البرلمان المغربي يتوشح بالبرتقالي .. فمتى يطلق سراح قانون مناهضة العنف ضد النساء؟

انخرط البرلمان، بغرفتيه، في الحملة العالمية التي أطلقتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة العنف ضد النساء (25 نونبر)، حيث عمل على إضاءة واجهة مجلسيه باللون البرتقالي، وهو اللون الرسمي للحملة، وذلك منذ انطلاق الحملة في 25 نونبر المنصرم وإلى غاية 10 دجنبر الجاري.
وذكر البرلمان في بلاغ له، يوم الاثنين الماضي، أن انخراطه في هذه المبادرة يأتي اعتبارا للدلالات الرمزية القوية التي تكتسيها هذه الحملة العالمية في التحسيس والتعبئة وتظافر كل الجهود لمواجهة كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات، ووعيا بمخاطر ظاهرة العنف ضد النساء والفتيات وانعكاساتها السلبية على المجتمع. وتعبيرا منه عن انخراطه القوي في هذه الملة، بادر رئيس مجلس المستشارين، حكيم بنشماش، إلى ارتداء الرداء البرتقالي، كشعار للحملة، هو وضيوفه من مستشارين ومسؤولين، وذلك خلال استضافته من قبل القناة الأولى أول أمس الثلاثاء ضمن برنامج “ضيف الأول” الذي ينشطه محمد التيجيني. وأكد بنشماش خلال البرنامج أن ظاهرة العنف ضد المرأة والفتاة تكتسي أبعادا مجتمعية متشابكة وأنها تستدعي معركة مستمرة على واجهات متعددة لمواجهتها. ويبقى السؤال هو هل تكون هذه المبادرة مؤشرا جيدا على تعامل أفضل مع هذه الظاهرة من قبل ممثلي الأمة وذلك من خلال الإسراع بإطلاق سراح قانون مناهضة العنف ضد المرأة- بعد كثير من الجدل والتأخير- في صيغة تتجاوب مع مقتضيات الدستور ومع مطالب المجتمع المدني، وكذا مع المكانة التي تحتلها المرأة المغربية في جميع المجالات؟
ويذكر أن مشروع قانون 13-103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء مازال يقبع لدى مجلس المستشارين بعد أن أحاله عليه مجلس النواب الذي صادق عليه في يوليوز الماضي، علما أن المشروع في صيغته الحالية مازال موضع تجاذبات كبيرة بين ممثلي الأمة في البرلمان بمجلسيه، وكذا انتقادات من قبل العديد من منظمات المجتمع المدني.  
وتمثل الحملة البرتقالية التي سبق أن أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، تحت شعار “اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة”، مسعى متعدد السنوات يهدف إلى منع العنف ضد المرأة والفتاة في جميع أنحاء العالم.
وتوحد الأمم المتحدة، في إطار حملة “اتحدوا”، القوى مع الأفراد والمجتمع المدني والحكومات لوضع حد للعنف ضد المرأة بجميع أشكاله.
ويرمز اللون البرتقالي للحملة العالمية التي تم إطلاقها بمناسبة تخليد اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة (25 نونبر) تحت شعار “16 يوم من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي”، لمستقبل واعد، مشرق ينتظر النساء والفتيات، ومتفائل وبدون عنف.
وكانت وزيرة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي، قد أطلقت، يوم 25 نونبر الماضي، الحملة الرابعة عشرة لوقف العنف ضد النساء، تحت شعار “العنف ضد المرأة نذالة.. احترام المرأة “رجولة”. وقالت في كلمة بالمناسبة إن اختيار هذا الشعار يهدف إلى “إثارة الجدال والنقاش”، موضحة إنها تريد بهذه الحملة “أن نستفز مرتكب العنف ونضعه أمام معادلة تحتاج منه أن يرجح بين الانسياق مع هواه وغريزته في تفريغ شحنته السلبية بالاستقواء بدنيا على المرأة، واستحضار الرقابة الذاتية وقيم احترام الآخر”.
وأقرت الوزيرة، في كلمتها بالمناسبة،  أن “الاعتداءات الجسدية والجنسية ضد المرأة في الأاماكن العمومية في المغرب لا تزال تسجل نسبا مرتفعة مقارنة مع تلك الممارسة داخل بيت الزوجية أو في أماكن العمل”. وأشارت أن حالات العنف ضد النساء المسجلة لدى المصالح الأمنية في سنة 2014، بلغت  15865 حالة، منها 14408 حالات عنف جسدي، 53.7% منها في الأماكن العمومية، و1457 حالة عنف جنسي، 66.4% منها في الأماكن العمومية.
