الدبلوماسية البرلمانية .. ترافع متواصل عن قضية الصحراء المغربية

فرضت التطورات الحاصلة في العلاقات الدولية، والمحيط الجيو-سياسي، ضرورة بروز أطراف جديدة في الدبلوماسية الخارجية للدول، من بينها الدبلوماسية الموازية للبرلمان، وفي هذا الصدد نستحضر النموذج المغربي، ذلك، أن مؤسسة البرلمان (مجلس النواب، ومجلس المستشارين) انخرطت بشكل ملفت، من أجل خدمة مصالح البلاد في الخارج، لاسيما الدفاع والترافع والتعريف بملف الصحراء المغربية.

وشهدت الدبلوماسية البرلمانية نشاطا خاصا، مع تولي جلالة الملك محمد السادس مقاليد الحكم خلفا لوالده الملك الراحل الحسن الثاني، حيث أصبح التحرك الدبلوماسي البرلماني يوازي الدبلوماسية الحكومية التي تشتغل في نطاق استراتيجي بإشراف ملكي مباشر.

ومكنت هذه الخطوة من استثمار البرلمانيين في الغرفتين معا كل مؤهلاتهم في بناء علاقات صداقة فاعلة، استنادا إلى تبادل روابط الثقة، وتحقيق الانتشار الفعال، واختراق الفضاءات العربية، والمتوسطية، والأوروبية، والأمريكية الشمالية والجنوبية، والآسيوية.

وأكد جلالة الملك محمد السادس في خطابه للبرلمان، بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الرابعة 2005-2006 “ضرورة تنشيط العمل البرلماني على جميع مستوياته: تشريعيا، إصلاحيا، ومراقبة مسؤولة، وتأطيرا ميدانيا، ودبلوماسية موازية مقدامة، تستهدف جعل التطور الديمقراطي في خدمة الدفاع عن مغربية الصحراء”.

وأسند الدستور المغربي لسنة 2011، اختصاصات متقدمة وهامة للمؤسسة التشريعية في مجال العلاقات الدولية، وهو ما يؤكده الفصل 68، الذي يشير إلى عقد جلسات مشتركة بين مجلس النواب والمستشارين للاستماع إلى خطب رؤساء الدول والحكومات الأجنبية.

ويضمن الفصل 10 من الدستور أيضا، للمعارضة البرلمانية مكانة تخولها حقوقا، من شأنها تمكينها من النهوض بمهامها، على الوجه الأكمل، في العمل البرلماني والحياة السياسية، والتي من بينها “المساهمة الفعالة في الدبلوماسية البرلمانية، للدفاع عن القضايا العادلة للوطن ومصالحه الحيوية”.

إلى جانب ذلك، خول الفصل 55 من الدستور للبرلمان، المصادقة على معاهدات السلم أو الاتحاد، أو التي تهم رسم الحدود، ومعاهدات التجارة، أو تلك التي تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة، أو يستلزم تطبيقها اتخاذ تدابير تشريعية، أو تتعلق بحقوق وحريات المواطنات والمواطنين العامة أو الخاصة.

وبموجب دستور 2011، فإن صلاحيات البرلمان أصبحت واسعة في مجال السياسة الخارجية التي يؤطر فلسفتها جلالة الملك محمد السادس، من خلال توجهات تحمي مصالح البلاد، خصوصا الوحدة الترابية للمغرب، والدفاع عن ملف الصحراء.

ومن هنا، فإن الدبلوماسية البرلمانية، تبدل مجهودات متواصلة إلى جانب وزارة الخارجية المغربية، لكسب التأييد الإيجابي لمصالح البلاد في الخارج، التي لا تميز بين فرق المعارضة أو الأغلبية، لأن القضايا الوطنية تستدعي توحيد الصفوف لمواجهة كل المناورات التي يقودها خصوم المغرب في المؤسسات التمثيلية في العالم.

وهكذا، فإن البرلمان المغربي ليس فضاء للتشريع والرقابة والمساءلة فقط، ولا يمكن للصور والفيديوهات التي يتم تقاسمها في وسائل التواصل الاجتماعي، توثق لمشاهد الشد والجذب السياسي أن تلخص وتقزم دور هذه المؤسسة في الجلسات العلنية التي تشهد سجالات بين الأغلبية الحكومية والفرق والمجموعات النيابية، بل بات قوة تشتغل ضمن الآلة الدبلوماسية في الخارج.

