اختتام فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الدار البيضاء للمسرح الأمازيغي

أسدل الستار زوال يوم الأحد 11 شتنبر 2022 بمسرح بنمسيك بالدار البيضاء على الدورة الخامسة لمهرجان الدار البيضاء للمسرح الأمازيغي المنظم، تحت الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس تحت شعار “الثقافة الأمازيغية، أصالة وتجديد”، من طرف جمعية فضاء تافوكت للإبداع بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وبدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، وبتعاون وتنسيق مع ولاية جهة الدار البيضاء – سطات، ومجلس جهة الدار البيضاء – سطات، ثم المجلس الجماعي للدار البيضاء.

وتم خلال حفل الاختتام تكريم الفنان الرائد عمر السيد على مجمل أعماله الفنية وعرض فيلم عن حياته ومساره الفني “مسيرة إنسان ومسار فنان” للمخرج خالد بدري، بحضور عدد هائل من الفنانين والمبدعين ومجموعة من نجوم الدراما الأمازيغية وعدة وجوه فنية وثقافية ورياضية وصحافية وأصدقاء المحتفى به وعشاقه، وتسلم الفنان المكرم درع المهرجان وتذكارا بهذه المناسبة وهدايا أخرى. كما تم تنظيم أمسية فنية قامت بتنشيط وتنسيق فقراتها الإعلامية بشرى عمور والإعلامي عمر المنصوري، وأحيىاها كل من مجموعة أحواش، بنات نجاة سوس، والفنان عبدو التاجر، وفرقة الأهواء للدقة العيساوية، ومجموعات فنية أخرى، واختتم الحفل الفنان متعدد المواهب ادريس تامونت بأغاني من ريبيرتواره الفني المتنوع.

  ويذكر آن المهرجان افتتح يوم الأربعاء 7 شتنبر بمسرح ابن امسيك الجديد بمجموعة من اللوحات الفنية والتراثية والكوريغرافية وتكريم الفنانة فاطمة بوشان احتفاء بمسارها الإبداعي في المسرح والفيديو والتلفزيون والسينما بالأمازيغية والعربية المغربية.

وخلال المهرجان احتضنت مسارح جهة الدار البيضاء سطات في الفترة الممتدة من 07 إلى 11 شتنبر 2022 عروضا مسرحية مختلفة، وهي العروض المسرحية التي عرضت لأول مرة على خشبات مدن الجديدة وسطات والدار البيضاء، واستقبلت الدورة تجربة المسرح الحساني من الصحراء المغربية للتعريف به وبمبدعيه على خلفية الإيمان الراسخ بالتعددية الثقافية واللغوية في إطار الوحدة الوطنية للمملكة المغربية وبهدف إتاحة الفرص للتلاقح واحتكاك التجارب ببعضها البعض مما سيؤدي حتما إلى تنوع المعروض وتطوير التجارب المسرحية المغربية بمختلف الألسن انطلاقا من شعار هذه الدورة “الثقافة الأمازيغية، أصالة وتجديد” كثقافة أصيلة وجامعة وإرث حضاري لكل المغاربة.

 وتبارت الفرق المسرحية في المهرجان على نيل الجائزة الوطنية للثقافة الأمازيغية – صنف المسرح، جهة الجنوب بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية برسم سنة 2021، وتكونت لجنة التحكيم من الأساتذة الباحثين، الدكتور يوسف توفيق رئيسا، والدكتور فؤاد أزروال والدكتور الحسن الغلب والدكتور مبارك آيت عدي أعضاء.

وشهدت فعاليات مهرجان هذه السنة تقديم عروض مسرحية متنوعة داخل المسابقة وخارجها كعروض شرفية بمختلف اللغات قادمة من عدة مدن بالمملكة، بحيث تم تقديم أكثر من عشرين عرضا مسرحيا بكل من مسرح الحي البرتغالي بمدينة الجديدة، والمركب الثقافي سيدي بليوط، والمركب التربوي الحسن الثاني للشباب، والمركب الثقافي مولاي رشيد ومسرح ابن امسيك الجديد بالدار البيضاء، والمركب الثقافي لمدينة سطات.

