الحق في البيئة .. الحق في الحياة

قالت نزهة الوفي، كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة إن وضع الحق في البيئة على رأس أولويات المخططات والبرامج التنموية يستمد مشروعيته من واقع أهمية الإشكالات البيئة المطروحة علينا وطنيا ودوليا، والتي تؤكدها المعطيات الكمية في مجال التدهور البيئي والتغير المناخي.
الوفي التي كانت تتحدث خلال استضافتها، مؤخرا، في رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان ضمن فعاليات الدورة 24 للمعرض الدولي للكتاب والنشر، وذلك في إطار ندوة تحت عنوان “الحق في البيئة”، أوضحت أنه في الوقت الذي أضحى عشرات الملايين والأشخاص عبر العالم مهددين في أمنهم الغذائي، ويتسارع انقراض عشرات الكائنات الحية، وفي وقت أضحت الإشكالات البيئية سببا أيضا في النزاعات والتهديدات الإرهابية عبر العالم، فإنه أصبح من المفروض تبني مقاربة تنموية، اجتماعية واقتصادية، تضع البعد البيئي على رأس أولوياتها لمواجهة الإشكالات المطروحة على باقي المستويات.
وعلى المستوى الوطني، أكدت الوفي أن نسبة 40 بالمائة من الساكنة القروية تشتغل في القطاع الفلاحي، وهذا ما يجعل من إشكالية التغير المناخي فاعلا أساسيا في أوضاعها من خلال تراجع المساحات المزروعة الذي ينتج عنه بالتالي تراجع ارتباط الساكنة بالأرض وإقبالها على الهجرة إلى المدن لمواجهة التهديدات التي تمس أمنها الغذائي وأمانها الاقتصادي.
واعتبرت كاتبة الدولة أن الحق في البيئة هو حق مؤسس له دستوريا ضمن مقتضيات دستور 2011. وتجسدت أهميته أيضا ضمن المجهود التعبوي الذي بذله المغرب وطنيا ودوليا في إطار دينامية مكافحة التغير المناخي، وهي التعبئة التي منحت المغرب ريادة مهمة في هذا السياق. كما أعطى جلاله الملك محمد السادس أهمية أساسية للبعد البيئي ضمن النموذج التنموي الجديد الذي تتبناه بلادنا، حيث تبرز من خلال البرامج والمخططات المختلفة التي تهم هذا الجانب في السياسة الحكومية، وعلى رأسها الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة التي تمت المصادقة عليها في أول مجلس وزاري على عهد الحكومة الحالية.
واستعرضت الوزيرة بنفس المناسبة مختلف البرامج والإنجازات التي تشرف عليها كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، سواء في مجال محاربة وتثمين النفايات، ومجال الصرف الصحي والتطهير السائل، والبرنامج الوطني لجودة الهواء، مشيرة إلى أن وزارتها تطمح إلى توحيد الجهود المبذولة بشراكة مع القطاعات الحكومية والجماعات المحلية وهيئات المجتمع المدني، في أفق إصدار تقارير وطنية سنوية حول الوضع البيئي وجودة الهواء، يكون لها أثر إيجابي في التخطيط والبرمجة على مختلف المستويات التنموية في القرى والمدن، بما يضمن العيش المستدام للساكنة وحماية الموارد.
اللقاء الذي سيرته آمال الإدريسي، رئيسة قسم التخطيط والشراكات في المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عرف أيضا مساهمة عدد من ممثلي المجتمع المدني، على رأسهم عبد الرحيم الكسيري عن الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة، والذي أكد في مداخلته على أهمية الحفاظ على البيئة في سياق احترام الحق في الحياة لجميع الكائنات الحية حولنا، مشيرا أن الأخطار التي تستهدف الأوساط الطبيعية تشكل تهديدا أيضا للبشرية التي تعيش وتستفيد من الموارد الطبيعية في تلك الأوساط. وخلص المتدخل إلى أن المقاربة البيئية في التنمية هي التي تعد الأسلم والأصلح لمستقبل الكوكب والإنسانية معا.
كما عرف اللقاء عرض عدد من التجارب البيئية لمجموعة من الشباب الفاعلين في المجتمع المدني، والذي أكدوا على أهمية وعي المواطن بدوره في حماية البيئة وتظافر جهود مختلف الأطراف المجتمعية في هذا الصدد.

سميرة الشناوي

Related posts

Top