وتمكن البرلمان المغربي بمجلسيه، عبر عدة سنوات، من بناء شبكة واسعة من العلاقات، والمصالح المتبادلة مع مختلف شعوب دول العالم، معلنا مع كل مرة عن زيارة أو استقبال وفود أجنبية، تدعم المسار السياسي والديمقراطي للبلاد، وتؤيد مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية.

وبات البرلمانيون المغاربة يشاركون في العديد من المنتديات والمؤتمرات الدولية المنظمة من قبل مؤسسات تشريعية أخرى، باعتبارها الممثل الشرعي للشعوب. ومن القضايا التي تهتم بها الدبلوماسية البرلمانية المغربية، نجد مواضيع حقوق الإنسان، والبيئة، والاقتصاد، والديمقراطية، والهجرة، والجريمة المنظمة، والإرهاب، والأمن..

لجن الصداقات البرلمانية

خلق البرلمان المغربي، مجموعة من لجن الصداقات البرلمانية العديدة مع دول القارات الخمس، ساهمت بشكل كبير في التعريف خصوصا بقضية الوحدة الترابية للمغرب، والحاجة إلى دعم المقترح الجدي للمملكة، المتمثل في الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، لأنه أحد الخطوات الرزينة والعقلانية، الكفيلة بتجنيب المنطقة هزات أمنية، تكون لها عواقبا وخيمة على إفريقيا وأوروبا والعالم العربي، على اعتبار المحيط الإقليمي يعرف انتشارا خطيرا لظاهرة التطرف والإرهاب في دول الساحل والصحراء، ونشاط قادة البوليساريو في هذه التنظيمات الجهادية أصبح متقدما جدا، يجب الحذر منه.

وكان للبرلمانيين المغاربة دورا كبيرا في اعتراض الكثير من القرارات التي لم تكن في صالح الوحدة الترابية بالبرلمان الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، والعربي.. وهو ما يضيق الخناق على عناصر جبهة البوليساريو، وداعميها، الذين يحشدون الدعم للتصويت على قرارات لا تخدم مصالح المغرب.

وتفاجأ أعداء المغرب في السنوات الأخيرة، من حجم التفاعل والحضور الوازن للبرلمان المغربي، الذي لا يتردد في الاستجابة لمختلف الدعوات لتمثيل البلاد في اللقاءات الدولية التي تشكل فرصة للتعريف بقضية الصحراء، وتقديم الصورة الحقيقية عن الوضع في المنطقة التي يستتب فيها الأمن، وتواصل بها أوراش التنمية لفائدة الساكنة، في الوقت الذي يتم فيه احتجاز عائلات صحراوية مغربية بمخيمات تندوف على الأراضي الجزائرية، في أوضاع إنسانية يرثى لها، وفق العديد من تقارير منظمات حقوق الإنسان.

وأربكت هذه الدينامية حسابات الأعداء، نظرا لإعادة بناء علاقات قوية، لاسيما في قارة أمريكا الجنوبية، والإفريقية، بفضل مبادرات جلالة الملك الشخصية -وهو ما أصبح يصطلح عليه بالدبلوماسية الملكية في الأدبيات المغربية-، إلى جانب تكامل جهود الدبلوماسية الحكومية والبرلمانية، فضلا عن دبلوماسية الأحزاب السياسية.

واستطاع البرلمان المغربي عن طريق تشكيل مجموعات الأخوة والصداقة البرلمانية، وبناء شعب برلمانية وطنية، تسجيل حضوره بالتجاوب والتفاعل والمواكبة، من خلال التواصل المستمر والدائم إلى اليوم، باستقبال وفود برلمانية للدول، أو الذهاب لزيارتها، حاملين حزمة من الأفكار والتصورات والمشاريع والمقترحات، قوامها تبادل المصالح وبناء علاقات متينة وفق الشرعية والقانون الدولي والمبادئ والقيم والمواثيق الإنسانية والأخلاقية المشتركة، والتي راكم فيها المغرب تجربة مهمة.

وتشير الوثائق التاريخية أن أول اتفاقية صداقة تم توقيعها في 2 يوليوز 1998 مع دولة إسبانيا من أجل الصداقة والتعاون بين مجلس النواب المغربي ونظيره الإسباني، أعقبتها اتفاقيات أخرى مع توالي الولايات التشريعية.