وعلى هامش الدورة الخامسة، تم تنظيم عدد من الأنشطة الموازية المهمة من بينها ندوة فكرية في محور “مسألة اللغة في المسرح الأمازيغي” بمشاركة الأستاذ الحسين الشعبي والدكتور عز الدين الخراط، وسيرها الصحفي الأستاذ أوسي موح لحسن.

كما تم أيضا بالمركب الثقافي سيدي بليوط الجمعة 9 شتنبر 2022 تكريم الدكتور أحمد أمل مؤلف النص التخييلي “جرح في عضو رجل “، وتم تقديم قراءة في الكتاب قدمها الأستاذ بوسرحان الزيتوني وكلمة تكريمية في حق المحتفى به قدمها الدكتور فؤاد أزروال وجانب مهم من المشاركين أصدقاء المحتفى به منهم كتاب مسرحيون ومهتمون بالتأليف والنقد..

وبتنسيق مع الفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة كان للمهتمين موعد مع ندوة دراسية تحت عنوان “سؤال التنظيم المسرحي الاحترافي” بمشاركة مجموعة من الأساتذة المختصين في المجال، وقدمت مداخلات لكل من الأستاذ حسن هموش والأستاذ الحسين الشعبي والأستاذ بوسرحان الزيتوني وعمل على تسييرها الأستاذ عبد الإله بنهدار.

 وعرفت الدورة أشغال أربعة ورشات متخصصة وأكاديمية يوميا طيلة أيام المهرجان، أولاها في موضوع “الكتابة المسرحية بالأمازيغية” من تأطير الأستاذ بالمعهد العالي للتنشيط الثقافي والفن المسرحي الدكتور عصام اليوسفي، والثانية في موضوع “التراث اللامادي الأمازيغي” من تأطير الأستاذ الباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الدكتور مبارك آيت عدي، والثالثة في موضوع “الحكاية الأمازيغية” من تأطير الأستاذ الباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الدكتور يوسف توفيق، والرابعة في موضوع “الكتابة بالحرف الأمازيغي / تيفيناغ” من تأطير الأستاذ الباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الدكتور الحسين الغلب، واستفاد من هذه الورشات نخبة من المبدعين من الجنسين في الأدب الأمازيغي والخريجين وطلبة ماسترات الأمازيغية بالجامعات المغربية يمثلون مختلف مناطق البلاد بهدف تأليف مجموعة نصوص وطباعتها في كتاب خاص كتتويج لإنتاجات ورشة الكتابة المسرحية بالأمازيغية، وبالموازاة مع ذلك  شهدت أروقة المهرجان معرضا متنقلا للكتاب الأمازيغي يهم إصدارات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

* زكريا العكاري

*******

خالد بويشو لبيان اليوم: دورة هذه السنة دورة متميزة وغنية تحاكي التنوع الثقافي للمملكة..

على هامش فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الدار البيضاء للمسرح الأمازيغي ، الذي نظمه فضاء “تافوكت” للإبداع تحت الرعاية الملكية السامية بشراكة وتعاون وتنسيق مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ووزارة الشباب والثقافة والتواصل إلى جانب ولاية جهة الدار البيضاء سطات ومجلس الجهة وكذا مجلس المدينة.. والذي امتدت أطواره من 7 إلى 11 شتنبر  الجاري، كان لنا حوار قصير مع الأستاذ خالد بويشو رئيس فضاء “تافوكت” للإبداع ومدير المهرجان الذي كشف فيه أن دورة هذه السنة عرفت برنامجا متنوعا وغنيا بمجموعة من العروض لفرق مختلفة من جهة الدارالبيضاء سطات ون خارجها. وأضاف بويشو في حوار مع “بيان اليوم” أن برنامج هذه الدورة اعتمد أيضا على تقديم عروض متنوعة من حيث اللغة، حيث تم تقديم عروض مسرحية بكل من العربية والأمازيغية، وذلك، يقول المتحدث، في إطار الانفتاح على التنوع الثقافي التي تزخر بها الجهة، وكذا في إطار مقاربة تشاركية حتى لا يتم إقصاء فناني الجهة.

