> إعداد: عبد العالي بركات
يعد المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء الذي تنعقد دورته الثانية والعشرون خلال الفترة الممتدة من الحادي عشر إلى الحادي والعشرين فبراير، أبرز تظاهرة ثقافية ببلادنا؛ بالنظر إلى الإشعاع الدولي الذي تحظى به، ويتجلى ذلك بالخصوص من خلال الحجم الكبير لدور النشر المشاركة والحضور الفاعل للأدباء والمفكرين القادمين من مختلف القارات.
بهذا الصدد نفرد حيزا لنخبة من مثقفينا ومبدعينا من أجل الحديث عن نظرتهم الخاصة لهذا الملتقى السنوي الكبير، ومقترحاتهم لتقوية الحركة الثقافية ببلادنا.
< ماذا يشكل بالنسبة إليك المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء؟
> المعرض الدولي للنشر والكتاب المقام سنويا بمدينة الدار البيضاء، فرصة سانحة للتعرف على ثمرات المطابع داخليا وخارجيا، كما يتيح فرص التعارف والتحاور مع سائر حملة الأقلام في مجالات مختلفة.
فهناك نوعية من الكتب يبحث عنها الراصد والمعرض يوفر أكثر من فرصة للوصول لهذه المراجع والإحالات، ويحفل المعرض بندوات هامة تحتضنها أروقة تحمل اسماء رموز مغربية شكلت حضورا وازنا
في المشهد الأدبي والثقافي ، بيد أن هذه الجلسات الفكرية والأدبية تتم وسط مرج الضجيج ويتتبعها عددقليل ، مما يجعلها أنشطة شكلية تأثيثية تدخل في نطاق البرمجة وليس إلا ، بل وحتى هذه اللقاءات تكاد
أن تكون محصورة في دائرة أسماء محددة ولا يتم دمقرطة البرنامج الثقافي حسب الحساسيات المختلفة.
< ما هو أحدث كتاب صدر لك، وما هي أبرز مضامينه؟
> من طبعي أنا جد متريث في النشر، المهم هو ماذا سوف تقدم للمتلقي باحترام ذائقته وذكائه، لأن غزارة النشر وتواتره لا تدل على الجديد والإضافة وقد يطفح الأمر في معظم الأحيان إلى الابتذال والإصرار على الحضور في الواجهات دون رصيد إبداعي خلاق يحدث الدهشة والمتعة والبصمة المائزة.
أراهن على المساهمة في تأصيل فن القصة القصيرة جدا وأسميها حسب سعة المشتق في لغة الضاد قصيصة، وآخر إصدار لي هو مجموعة: ” تفاحة يانعة وسكين صدئة”، وهي المجموعة الثانية في هذا المسار
بعد “ستة وستين كشيفة” التي تركت صدى طيبا ومعالجات نقدية لافتة، فقد بات القص القصير جدا مرتبطا بلحظة وإيقاع العصر الذي نعيش فيه وكأي فن أو جنس جديد يتراوح وجوده بين الرفض والقبول،
والتاريخ غربال يبقي ما تأصل وتجدر ويطرح ماهو عارض.
< ما رأيك في سياسة دعم الكتاب التي تنهجها وزارة الثقافة؟
> سياسة وزارة الثقافة المغربية لدعم الكتاب سياسة ناجعة وعلى درجة كبيرة من الأهمية وعلى الوزارة أن تضاعف هذا الدعم ليصبح الكتاب خبزا يوما للمواطن، لأن الرهان على الثقافة والمورد البشري الكفء
أمسى أمرا ضروريا، غير أن الكتب التي تدعمها الوزارة تبقى حبيسة الخزائن أو توزع في نطاق جد محدود، لأن من بين مشاكل صناعة الكتاب بالمغرب مشكلة توزيعه وإيصاله لكل نقطة بيع في البلاد، مع ما يرادف ذلك من دعاية وإشهار. فلماذا لا تتبنى وزارة الثقافة وهي الوصية على هذا القطاع الهام تقنين دقيقة دعاية لكل كتاب صدر في القنوات المغربية حتى يساهم الإعلام التلفزي في تسويق الكتاب بدل أن يقتصر على الدعايات المحض تجارية.
< ما هي ملاحظاتك على جائزة المغرب للكتاب؟
> جائزة المغرب للكتاب تكريس لتثمين الثقافة المغربية والاعتراف بجهود المبدعين في المجالات المختلفة غير أنها محتاجة لإعادة نظر وإضافة جوائز رديفة مثلا جائزة المغرب للأدب الموجه للأطفال واليافعين،
لأن هذه الفئة الهامة تبقى مغيبة في كثير من المجالات، كما أن حجب جائزة الشعر قرار غير مسؤول ويضرب في العمق جنسا إبداعيا في العمق، في حين أن الساحة المغربية غنية بقامات شعرية تستحق أكثر من جائزة،
فحجب الجائزة في تصوري مظلمة في حق المشهد الشعري بالمغرب.
< ما هي اقتراحاتك لتقوية الحركة الثقافية ببلادنا؟
> لا يمكن أن تتطور الحركة الثقافية بالمغرب إلا بالمأسسة والتعامل مع المشروع الثقافي باستراتيجة عميقة وبغلاف مالي محترم، فكفى من ثقافة البؤس والشظف، فالمناخ الثقافي السليم يقتضي العقلنة والبرمجة لا الاستناد إلى المزاجية والتصريف المجدود التوجه والإطار. فأكبر صراع تعيشه الشعوب في زمننا الراهن هو الصراع الثقافي على أشده، وما اقتصاد المعلومة إلا واجهة من الواجهات، فكيف نبني ونكرس ثقافة الحياة والجمال ضد العدمية والموت والمجانية، إن الثقاقة الحقة تصقل العقل وتطعمه بأمصال التجديد وتمثل النظر للمستقبل، فالشعوب السليمة هي التي تهضم تراث الماضي وتجعل له في حاضرها مستقبلا، مع الأخذ بكل أسباب الحياة المتطورة ومسايرة إيقاعها، الحركة الثقافية وواقع الحال تقتضي خارطة طريق، فكما تشيد السدود أو الطرق السيارة أو غيرها من المشاريع الكبرى، فالطرق السيارة للمعرفة والثقافة هي الأجدى، فلا يمكنك أن تصنع تنمية بعقول قاصرة، كما لا يمكنك أن تبني بأدوات فاسدة.