ومن بين الشعب الوطنية الدائمة التي ينشط فيها البرلمان المغربي بشكل دوري نجد؛ الاتحاد البرلماني الدولي، والاتحاد البرلماني العربي، والاتحاد البرلماني الإفريقي، والبرلمان الإفريقي، والبرلمان العربي، ومجلس الشورى المغاربي، والجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، واتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، واللجنة البرلمانية المشتركة بين البرلمان المغربي والبرلمان الأوروبي، والجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال الأطلسي، وبرلمان أمريكا الوسطى، والفرع البرلماني للجمعية الدولية للبرلمانيين من أجل السلام، والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، والجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا، وبرلمان أمريكا اللاتينية والكراييب، وبرلمان الأنديز.

وتعد الشعب الوطنية بمثابة الآلية المؤسساتية التي يعتمدها مجلس النواب في مختلف أنظمة المنظمات البرلمانية، حيث يقوم المجلس في مستهل كل ولاية تشريعية بتشكيل شعب وطنية لتمثيله لدى المنظمات البرلمانية الدولية والإقليمية التي هو عضو فيها، ويتم انتداب أعضائها على أساس التمثيل السياسي للفرق والمجموعات النيابية، طبقا لمقتضيات المادة 298 من النظام الداخلي لمجلس النواب ذات الصلة.

ويشهد تاريخ عدد مهم من الهيئات البرلمانية الدولية على تأسيس البرلمان المغربي لها، بل تمكن من رئاستها وقيادة البعض منها، من قبيل ترأس مجلس نواب الاتحاد البرلماني الدولي (2011-2014)، ورئاسة جمعية الاتحاد من أجل المتوسط، والجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، والاتحاد البرلماني الإفريقي، والاتحاد البرلماني لمنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد البرلماني العربي.

وتولى المغرب رسميا، في شهر أبريل 2022، بستراسبورغ، رئاسة الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، وذلك في شخص رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي.

وجرى التسليم الرسمي لرئاسة هذه الهيئة إلى المغرب خلال اجتماع وفد البحر الأبيض المتوسط الذي ترأسته روبرتا ميتسولا، رئيسة البرلمان الأوروبي، وذلك بحضور نائبة الرئيسة، بينا باسييرنو، وعدد من المسؤولين البرلمانيين الأوروبيين.

نسف أطروحة البوليساريو

يعرف البرلمان المغربي تقدما واضحا في المجال الدبلوماسي، حيث يشارك في عدد كبير من المؤتمرات العامة، والمنتديات المتخصصة، واجتماعات اللجن التنفيذية، واللجن المتفرعة عن هذه المنظمات.

ونجح انطلاقا من مجموعات الصداقة أن يكسب ثقة العديد من برلمانيي المؤسسات التشريعية بدول أجنبية، ناهيك عن ربط علاقات بينشخصية، تساهم في إقناعهم بالطرح المغربي، خصوصا في ملف قضية الصحراء المغربية.

وتشتغل الدبلوماسية البرلمانية بصرامة على هذا المستوى، لأنه لا مجال للخطأ والتهاون في المصالح العليا للبلاد، من ثم فإن التنقل نحو الدول الأجنبية ليس “للتنزه” أو “السياحة”، ولكن لخدمة الملفات الوطنية عن طريق تبادل التجارب والخبرات والوثائق وتنسيق المواقف في المنتديات الدولية والإقليمية.

ونجد العديد من المواقف الوطنية التي كانت فيها جرأة في الدفاع عن المغرب من قبل برلمانيين انتفضوا رفضا لحضور ما يسمون أنفسهم بممثلي جبهة البوليساريو الانفصالية (بالبرلمان الأوروبي، والإفريقي)، ونسف مشاريعهم الوهمية أثناء عملية التصويت والمصادقة، ومثل هكذا مواقف تقوي الحس الوطني النزيه والمسؤول، تجاه مصلحة البلاد في الخارج.

ومع توالي الدورات التشريعية، بدأت الأجيال البرلمانية تدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها على المستوى الدبلوماسي، خصوصا في الدفاع عن المصالح الكبرى للمغرب، وفي مقدمتها الوحدة الترابية، وما تستدعيه من تعريف بما يربط المملكة بأقاليمها الجنوبية، وحقوقها التاريخية الثابتة، وما تقدمه من مقترحات وحلول موضوعية، فضلا عما تم إنجازه من أوراش مهمة على أرض الواقع حتى الآن.

