غمرت مياه التساقطات المطرية العديد من شوارع مدينة الدار البيضاء، الأمر الذي أربك حركة السير والجولان على مستوى الشوارع الرئيسية للعاصمة الاقتصادية، كما أن الأحياء السكنية تحولت أزقتها إلى برك مائية، مخلفة خسائر مادية في الممتلكات العمومية والخاصة.
وشهدت منذ يوم الثلاثاء الماضي الدار البيضاء تساقطات غزيرة وذلك عقب نشرات إنذارية حمراء أصدرتها مديرية الأرصاد الجوية، غير أن المسؤولين على الشأن المحلي للبيضاويين لم يتعاملوا معها بجدية أكبر، من خلال رصد فرق خاصة بالتدخل أثناء الإنذار.
وعاينت جريدة بيان اليوم في تحركات لها على مستوى العديد من النقط بالعاصمة الاقتصادية للمغرب، غرق العديد من الشوارع في المياه التي لم تحتويها قنوات صرف مياه الأمطار، بفعل تدهور هذه البنية التحتية، بل وغيابها في العديد من الأحيان.
وحمل البيضاويون مسؤولية الوضع الكارثي الذي آلت إليه مدينتهم لمجلس المدينة، الذي حمل بدوره مسؤولية غرق البيضاء في المياه لشركة التدبير المفوض “ليدك”، وهو ما اعتبره العديد من النشطاء على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تنصلا من تحمل المسؤولية.
وفي الوقت الذي كان من المنتظر أن يتم التفاعل مع الأزمة بشكل مستعجل، لم يتفاعل المجلس مع هذا الوضع الكارثي، إلا أمس الجمعة من خلال عقده لاجتماع جاء في وقت متأخر، بالرغم من أن الوضع يستعدي التعاطي بشكل مستعجل مع نداءات الساكنة، التي أصبحت غاضبة من تدبير المدينة على مستوى مجموعة من النواحي.
ولا زالت حركة الترامواي تتوقف بين الفينة والأخرى، بفعل الأمطار الغزيرة واختناق المجاري المائية على مستوى الخطين 1 و2، حيث تتدخل فرق “ليدك” بعد العديد من الاتصالات من قبل المواطنين والسلطات المحلية والمسؤولين على شركة تراموي البيضاء.
ومن أجل تفادي هذه الفياضانات التي أغرقت الدار البيضاء، كشف “ليدك” عن تعبئة فرقها وتعزيز وسائلها الخاصة للتدخل الميداني للحد من تأثير التساقطات المطرية القوية التي تشهدها الدار البيضاء في الآونة الأخيرة.
وقالت الشركة في بلاغ صحفي لها توصلت بيان اليوم بنسخة منه، إنه “منذ التوصل بنشرة خاصة بأحوال الطقس من المديرية العامة للأرصاد الجوية تعلن فيها عن تساقطات مطرية قوية يوم الثلاثاء 05 يناير 2021 بمجموع المجال الترابي للدار البيضاء الكبرى، تعبأت ليدك وقامت بتعزيز فرقها وكذا وسائلها الخاصة بالتدخلات الميدانية”.
وللحد من تأثير هذه التساقطات المطرية القوية، يؤكد المصدر ذاته، عبأت ليدك 358 عونا ضمنهم أطر وعمال التدخلات المختصين في مجال التطهير السائل، و233 وحدة (17 شاحنة تطهير كبيرة، و19 شاحنة تطهير صغيرة، و58 مضخة، و132 عربة نقل كبيرة و صغيرة، و7 سيارات رباعية الدفع)، وذلك من أجل تأمين مختلف التدخلات على مستوى شبكة التطهير السائل.
***
المكتب الجهوي لجهة الدار البيضاء- سطات لحزب التقدم والاشتراكية يحمل مجلس المدينة مسؤولية الوضعية الكارثية لبنية تصريف المياه
تعرضت مدينة الدار البيضاء خلال الأيام القليلة الماضية لتساقطات مطرية مهمة عرت من جديد على هشاشة البنية التحتية للمدينة، وسجل المكتب الجهوي لحزب التقدم والاشتراكية بجهة الدار البيضاء سطات بقلق بالغ الوضعية الكارثية لبنية تصريف المياه التي لم تتحمل في كثير من مناطق المدينة غزارة المياه المتدفقة. وتسبب اختناق المجاري المائية في العديد من الشوارع الرئيسية والأحياء السكنية والمناطق الصناعية في خسائر مادية للسكان وعرقلة حركة سير وسائل النقل.
وفي الوقت الذي انتظر فيه طويلا البيضاويون والبيضاويات من مجلس المدينة المعني المباشر من حيث المسؤولية بتدبير هذا الملف ومعالجته بمقاربة استباقية تضمن حماية مرافق المدينة من تداعيات الأمطار وكذا توفير شروط سلاسة السير والجولان بطرقاتها، وحماية مساكن وممتلكات الساكنة المغلوبة على أمرها، فوجئ الجميع بغياب غير مبرر للمسؤولين مرة أخرى، وضعف وتأخر كبير في تدخل شركات التدبير المفوض بالعاصمة الاقتصادية رغم الأغلفة المالية الكبيرة المرصودة لهذه الغاية.
إن الأوضاع المزرية التي تعاني منها البنية التحية لتصريف المياه بمدينة الدار البيضاء تسائل بقوة كل الجهات المعنية بتدبير العاصمة الاقتصادية للبلاد.
وحزب التقدم والاشتراكية بالجهة، وأمام ما يسجله من معاناة كبيرة ومستمرة للمواطنات والمواطنين بسبب ذلك، وأمام التداعيات السلبية على السير العادي للحياة اليومية والانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية السلبية التي تمس فئات مهمة من ساكنة الدار البيضاء، وإذ يعبر عن تضامنه المطلق وغير المشروط مع كل المتضررات والمتضررين من فئات شعبنا بسبب هذه الأوضاع، فإنه يدق ناقوس الإنذار مرة أخرى، ويحمل المسؤولية لكل الأطراف المعنية بالملف قصد تحمل مسؤوليتها كاملة والعمل على اتخاذ تدابير استعجالية لمواجهة هذه الوضعية الكارثية، والخروج للتواصل مع المواطنات والمواطنين ونهج سياسة قرب حقيقية مع مشاكلهم ومعاناتهم، واعتماد برنامج ناجع ومستعجل يروم تأهيل بنية تصريف المياه بالمدينة والحل النهائي لمشكلة اختناقها التي تؤرق الجميع كلما تهاطلت أمطار الخير على بلادنا. إضافة إلى أن هذه الأوضاع الكارثية تفتح النقاش من جديد حول جدوى التدبير المفوض وصيغه وأشكاله، والبحث في سبل ضمان النجاعة، والرفع من منسوب الشفافية المالية، وضمان حماية المال العام وتحسين جودة الحكامة.
كما يعتبر حزب التقدم والاشتراكية بجهة الدار البيضاء- سطات بأن مدينة بحجم الدار البيضاء وبالنظر لأهميتها ومكانتها الاقتصادية ضمن النسيج الاقتصادي الوطني لا يمكن أن تستمر في هذه الوضعية، ما يجعل هذا الملف ذا طابع استعجالي يتطلب الأولوية المطلقة وإيجاد الصيغ القانونية لإدراجه ضمن محاور برنامج التنمية الجهوية والتصميم الجهوي لإعداد التراب في أقرب فرصة ممكنة.
< يوسف الخيدر < تصوير: أحمد عقيل مكاو