إلى ذلك، أفاد المتحدث نفسه أنه تمت الموافقة على مشاركة 4 فرق من طرف لجنة فرز عينها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، لتمنح بذلك لهذه الفرق فرصة التباري على الجائزة الوطنية للمسرح ـ صنف الجنوب. وهي الجائزة التي، يؤكد المتحدث، ستنعقد في 3 مهرجانات خاصة، أولها انعقد بإيموزار كندر ويخص المسرح بلهجة “تمازيغت”، وآخر سينعقد بالحسيمة أواخر هذا الشهر ويخص جهة الريف.

فيما يلي نص الحوار:

  • هلا تفضلتم بإعطاء نظرة عامة عن هذه الدورة التي أسدلت ستارها الأحد الماضي

** بالنسبة لبرنامج الدورة الخامسة فهو برنامج متنوع شمل عروضا مسرحية أمازيغية من الجنوب مع الانفتاح على أقاليم جهة الدار البيضاء سطات. بخصوص مدينة سطات، تمت برمجة عروض أمازيغية وكذلك عرض بالعربية لفرقة من مدينة سطات في اطار مقاربة تشاركية وكذا الشأن بالنسبة لمدينة الجديدة حيث تمت برمجة عرض لفرقة من المدينة.

وبالنسبة للبرنامج العام للدورة، تمكنا من برمجة أكثر من 20 عرضا مسرحيا، تمثل العروض الأمازيغية 70 في المائة من إجمالي العروض، وكذلك هنالك ورشات متخصصة استمرت طيلة أيام المهرجان، ورشة الكتابة المسرحية بالأمازيغية من تأطير الدكتور عصام اليوسفي أستاذ بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي.

وعقدنا كذلك 3 ورشات متخصصة أطرها دكاترة باحثون بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الأولى حول الحكاية الأمازيغية والثانية حول “التراث اللامادي الأمازيغي”، والثالثة ورشة خاصة للكتابة بتفيناغ أطرها كل من يوسف توفيق ومبارك أيت عدي وكذا الحسين الغلب.

وفيما يخص التكريمات، فقد تم تكريم كل من الفنانة فاطمة بوشان في حفل الافتتاح والفنان عمر السيد في حفل الاختتام، إلى جانب الاحختفاء بالكاتب المسرحي أحمد أمل في أمسية خاصة نظير أعماله في مجال المسرح الأمازيغي.

  • ما الذي ميز هذه الدورة عن الدورات السابقة؟

** الدورة الخامسة من المهرجان تنعقد لأول مرة تحت الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وهذه الالتفاتة الملكية السامية من شأنها أن تزيد من تقوية حماسنا وتحفزنا للسعي أكثر نحو الجودة والتطوير، وبالمناسبة يسعدني باسم كافة أطقم المهرجان أن أرفع للسدة العالية بالله آيات الولاء والتبريك شاكرين لجلالته حسن العناية والرعاية والاهتمام متمنين أن نكون في المستوى المنشود..

وتتميز هذه الدورة أيضا كما أسلفت باستقبالها لتجربة المسرح الحساني ولتقديم عروضها ما بين الدار البيضاء والجديدة، وسطات.. وهو ما يعبر عن خاصية المغرب المتمثلة في تنوعه الثقافي واللساني في إطار الوحدة الترابية.

  •   بخصوص الجائزة الوطنية للثقافة الأمازيغية صنف المسرح، كم عدد الأعمال المسرحية التي تتبارى حولها؟

** فيما يتعلق بالجائزة الوطنية للثقافة الأمازيغية في صنف المسرح، ستنعقد 3 مهرجانات خاصة، أولها انعقد بإيموزار كندر ويخص المسرح بلسان الأطلس، وآخرها سينعقد بالحسيمة أواخر هذا الشهر ويخص جهة الريف. بينما نحن في الدار البيضاء نتكفل بجهة الجنوب.