ويوفر البرلمان المغربي لنوابه كل الوسائل والوثائق للترافع عن توجه البلاد وانخراطها في قضايا السلم والديمقراطية والأمن واستقرار البلدان والشعوب ووحدة أراضيها، إلى جانب إبراز التجربة المغربية في التحولات السياسية والإصلاحات الدستورية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية واللغوية في الزمن المعاصر، وما تحقق على مستوى الديمقراطية والتحول داخل الدولة والمجتمع.

وقام مجلس النواب خلال الولايات التشريعية السابقة بتوقيع العديد من اتفاقيات الشراكة والتعاون ومذكرات تفاهم في إطار ثنائي مع بعض البرلمانات من أجل تطوير علاقات الصداقة والشراكة، إلى جانب تطوير مشاريع التعاون في إطار متعدد الأطراف مع بعض المنظمات الدولية، حيث تبقى هذه الاتفاقيات سارية المفعول لأن العمل الدبلوماسي لا تاريخ محدد لنهايته، بمعنى أن البرلمانيين يتغيرون في الانتخابات، بيد أن المصالح العليا للبلاد تبقى ثابتة وتتعاقب “البروفايلات” فقط للدفاع عنها.

ويظل تحقيق إشعاع طرح المغرب بشأن ملف الصحراء المغربية من أهم التحديات المطروحة على البرلمان المغربي في هذه الدورة التشريعية 2021-2026، باعتبار الدبلوماسية البرلمانية موازية للعمل الاستراتيجي الخارجي للمغرب، ذلك أنها تشكل مجموعة ضغط على باقي الأصدقاء البرلمانيين الذين لهم صوت داخل دواليب حكومات دولهم.

وشرع البرلمان المغربي منذ دورته الأولى 2021-2022، بتنشيط علاقاته الخارجية، استنادا إلى التحرك المكثف كل أسبوع، من قبل رئاسة مجلسي النواب والمستشارين، وكذا النواب البرلمانيين عن الأغلبية والمعارضة.

وفي سياق متصل، هناك ضغوطات بحس وطني على هذه المؤسسة، بهدف المزيد من العمل مع بعض الدول التي كانت تؤيد الطرح الانفصالي في السابق، لذلك يجب توطيد العلاقات بين برلمانات أمريكا اللاتينية، بعدما تم تأسيس المنتدى البرلماني الإفريقي الأمريكي اللاتيني “أفرولاك” في سنة 2019، حيث تسمح مثل هذه الفضاءات المؤسساتية للحوار، من شرح موقف المملكة بشأن قضية الصحراء المغربية.

ويجب تحقيق مزيد من التوغل في منتدى الفوبريل (منتدى رؤساء برلمانات أمريكا الوسطى والكاريبي والمكسيك) الذي يعتبر البرلمان المغربي عضوا ملاحظا دائما فيه منذ سنة 2014، والذي يضم رؤساء دول؛ غواتيمالا، وبيليز، والسلفادور، والهندوراس، ونيكاراغوا، وكوستاريكا، وبنما، وجمهورية الدومينكان، والمكسيك، وبورتوريكو.

ويتطلب إقناع هذه الدول بالطرح المغربي الحضور القوي والوازن للمزيد من التعريف بالقضية الوطنية، التي هيمنت عليها الدعاية الانفصالية لعدة سنوات، قبل الوعي المغربي بهذه الهفوة في الدبلوماسية الخارجية للبلاد.

ولتحقيق انتصارات في الدبلوماسية البرلمانية، يحتاج البرلمان المغربي إلى برلمانيين بتكوينات رصينة في التواصل والدعاية والتأطير والشرح، علاوة على هضم وفهم تاريخ ملف قضية الصحراء المغربية، من أجل الترافع الصحيح بحجج منطقية تفند ادعاءات الخصوم، الذين لم يصبحوا مرتاحين لحجم الضغط الدبلوماسي الذي تمارسه المملكة في مختلف دول العالم.

وتوجد العديد من الأمثلة حول إفشال البرلمان المغربي لمناورات ومخططات المس بالوحدة الترابية، من بينها، محاولة إدراج بعض النصوص والقرارات بالبرلمان الإفريقي بجوهانسبورغ خلال ماي 2018، حيث نجح أعضاء الوفد البرلماني المغربي من إفشال محاولات البوليساريو تمرير مشروع سبق لبرلمان عموم إفريقيا أن أقر عدم قابليته للإدراج سنة 2017.

