الإرهاب من جديد

أعلن عن اعتقال ثلاثة أشخاص ضمن خلية حملت هذه المرة اسم «سرية البتار»، وقد جرت عملية الاعتقال بعد أن استكملت مصالح «الديستي» عملها بهذا الخصوص.
وأمام شح المعطيات والتفاصيل المرتبطة بهذه العملية لحد الآن، فإن اللافت أن أحد الأشخاص الثلاثة يعتبر خبيرا في المعلوميات، ولم يكن من اليسير تحديد هويته، بحسب معلومات السلطات الرسمية، التي تفيد أيضا أن عناصر الخلية كانت تعتزم «وقف الجهاد الإلكتروني لنقله إلى الواقع»، كما أن الشخص الثاني من ضمن الموقوفين الثلاثة سبق أن اعتقل  في إطار قانون مكافحة الإرهاب عام 2006، وحكم عليه بالسجن، وأكمل محكوميته.
المعطيات المذكورة تؤكد لنا مرة أخرى أن الخلايا الإرهابية صارت تستقطب شبابا متعلمين، وخصوصا من ذوي الخبرات والمهارات في المعلوميات، كما أننا أمام حالة العود بالنسبة للموقوف الثاني، وكل هذا وغيره يقود إلى الإدراك بأن المغرب مازال مستهدفا من لدن الحركات والتنظيمات الإرهابية، وهو موجود ضمن أهدافها الإجرامية.
وإذا وضعنا الإعلان عن تفكيك هذه الخلية الجديدة ضمن سياق شهد مؤخرا تفجير مقهى أركانة، وورود المغرب في الخرجة الصوتية الأخيرة لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، فإن ذلك يعني أن بلادنا ليست في مأمن، وليست بعيدة تماما عن إجرام الجماعات المتطرفة، ما يقتضي مواصلة التعبئة واليقظة لمواجهة كل خطر قد يهدد أمن البلاد واستقرارها وطمأنينة أهلها.
من جهة ثانية، الإعلان عن تفكيك هذه الخلية أبرز نجاح المصالح الأمينة المغربية من جديد في إعمال سياسة استباقية، تحول دون أن يتمكن الإرهابيون من تحقيق أهدافهم، وبالتالي تحويل البلاد إلى حمام دم.
وبنفس القوة المبدئية في دعوتنا لضرورة تمكين الموقوفين من محاكمة عادلة، وإخبار الرأي العام الوطني بكل تفاصيل التحقيقات الأمنية بهذا الخصوص، فإننا أيضا ننبه إلى أهمية استمرار الانتباه إلى ما يتهدد بلادنا من مخاطر، إن اعتبارا لما يجري في بلدان مغاربية وعربية، أو اعتبارا للموقع الاستراتيجي لبلادنا، ولما هي بصدد بنائه من منجزات ديمقراطية.
إن المغرب اليوم يتميز بدينامية سياسية وإصلاحية تجري من دون إراقة دم، ومن المؤكد أن المخططات الإجرامية للتنظيمات الإرهابية، تسعى أيضا وأساسا لوقف هذه الدينامية، والحيلولة دون نجاح تجربة ديمقراطية مختلفة عن سواها في المحيط العربي والمغاربي، ومن ثم، فإن المسؤولية الوطنية تكمن اليوم في الإصرار على مواصلة مسلسل التغيير، والسعي لتمتين مقومات دولة القانون، وتأهيل الحياة السياسية والمؤسساتية، وتفعيل برامج التنمية والتحديث، وعدم التراجع عن الإصلاحات…
هذا هو جوابنا الجماعي عن التهديدات الإرهابية، وعن مخططات العصابات الظلامية المتطرفة.

Top