة “اعترضت بنجاح في وقت سابق اليوم (الثلاثاء) في منطقة البحر الأحمر هدفا جويا معاديا كان في طريقه إلى الأراضي الإسرائيلية”.
وكان قد سمع دوي انفجارات قبالة سواحل جنوب شبه جزيرة سيناء المصرية الثلاثاء، وفق ما أوردت قناة مقربة من الحكومة، فيما أفاد شهود عيان أنهم رأوا جسما يسقط في خليج العقبة.
وعلى الجبهة مع لبنان، أعلن الجيش الإسرائيلي الثلاثاء إصابة تسعة جنود ومدني جراء صواريخ أطلقها حزب الله الذي أعلن شن سلسلة من الهجمات اليوم ضد مواقع وقوات إسرائيلية.
وأكد الجيش الإسرائيلي أنه شن غارات وقصف بنيران الدبابات والمدفعية “أهدافا تابعة لمنظمة حزب الله” في جنوب لبنان. من جهته، نعى الحزب المدعوم من إيران اثنين من عناصره.
كما تزايدت الهجمات المنسوبة إلى فصائل موالية لإيران ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا المجاورة. ونفذت الولايات المتحدة ضربات ضد ثلاثة مواقع تستخدمها تلك الفصائل في العراق، ما أدى إلى مقتل شخص واحد.
واتهمت إيران الاثنين إسرائيل بقتل القيادي الكبير في الحرس الثوري رضي موسوي، في غارة جوية في سوريا.
واستنكر حزب الله “الاغتيال” فيما توعدت طهران بالانتقام لمقتله.

أ.ف.ب

Top