وفي مثال آخر، سبق للنائبة البرلمانية المغربية، والعضو بالبرلمان الإفريقي، مريم وحساة، أن دخلت في حرب شديدة ضد خصوم المغرب، أثناء عملية انتخاب رئيس جديد للهيئة التشريعية للاتحاد الإفريقي في يونيو 2021، بعدما كانت الجزائر وزيمبابوي والبوليساريو تحاول تزوير نتائج الاقتراع.

وتشكل مثل هذه التدخلات الوطنية، مصدر اعتزاز لدى الرأي العام المغربي، الذي يتابع كل صغيرة وكبيرة عن بلاده في الخارج، وهو ما يصحح النظرة الخاطئة عن مؤسسة البرلمان لدى الكثير من المتتبعين للشأن السياسي الوطني بالمغرب.

جدير بالذكر، أن مجلس النواب قدم مؤخرا أبرز خلاصات النشاط الدبلوماسي المتعدد الأطراف برسم السنة الأولى من الولاية التشريعية 2021-2026، والذي يفصل جميع الأنشطة التي تم الحضور إليها نم قبل البرلمانيين المغاربة.

*****

لحسن حداد رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي

نتعامل مع شركائنا باستمرار ونتصدى لكل محاولات أعداء المغرب في حينه

قال لحسن حداد رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، إن البرلمان المغربي يناقش مجموعة من الملفات المشتركة مع نظيره الأوروبي، التي تدخل ضمن التوجه الثنائي لتحقيق الازدهار والنمو بالمنطقة.

وأكد لحسن حداد (المستشار البرلماني عن فريق الاستقلال)، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن البرلمانيين المغاربة يحيطون الأوروبيين بمختلف المجهودات التي تقوم بها البلاد في تنمية الأقاليم الجنوبية للمغرب.

وأوضح حداد أن اللجنة التي يترأسها تعمل على التعريف بملف الصحراء المغربية المطروح أمام الأمم المتحدة، من مختلف جوانبه السياسية، والتي تدافع أيضا، عن مشروعية القضية الوطنية، انطلاقا من المجهودات التي يبدلها المغرب على أرض الواقع.

وشدد رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، أنه يتم التعامل مع الشركاء الأوروبيين بشكل دائم، إذ في حال وجود محاولة من قبل أعداء المغرب، يتم التصدي لمناوراتهم في حينه، سواء عن طريق التواصل، أو التصويت، أو إدخال بعض التغييرات على المقترحات التي تكون مناوئة للمغرب.

وذكر المتحدث ذاته، أن الدبلوماسية البرلمانية تشتغل بالموازاة مع الدبلوماسية الرسمية حول القضايا التي تتعلق بالاتفاقيات المشتركة، من قبيل اتفاقية الصيد البحري، أو الفلاحة، التي من الضروري والأساسي أن تشمل الأقاليم الجنوبية للمغرب.

ويرى لحسن حداد، أنه أصبح للبرلمان الأوروبي صلاحيات متقدمة بعد معاهدة لشبونة خلال سنة 2007، والأمر نفسه يهم البرلمان المغربي، الذي أعطيت له صلاحيات واسعة في الدستور المغربي لـ 2011.

وسجل حداد أنه على ضوء هذه الصلاحيات المتزايدة للبرلمان، يتم العمل على تقريب وجهات النظر، والعمل على القضايا الثنائية الأساسية والمهمة بين البرلمانيين.

وأشار إلى أن البرلمان في تغير مستمر، نظرا للانتخابات الدورية أو غيرها، ومن ثم “فإنه من اللازم أن يكون هناك عمل من أجل التكوين والتأطير المستمر للبرلمانيين من قبل مؤسسة البرلمان”، على حد تعبير لحسن حداد.

وشدد حداد على ضرورة أن تكون لإدارة البرلمان المغربي ذاكرة دبلوماسية، بشأن جميع المواضيع، لضمان استمرارية العمل رغم تغير البرلمانيين.

وذكر رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وجود محاولات وتطورات مهمة جدا، على مستوى العمل الدبلوماسي البرلماني، “ولكن ما زلنا في حاجة إلى الاشتغال أكثر على مستوى “بروفايلات” البرلمانيين بهدف التأطير والتواجد والحضور أكثر”.

وأشار لحسن حداد أن “البرلمانيين في حاجة إلى التمكن من اللغات، لأنه لا يمكن ممارسة الدبلوماسية البرلمانية من غير إتقان اللغة الإنجليزية والإسبانية والألمانية والهولندية والإيطالية وغير ذلك، وأنا أتحدث عن البرلمان الأوروبي، وقس على ذلك باقي البرلمانات”.

