جددت ألمانيا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء، التي تقدم بها المغرب في 2007، باعتبارها مجهودا “جادا وذا مصداقية” من قبل المملكة و “أساسا جيدا جدا” للتوصل إلى حل مقبول من الأطراف.
وأكدت رئيسة الدبلوماسية الألمانية، أنالينا بيربوك، عقب محادثات أجرتها، ببرلين، مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، الذي قام بزيارة عمل إلى ألمانيا، مرة أخرى، على “دعم ألمانيا طويل الأمد للمسلسل الذي تقوده الأمم المتحدة قصد التوصل إلى حل سياسي واقعي، براغماتي، مستدام ومقبول من الأطراف”.
وبنفس المناسبة، أعرب الوزيران، مجددا، عن موقفهما المشترك إزاء “حصرية” الأمم المتحدة في العملية السياسية، مع تجديد تأكيدهما على دعم قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، والتي سجلت دور ومسؤولية الأطراف في البحث عن حل سياسي واقعي، براغماتي، مستدام وقائم على التوافق.
كما جدد البلدان تأكيدهما على دعم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، وجهوده من أجل الدفع بالعملية السياسية على أساس قرارات مجلس الأمن الأممي ذات الصلة.
علاقات ثنائية ممتازة ودينامية ايجابية
وأشاد المغرب وألمانيا بالعلاقات الوثيقة والودية القائمة بين البلدين، وكذا بالدينامية الإيجابية التي تميز العلاقة الثنائية منذ اعتماد الإعلان المشترك في غشت 2022، والذي يشكل خارطة طريق لتعزيز هذه العلاقات في جميع المجالات.
وخلال ندوة صحفية أعقبت المباحثات التي جمعت ببرلين بين وزيرة الشؤون الخارجية لجمهورية ألمانيا الاتحادية، أنالينا بيربوك، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، جدد المسؤولان الحكوميان التأكيد على إرادتهما المشتركة في تعميق العلاقات الثنائية طويلة الأمد، بغية إقامة شراكة معززة تتطلع إلى المستقبل.
وأوضح بوريطة أن العلاقة التاريخية التي تجمع بين المغرب وألمانيا تعرف دينامية جد إيجابية منذ الرسالة الموجهة إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس من طرف الرئيس الألماني شتاينماير، وكذا الزيارة التي قامت بها إلى المغرب السيدة أنالينا بيربوك في غشت الماضي.
وأشار الوزير إلى أن جلالة الملك أصدر تعليماته السامية قصد جعل ألمانيا واحدة من بين شركاء المملكة الإستراتيجيين ذوي الأولوية، وذلك على أساس الثقة والاحترام المتبادلين والدفاع عن المصالح المشتركة للبلدين.
ونوه الوزيران بإطلاق الحوار الاستراتيجي متعدد الأبعاد، العام المقبل، كما هو منصوص عليه ضمن الإعلان المشترك المعتمد بمناسبة الزيارة التي قامت بها بيربوك إلى المغرب في 25 غشت 2022.
وفي هذا الصدد، أوضح السيد بوريطة أن إقامة هذا الحوار الاستراتيجي تشهد على الإرادة المشتركة بين البلدين في تعميق هذه الشراكة على نحو أكبر.
كما أشاد الوزيران بتميز العلاقات الثنائية الاقتصادية والتجارية، وجددا التأكيد على رغبتهما في تعزيزها وجعلها تنفتح على قطاعات جديدة، لاسيما قطاعات الطاقات المتجددة، والبنيات التحتية والرقمنة. وأكدا في هذا السياق، اهتمامهما المشترك بتكثيف ومتابعة هذا التعاون، قصد توسيع نطاقه وتعزيز مكتسباته.
بالإضافة إلى ذلك، شدد بوريطة والسيدة بيربوك على أهمية الشراكة الثنائية طويلة الأمد في المجال الأمني، ورحبا بتعزيز هذه الشراكة لمواصلة مواجهة التحديات المشتركة معا، لاسيما من خلال التبادلات رفيعة االمستوى.
وسلط الوزيران الضوء على التعاون الوثيق في مجال الهجرة، مؤكدين على النهج العقلاني المتبع بين البلدين في تدبير هذه القضية.
وأشار المسؤولان الحكوميان، في ذات السياق، إلى أهمية التعاون الثنائي في المجالات الثقافية والأكاديمية من أجل تعزيز التنمية البشرية والاقتصادية.
وفي مجال التغير المناخي، أكد الوزيران مجددا إرادتهما المشتركة للترافع من أجل التزام دولي طموح قصد مكافحة آثار تغير المناخ وتشجيع الإجراءات التي من شأنها التخفيف من هذا التأثير. وأبرزت السيدة بيربوك الدور المرجعي الذي يلعبه المغرب خلف قيادة جلالة الملك محمد السادس، لاسيما في مجال مكافحة التغيرات المناخية.
وأكد الوزيران تقاطع وجهات نظرهما حول مجموعة من القضايا الإقليمية والدولية، وتعهدا بمواصلة التشاور والتنسيق، لاسيما بشأن الوضع في ليبيا ومنطقة الساحل والشرق الأوسط.
حوار استراتيجي متعدد الأبعاد
من جانب آخر، اتفق المغرب وألمانيا على إطلاق حوارهما الاستراتيجي متعدد الأبعاد، الذي سيشكل أساسا للمضي قدما في إطار العلاقات الثنائية وسيعزز التناغم بين مختلف مجالات التعاون الثنائي.
وتندرج زيارة بوريطة لألمانيا في إطار تنزيل الحوار الإستراتيجي المحدث بين البلدين بموجب الإعلان المشترك المعتمد بمناسبة الزيارة التي قامت بها بيربوك إلى المغرب في 25 غشت 2022.
ومن المقرر عقد هذا الحوار الاستراتيجي مرة كل سنتين بالتناوب في المغرب وألمانيا، وذلك برئاسة وزيري خارجية البلدين.
وتأتي إقامة هذا الحوار الاستراتيجي في إطار الرغبة المشتركة للبلدين في تعزيز علاقاتهما السياسية والاقتصادية والثقافية والإنسانية، وتعزيز الديمقراطية، ودولة القانون والحكامة الجيدة، وتنمية التجارة والاستثمارات، والتعاون في مجال السياسة المناخية وسياسة التنوع البيولوجي، إلى جانب الحلول الطاقية الخضراء.
وسيقوم هذا الحوار الاستراتيجي على القيم المشتركة والاحترام المتبادل، بهدف تعزيز مبادئ وأسس العلاقات القائمة بين المغرب وألمانيا، سعيا إلى الحفاظ على مصالح البلدين ذات الأولوية وتعزيزها.