في هذه الدورة تمت الموافقة على مشاركة 4 فرق من طرف لجنة فرز عينها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، لتمنح بذلك لهذه الفرق فرصة التباري على الجائزة ـ صنف الجنوب. وبالمناسبة نتقدم بالشكر للمعهد على ثقته في فضاء “تافوكت” للإبداع وعلى إسناده تنظيم هذه الجائزة لمهرجان الدار البيضاء للمسرح الأمازيغي لهذه السنة، وهي جائزة برسم سنة 2021. 

  • هل حققت هذه الدورة من المهرجان أهدافها؟

** لا شك أن الهدف الأعلى لأي تظاهرة هو تحقيق النجاح. والنجاح لا يتأتى إلا بالعمل المتواصل لسنوات وشهور.. ونحن في فضاء “تافوكت” للإبداع، يمكننا القول إننا لم ندخر جهدا في توفير كل سبل النجاح لهذه الدورة كما الدورات التي سبقتها.. إلا أننا في هذه الدورة بالذات أحسسنا بأن النجاح حليفنا منذ أن أخبرنا بالرعاية الملكية السامية.. ثم إن النجاح يقاس أيضا بطبيعة البرمجة ونوعية العروض ومدى إقبال الجمهور على التظاهرة… كل ذلك أترك الإجابة عليه للمتتبعين والإعلاميين والنقاد..

 ولكن ىلابد من أن نؤكد بالمناسبة أن مدينة الدار البيضاء تحتاج إلى عروض ثقافية أخرى، ونتمنى أن ننفتح في دورة شتنبر 2023 على باقي مدن جهة الدار البيضاء سطات.

  • كيف ترون المسرح الأمازيغي بالمغرب، وضعيته وإشكالاته؟ هل تطور خصوصا بعد دسترة اللغة أم أنه لا يزال محتشما؟

** المسرح الأمازيغي كتجربة سواء في سوس أو الوسط أو الريف شهد قفزة نوعية في العقدين الأخيرين ببروز أسماء وفرق وتجارب متعددة، وهناك تطور مستمر للممارسة المسرحية الأمازيغية. وفي هذا الإطار ليس مطلوبا على الفنانين الممارسين للمسرح الأمازيغي أن يكونوا نسخا طبق الأصل لبعضهم البعض، فكل طرف يشارك بتجربته في المسرح الذي يقدمه والجمهور الذي يستهدفه وبالتالي هذه مسألة مهمة جدا.

لقد صارت الأعمال المسرحية الأمازيغية تشارك في المهرجانات والجولات باالمغرب وكذا في الجولات خارج البلاد التي تقدم للجالية المغربية. وصارت هذه الأعمال تشارك أيضا في مهرجانات وطنية كبرى وصارت تنافس حتى في المهرجان الوطني للمسرح الذي تنظمه وزارة الثقافة.

إن كانت هناك وضعية أو إشكالات تهم المسرح الأمازيغي، فهي في الأساس تهم المسرح المغربي عامة، حيث يحتاج إلى أجندة واضحة للموسم المسرحي، تاريخ البداية والنهاية، وتتويجا بالمهرجان الوطني للمسرح.

ويحتاج المسرح المغربي إلى دعم أكبر، حيث أن ما يمنح للفرق المسرحية غير كاف تماما، ففي المتوسط نجد في الفرقة التي تتكون ما بين 8 و10 أشخاص تعد المبالغ الممنوحة لها ضئيلة جدا، لا على مستوى الدعم الممنوح للفرق المسرحية ولا حتى على مستوى اقتناء القنوات الوطنية للأعمال المسرحية.

وعلى سبيل المثال، فسواء المسرحية أو الفيلم التلفزيوني كلاهما تتراوح مدته ما بين ساعة وساعة وربع، إلا أن الأفلام التلفزيونية تتجاوز أحيانا مليون درهم، في الوقت الذي لا تصل فيه بعض الفرق المسرحية إلى 200 ألف درهم فقط، على الرغم من أن الاشتغال على المسرح أصعب بكثير.     

 حاوره: عبد العزيز أكرام

Top