وشدد حداد أنه إلى جانب التمكن من اللغات، يجب أن تكون لدى البرلماني قدرات في التواصل من أجل الاشتغال. ونبه في الأخير، إلى أن البرلمان يجب أن يضع خبراء رهن إشارة البرلمانيين، لمساعدتهم على النقاش والتداول مع نظرائهم واتخاذ القرارات المناسبة لصالح البلاد.

****

رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب

البرلمان المغربي على تواصل مع جميع برلمانات العالم ونثمن مبادرة مجلس النواب ووزارة الخارجية لتكوين البرلمانيين والبرلمانيات

قال رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، “إن الأنشطة الدبلوماسية الموازية للبرلمان، كانت شبه متوقفة، ما عدا بعض اللقاءات القليلة جدا، والتي كانت تتم عن بعد، نظرا للقيود التي فرضتها جائحة كورونا”.

وأكد رشيد حموني في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن “الدبلوماسية البرلمانية لا يمكن أن تكون عن بعد، لأنها تبقى مجرد لقاءات رسمية، على عكس التواصل المباشر الذي يكون أكثر فعالية، ويسمح للبرلماني بأن يكون حاضرا بقوة فيه”. 

وكشف حموني أن “البرلمان المغربي يتواصل مع جميع برلمانات العالم، حيث كل فريق برلماني يتوفر على علاقات تتقاسم معه نفس المرجعية الفكرية، والتي تلعب دورا مهما في العلاقات الشخصية أكثر مما هو رسمي، مقدما نموذج فريق التقدم والاشتراكية الذي له صلة وطيدة مع الأحزاب الاشتراكية في العالم”.

وذكر رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أن “النشاط البرلماني داخل المغرب وخارجه عاد حوالي ثلاثة أسابيع، لأن فيروس كوفيد 19 حال دون استقبال الوفود الأجنبية، وأدى إلى توقف عمل اللجن البرلمانية التي تساهم في الصداقات بين الدول”.

وأشار المتحدث ذاته، إلى أن لجن الصداقة البرلمانية لم تهيكل بعد، خلال هذه الولاية التشريعية، ذلك، “أن الفرق النيابية قدمت أسماء نوابها للتمثيلية في اللجن والشعب البرلمانية”، مردفا أن اللجن البرلمانية التي يصل عددها إلى 148 توصلت بمراسلات من قبل بعض البرلمانات الدولية من أجل إعادة تفعيل علاقات الصداقة، نظرا للدور الذي تقوم به في ربط التواصل الدائم بين البلدان.

وبحسب رشيد حموني، “ستتم في الأسبوع المقبل هيكلة اللجن البرلمانية، حتى تستأنف أنشطتها، والسيد رئيس مجلس النواب، عبر عن دعمه لهذه اللجن حتى تفعل بالشكل اللازم، استنادا إلى منحها كافة الإمكانيات المالية والبشرية، وتتمكن من اختراق برلمانات بعض الدول، خصوصا التي مازال لديها موقف من قضيتنا الوطنية، التي تعتبر من أولويات الدبلوماسية البرلمانية الموازية”.

وجوابا عن سؤال التكوين الدبلوماسي للبرلمانيين، قال حموني إن “السيد رئيس مجلس النواب قام بخطوة مهمة، تتمثل في توقيع شراكة مع وزارة الخارجية المغربية، والتي لم تكن في السابق، بهدف توفير دورات تكوينية وتدريبية لفائدة النواب والنائبات الذين يوجدون في شعبة معينة، أو في لجن صداقة في دولة معينة”.

وشدد رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، على ضرورة تمكن البرلمانيين من اللغات، من أجل التعبير وشرح مواقف المغرب لدى الشركاء الأجانب، “لأنه عندما يذهب وفد فاللغة التي يتحدث بها مع دولة أوروبية، ليست هي اللغة التي سيتحدث بها مع دولة عربية، لهذا فالبرلماني القادم من دائرة محلية لا يمكن أن يكون ملما بتفاصيل خصوصية جميع الدول، لها فخطوة التكوين المشترك بين البرلمان والخارجية المغربية يعتبر شيئا أساسيا ومهما”.

