أهالي جنين: نخشى تدمير المخيم كما دُمرت غزة

لليوم الثاني على التوالي، تستمر العملية العسكرية الإسرائيلية على مخيم جنين، مخلفة 10 شهداء وعشرات الجرحى، مع عمليات تدمير للشوارع والبنى التحتية في المدينة ومحيط المخيم الواقع بقلبها.
وثبتت توقعات الفلسطينيين في جنين بشن إسرائيل عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة بعد وقف الحرب في قطاع غزة. وأعلن جيش الاحتلال في بيان له بدء عملية عسكرية واسعة في جنين وأطلق عليها اسم “السور الحديدي”، وقد جرت المصادقة عليها من “الكابينت” (المجلس الوزاري المصغّر) الأمني والسياسي الإسرائيلي يوم الجمعة الماضية.
وفور بدء العملية، وصلت أعداد كبيرة من آليات الاحتلال الإسرائيلي برفقة جرافات عسكرية من نوع “دي-9”. وحسب الأهالي، فإن أعدادا كبيرة وغير مسبوقة من الجرافات وجيبات الاحتلال العسكرية اقتحمت مدينة جنين ومخيمها بالمقارنة مع الاقتحامات السابقة.
تحدثت براق، وهي مواطنة من مخيم جنين وأم لطفلين، عن حالة الخوف والقلق التي أصابتها خلال محاولتها الخروج بأسرع وقت ممكن من مخيم جنين قبل وصول قوات الاحتلال إليه واقتحامه.
وتقول “كان أمس يوما عاديا في المخيم، لكن بدأت تتوارد الأخبار بوجود قوات خاصة في حي الجابريات، وبعد لحظات رأينا عبر قنوات الأخبار وعلى وسائل التواصل أعداد كبيرة من الجرافات تتجه وتصل إلى أطراف المدينة، على الفور جهزّت أطفالي وأخذت بعض الاحتياجات الأساسية وغادرت برفقة أهل زوجي المخيم”.
لم يكن الخروج سهلا، فقد أغلق الاحتلال الطرق الرئيسية الواصلة إليه، وعند تمكنت العائلة من الوصول إلى طريق فرعية، كانت آليات الاحتلال العسكرية تتمركز في محيط مستشفى جنين الحكومي، وهناك فتح جنود الاحتلال النار تجاه المواطنين، مما أدى لإصابة عدد منهم.
تقول براق “وصلنا شارع مستشفى جنين الحكومي وبدأ الرصاص ينهال علينا، اخترقت رصاصات عجلات سيارتنا، ولولا لطف الله لأصيب أطفالي، كان الرصاص يتطاير فوق رؤوسنا، بالطبع كانوا يتعمدون إصابتنا بشكل مباشر، الخوف كان كبيرا، أصيب شاب في المكان”.
ووسط تحليق مكثف لطائرات الاحتلال في سماء مخيم جنين، كان جنود الاحتلال يطلقون النار على الأهالي الذين حاولوا الخروج من المخيم بمركباتهم، تخوفا من اقتحام عنيف الليلة الماضية.
وفي مشهد نشر على وسائل التواصل، وثّق شاب استشهاد مواطن داخل سيارته بعد إصابته برصاص قناص خلال محاولته مغادرة المخيم رفقة عائلته.
ويخشى الأهالي من تدمير مخيم جنين، لا سيما بعد توقف الحرب على قطاع غزة، وبعد تزايد التهديدات الإسرائيلية بالقضاء على مجموعات المقاومة الفلسطينية المسلحة في مخيمات شمال الضفة، وتحديدا بعد ضربات المقاومة في بلدات طمّون والفندق التي أدت إلى مقتل وإصابة إسرائيليين.
وداخل مخيم جنين، الذي عاش تشديدا كبيرا يشبه الحصار لمدة 40 يوما من قبل السلطة الفلسطينية حتى بدء الاقتحام الإسرائيلي، يبدو الوضع أكثر خطورة، فالأخبار الواردة تشير إلى وجود عدد من الإصابات في أحيائه لم تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول إليها، في حين يجاهد الأهالي بتقديم الإسعافات الأولية لهم، وتتوالى نداءات الاستغاثة بضرورة نقلهم إلى المستشفى.
يقول المسعف نضال نغنيغة “حاولنا دخول المخيم ولكن دون جدوى، فالاحتلال يمنع دخولنا ونقل الإصابات، عدد الإصابات يرتفع بشكل كبير جدا، والمصابين ينزفون في الشوارع وأمام المنازل حتى الآن أحصينا 75 إصابة، والعدد مرجح للارتفاع كل دقيقة”.
ويضيف نغنيغة “لدينا مسعفون متطوعون داخل المخيم، يستخدمون عربات صغيرة لنقل الجرحى، لكن قناصة الاحتلال ترصد أي حركة في شوارعه وتطلق النار بشكل مباشر. ولم يسلم المسعفون المتطوعون أيضا من استهداف القناصة، وتردنا اتصالات من الناس لنقل الإصابات، ورغم محاولتنا الحصول على تنسيق للدخول لم نتلقَ أي إجابة حتى الآن”.
وكانت طائرة مسيّرة لجيش الاحتلال قصفت موقعا يتجمع فيه عدد من متطوعي الإسعاف داخل مخيم جنين، من دون وقوع إصابات بينهم.
وانتشرت دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي لإرشاد الناس في المخيم حول كيفية التعامل مع الإصابات ومحاولة تقديم الإسعافات الأولية لهم لحين وصول مركبات الإسعاف ونقلهم. ونشر المسعف محمد عمر مقطعا صوتيا لتوضيح طريقة وقف النزيف للجرحى.
يقول عمر “مع بداية الاقتحام حاولنا الوصول إلى جنين لتقديم المساعدة، لكن الاحتلال منعنا من دخول المدنية، لذا قمت بنشر رقم هاتفي في المجموعات الإخبارية، وطلبت من الناس الاتصال بي في حال وجود إصابة لتوجيههم للتعامل معها”.
ويضيف أن التأخر في الوصول للإصابات يعني فقدان المصاب كميات من الدم والحكم عليه بالموت، وهذا الاقتحام كبير وعدد الإصابات كبير أيضا والإمكانات الطبية في جنين لن تكفي وحدها للتعامل معها، لذا تجب المساعدة من خارج المحافظة، حسب عمر.

Top