لكن الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان اعتبرت، في لقاء نظمته بالرباط مؤخرا بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، أن المغرب “لا يوفر حماية كاملة للمرأة ضد أنواع العنف المختلفة التي قد تتعرض لها”.
وفي اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، تظاهر عشرات من الحقوقيات والحقوقيين المغاربة أمام البرلمان للتنديد بظاهرة العنف ضد النساء مطالبين بالمزيد من “الحرية والعدالة والكرامة”.
ورفعوا شعارات مثل “تحية للنساء في كل مكان” و”النساء والرجال فالحقوق بحال بحال(سواسية)” و”يا نساء ويا رجال اتحدوا في النضال”.
وقالت سعاد براهمة الناشطة بالجمعية المغربية للنساء التقدميات “هناك أرقام صادمة في المجتمع المغربي تبرز تنامي العنف ضد النساء في الوقت الذي كنا ننتظر فيه تراجع هذه الظاهرة السلبية.”
وأضافت قائلة في تصريح لرويترز “المقصود كل أشكال العنف بما فيها الاقتصادي والثقافي والنفسي”.
وأرجعت براهمة أسباب تفشي الظاهرة إلى “غياب إرادة حقيقية من طرف الدولة ” قائلة إن “مجموعة من النصوص التي من المفروض أن تحمي النساء مثل مدونة الأسرة في العام 2004 فيها ثغرات كبيرة وبالتالي لا تشكل حماية حقيقية للمرأة ولا تمكنها من تحقيق عدالة نسائية”.
وكانت إحصائيات صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط سنة 2009 كشفت أن حوالي 63% من المغربيات، أي حوالي 6 ملايين امرأة، تتراوح أعمارهن ما بين 18 و64 سنة، تعرضن للعنف خلال السنة التي سبقت إجراء الدراسة، منهن 3.7 ملايين امرأة، أي ما يمثل 55%، عانين من العنف المنزلي خلال الفترة نفسها.
من جهتها، أكدت ممثلة الأمم المتحدة للمرأة في المكتب المتعدد البلدان للمنطقة المغاربية ليلى الرحيوي، على ضرورة التحام كل فئات المجتمع لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، لتعزيز التعايش بين مختلف الطبقات في أمن وسلام.
وشددت ا الرحيوي خلال لقاء صحفي نظمه مركز الأمم المتحدة للإعلام ومكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالمنطقة المغاربية، لإطلاق حملة “الستة عشر يوما من النشاط لمناهضة العنف القائم على الجنس لسنة 2016″، على ضرورة تكثيف العمل من أجل التصدي لكل أشكال العنف الممارس بحق النساء، وكذا وضع قوانين تحمي المعنفات منهن، ومواكبتهن ثم الضرب بيد من حديد على مرتكبي هذا العنف.
وأضافت أن تقرير الأمم المتحدة الأخير حول العنف الذي سجل أن كل امرأة من أصل ثلاثة ضحية عنف جسدي أو جنسي، يحمل بين طياته رسالة قوية من أجل التعبئة المستمرة لنبذ كل الممارسات التي من شأنها الاساءة للمرأة، والقضاء عليها في كافة أرجاء المعمور، مبرزة أن العمل في هذا السياق لا يقتصر على أيام الحملة وإنما يمتد على طول السنة. ويتضمن برنامج مكتب هيئة الأمم المتحدة في المنطقة المغاربية في إطار حملة “16 يوما من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الإجتماعي”، سلسلة من الأنشطة للتحفيز من أجل القضاء على العنف ضد النساء والفتيات، بهدف زيادة الوعي بهذه الظاهرة، وذلك بتنسيق مع كل من الوزارة الوصية، والمؤسسات الوطنية، وبشراكة مع المجتمع المدني ووسائل الإعلام، والقطاع الخاص.
وانضم كل من متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، والبرلمان وبرج اتصالات المغرب بالرباط إلى المعالم التي تضيء باللون البرتقالي عبر العالم، كتأكيد على التزام الشركاء الوطنيين ومواكبتهم لهذه الحملة.
ويعرف إعلان الأمم المتحدة حول القضاء على العنف ضد المرأة، هذه الظاهرة بـ”أي فعل عنيف ضد النساء يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء حدث ذلك في الفضاء العام أو الخاص”.
بيان24

Related posts

Top