وتحدث رشيد حموني، عن دور الفرق البرلمانية في ترشيح نواب ونائبات برلمانيين، مؤهلين لممارسة العمل الدبلوماسي، “لأن رئيس مجلس النواب أو المكتب لا يمكن أن يتدخل في هذا الأمر، على اعتبار صفة نائب برلماني لن تسحب من أي أحد”.

ولهذه الاعتبارات، دعا حموني الأحزاب السياسية إلى “تزكية بروفايلات متمكنة في مجال اختصاصها للبرلمان المغربي، مشيرا إلى أن الفرق البرلمانية تتوفر على برلمانيين بمؤهلات متفاوتة، فهناك بعض البرلمانيين من يتقنون اللغات، ولكن تغيب عنهم التفاصيل السياسية، كما أن البعض ليست لديهم إحاطة كبيرة بتفاصيل القضية الوطنية، أو أن المتمكن من الملف باللغة العربية يصعب عليه استثمار هذه المعطيات بلغات أجنبية، لهذا، يبقى التكوين جد مهم على هذا المستوى ونثمن هذه الخطوة”.

******

3 أسئلة

يونس بنان رئيس معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية بالمغرب

يجب توفير تكوينات للبرلمانيين في المجال الدبلوماسي وقضية الصحراء ليكونوا أكثر إقناعا

اعتبر يونس بنان رئيس معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية بالمغرب، أن الدبلوماسية البرلمانية تحتاج إلى شخصيات مكونة جيدا في المجال الجيو-استراتيجي، وتكون ملمة بالعلاقات والحدود الدولية، مشددا على الحنكة الدبلوماسية بالدرجة الأولى.

ودعا يونس بنان في حوار مع جريدة بيان اليوم، إلى التفكير من الآن في توفير تكوينات على مستوى الفرق البرلمانية في المجال الدبلوماسي، وقضية الصحراء المغربية، من أجل التواصل البناء والتفاوض الصلب، لأنه لا يمكن لأحد أن يدافع عن ملف وهو لا يتوفر على جميع خيوطه وتفاصيله. وفيما يلي نص الحوار:

1- ما هو تقييمكم للدور الذي تلعبه الدبلوماسية البرلمانية في خدمة ملف الصحراء المغربية؟ وهل هناك بعض المعايير التي يجب أن تتوفر في البرلماني الدبلوماسي حتى يكون أكثر فعالية كشرط اللغة للتواصل مثلا؟

بداية، لا بد من أن أسجل ملاحظة، تهم الدبلوماسية التي كان سيمارسها مغاربة العالم وهم بداخل البرلمان المغربي، لكن للأسف لم يتم تخصيص دوائر لهم في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لأن القوانين التنظيمية لا تسمح بذلك، بالرغم من أن الدستور يخول لهم صلاحية التمثيل في البرلمان.

لهذا، يجب إعادة النظر في النصوص وتحيينها، بحيث يكون لدينا ممثلين لمغاربة العالم في البرلمان. صحيح أنه يوجد بعض البرلمانيين لكن ترشحوا في دوائر محلية على المستوى الوطني.

ولو كانت لدينا كوطا لمغاربة العالم في البرلمان، كانوا سيكونون خير دبلوماسيين في أمريكا، وأوروبا، وآسيا، وإفريقيا.. لقضايا المغرب في الخارج، وكنا لنسائلهم عما قدموه للدبلوماسية المغربية.

وعودة إلى سؤالك، إن الدبلوماسية البرلمانية تحتاج إلى شخصيات مكونة جيدا في المجال الجيو-استراتيجي، وتكون ملمة بالعلاقات والحدود الدولية، أما مسألة اللغة فلم تعد عائقا اليوم، نظرا لوجود وسائل الترجمة، أي أن الحنكة الدبلوماسية هي الأهم بالدرجة الأولى.

وأعتقد، أنه من الآن يجب التفكير في توفير تكوينات على مستوى الفرق البرلمانية في المجال الدبلوماسي، وقضية الصحراء المغربية، من أجل التواصل البناء والتفاوض الصلب، لأنه لا يمكن لأحد أن يدافع عن ملف وهو لا يتوفر على جميع خيوطه وتفاصيله، بمعنى يجب أن تكون لديهم تفاصيل حول قضية الصحراء المغربية، وأصل النزاع، والطرح الذي يقدمه المغرب، والحجج التي بحوزته للإقناع، من حيث الحلول المقترحة، وواقعية مقترح الحكم الذاتي.

وفي هذا الصدد أحيلك على قضية حدثت مؤخرا بين المغرب وأوكرانيا، بحيث أنه في البداية تم سحب السفيرة، وفيما بعد تم إيقاف هذه الممثلة الدبلوماسية لكييف في الرباط، بحجة أنها لم تستطع إقناع المغاربة بالطرح الأوكراني، وهو ما دفعهم إلى عدم الحضور لجلسة مجلس الأمن الدولي، بالأمم المتحدة، والتصويت لصالح أوكرانيا، وفق رواية الخارجية الأوكرانية.

من هنا، فإن البرلماني الدبلوماسي، يحتاج إلى التسلح بأكبر قدر من الحجج لإقناع الأطراف الخارجية، استنادا إلى تقديم صورة عن وضع الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف، والتأكيد على عدم الأمن والاستقرار الذي يهدد المنطقة، وإمكانية تحولها إلى بؤرة مصدرة للإرهاب، ناهيك عن استعراض ما تم إنجازه في الميدان بالأقاليم الجنوبية من حيث التنمية المحلية على مستوى الطرق والمنشآت الاقتصادية والاجتماعية والثقافية..

2- لكن توجد مجموعة من اللجن البرلمانية التي يتم تكوينها على أساس ميولات كل برلماني على حدة ومجال اختصاصه والبلدان التي لديه إطلاع مسبق عليها؟

صحيح، أتفق معك. وهذه اللجن البرلمانية يجب أن تلعب دورا كبيرا في التسويق للمغرب دبلوماسيا، فمثلا إذا استطاعت لجنة الاستثمار إقناع مستثمري العالم من أجل القدوم للمغرب، والاستثمار في الصحراء المغربية، فهذه دبلوماسية اقتصادية.

ويجب الوقوف على عدد الأنشطة السنوية التي تقيمها اللجن البرلمانية، لفائدة سياسي العالم، وتقييمها. والدبلوماسية لا تعني بالضرورة السفر خارج المغرب للدفاع عن طرحنا، بل أحيانا من خلال إحداث مؤتمرات داخل المغرب (حول الاستثمار، الأمن، الهجرة..) التي لن تكلف الشيء الكثير، بحيث يتم استدعاء دبلوماسيين، وتعريفهم بالمغرب لتكوين فكرة عن البلاد، وتقديم شروحات لهم عن مختلف مجالات الاشتغال، بمشاركة جمعيات المجتمع المدني، وجميع المهتمين.

3- كيف يمكن للبرلمان أن ينشط الدبلوماسيين الدائمين في المغرب لصالح البلاد وقضية الصحراء؟

عندما نتحدث عن الدبلوماسية البرلمانية، هناك شق يتعلق، بوجود الدبلوماسية الدائمة في المغرب (السفارات، القناصلة)، من مختلف دول العالم، إذ البرلمان يجب أن يكون على تواصل دائم بها، من خلال تنظيم الأنشطة المكثفة، ولم لا استدعائها للحضور أثناء افتتاح الدورة الخريفية أو الربيعية.

وبغض النظر عن الدورات، لماذا لا يتم تنظيم يوما أو يومين في السنة، لدعوة دبلوماسية العالم الممثلة في المغرب والتي لن ترفض الطلب للقاء بهم، وتقديم عرض مفصل عن الطرح المغربي، وما تحقق لحد الآن في الميدان بالأقاليم الجنوبية.

وصورة حضور الدبلوماسيين الأجانب في البرلمان، ومناقشتهم لمختلف المواضيع بأسلوب ديمقراطي، تعتبر من أقصى درجات الدبلوماسية، على اعتبار المكان هو المؤسسة التشريعية، التي تشبه مجلس الأمن الدولي، فهذا الأخير يستدعي الجميع من أجل الحضور (مجتمع مدني، حكومات..)، ويمكن للبرلمان المغربي أن يقتدي بهذا النموذج في التواصل مع الدبلوماسيين الأجانب بالمغرب، والجمعيات المدنية التي تهتم بالمواضيع في الخارج، من قبيل قضية الصحراء المغربية، والهجرة، والتجارة الدولية، والاستثمار.. بمعنى أن الدبلوماسية لا يجب أن تقتصر على الأعياد والمناسبات فقط، ولكن في حاجة إلى الاجتهاد لخلق فضاءات جديدة يمكن أن تساهم في تحقيق الإشعاع للمغرب.

إنجاز: يوسف الخيدر

Related posts

Top