الرازي: تحقيق الانتقال الطاقي التزام وطني وخيار سياسي إرادي

أكد مدير التغيرات المناخية والتنوع البيولوجي والاقتصاد الأخضر بوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، بوزكري الرازي،  يوم الأربعاء الماضي بمراكش، أن التزام المغرب بتحقيق انتقال طاقي هو خيار سياسي إرادي، من خلال اعتماد استراتيجية طاقية طموحة أساسها الابتكار المناسب والاندماج الإقليمي والكفاءة المحلية.
وأوضح الرازي، في مداخلة له ضمن الجلسة الثانية للمنتدى البرلماني الاقتصادي الأورو-متوسطي والخليجي، أن المملكة تتوفر على مخطط وطني للمناخ يسطر التوجهات الكبرى لإنجاح جهود تكييف القطاعات الهشة وتسريع التحول تحول اقتصادي خالي من الكربون، عن طريق، على الخصوص، وضع استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة.
وذكر الرازي خلال هذه الجلسة التي تمحورت حول “الأخطار التي تهدد الأمن الطاقي: ضمان إمدادات ميسورة التكلفة، في إطار التحول البيئي وأهداف التنمية المستدامة في مواجهة تغير المناخ”، بأركان هذه التيمة والمتمثلة في الأمن الطاقي وتوفير الطاقة بأسعار معقولة والانتقال الأخضر وأهداف التنمية المستدامة ومكافحة التغيرات المناخية.
من جهة أخرى، أبرز الرازي أن المغرب، من خلال تشبثه بأهداف اتفاق باريس حول المناخ، قام بإعداد استراتيجية بعيدة المدى لخفض انبعاثات الكربون 2050 أساسها طموح جديد يخص المساهمة المحددة على المستوى الوطني، برسم اتفاق باريس الرامي إلى تقليص انبعاث الغازات الدفيئة بنسبة 45 بالمائة في أفق 2030.
وبالإضافة إلى الاهتمام بالطاقات المتجددة، يستطرد المتحدث نفسه، يشكل ترابط المنظومة الكهربائية أداة محورية من شأنها توسيع مدى الأمن الطاقي، والانتقال الطاقي، والتنمية المستدامة.
كما أكد على أهمية وضع إصلاح تشريعي وتحسين مناخ الأعمال وتقوية الشفافية أكثر، فضلا عن تسهيل الولوج إلى المعلومة المرتبطة بفرص الاستثمار، وتوطيد جاذبية الاستثمارات الخاصة الوطنية منها والأجنبية، في قطاع الطاقات المتجددة وتسريع انبثاق نظم وطنية لتكنولوجيا الطاقات المتجددة.
من جانبه، اعتبر الخليفة الثالث لرئيس مجلس المستشارين، فؤاد القادري الذي أدار أشغال هذه الجلسة أن أي حل فردي للمشاكل التي تعرفها المنطقة يكون منفصلا عن المجهود الجماعي “هو هدر للإمكانيات ومضيعة للوقت”.
وأوضح القادري أن تحقيق الأمن الاستراتيجي رهين بضبط التوازنات الأساسية المؤسسة للأمن الطاقي، مسجلا أن من شأن منتدى مراكش أن يسفر عن بلورة نماذج عمل ونماذج تدبيرية تقطع مع سلوك “أثبتت التجربة أن الزمن عفا عنه”، مشيرا إلى أن الأمن الطاقي والأمن الغذائي والأمن المالي كلها روافد تغذي موضوعا أكبر هو موضوع الأمن الاستراتيجي والسيادة الوطنية.
وقال القادري إن “الطموح المشروع المشفوع بالإمكانيات وبالإرادة الحقيقية وبالعمل الجاد الدؤوب لا يمكن إلا أن يقود صاحبه إلى تحقيق الأحلام مهما كانت طبيعتها”، منوها، في هذا الصدد، باتساع اهتمامات مجلس المستشارين من خلال تنظيم منتدى مراكش، وتجاوزه المدى المحلي “ليعانق فضاء أرحب وملفات وقضايا أكثر تعقيدا تهم ساكنة أكبر، هي ساكنة المنطقة الأورو-متوسطية ومنطقة الخليج، التواقة إلى استدامة أمنها واستقرارها ورفاهها”.
بدوره، أشار الرئيس المشارك لمنصة التجارة والاستثمار، أليساندو أورتيس، إلى أن المنطقة الأورو-متوسطية والخليجية مطالبة باستشراف التحولات الكبرى وإدارتها وتكثيف التعاون لتعزيز التكامل وتحقيق استدامة الطاقة وإدماجها.
واعتبر أورتيس أن الاستدامة تتحقق بمكافحة تغيرات المناخ وحماية البيئة وبلوغ النجاعة الطاقية وتوسيع نطاق الطاقات المتجددة، مبرزا أن بلوغ ذلك يتأتى بملاءمة القواعد التنظيمية والإطارات التشريعية الوطنية في مجال الطاقة، بما فيها الجوانب المرتبطة بالضرائب والتقنية.
ودعا إلى إطلاق مجموعة طاقية أورو-متوسطية-خليجية وإلى تنظيم مؤتمر سنوي يشارك في رؤساء اللجان البرلمانية المعنية بالطاقة والتشريعيات، مشيرا إلى أن من شأن ذلك تسريع تكامل الأسواق الإقليمية، “فالتكامل لم يعد خيارا وتعزيز التعاون عامل أساسي لتحقيق أهداف الأمم المتحدة”.
وأبرز أن تحقيق التكامل في المنطقة يمر عبر تطوير قواعد ومنهجيات للتخطيط المشترك وتكنولوجيا لتقييم جدوى المشاريع، فضلا عن توفير دعم مالي ملائم للاستثمارات يأخذ بعين الاعتبار أن عددا المشاريع تفتقر للتمويل، بما يضمن الوصول إلى درجة تكامل الأنظمة الطاقية.
من جهتها، سجلت مديرة برنامج المبادرات ذات الأولوية، ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة وخطة عمل البحر الأبيض المتوسط، زيلزكا سكاريشيش أن منطقة المتوسط، حسب مجموعة من التقارير، تعرف ارتفاعا في درجات الحرارة أعلى بـ 20 مرة مقارنة بما تعرف باقي بحار العالم.
وأشارت إلى أن هذا الارتفاع يؤدي إلى زيادة منسوب البحار، وحالات الجفاف وتراجع في التنوع البيولوجي، فضلا عن تأثيره على صحة الانسان وانعدام الامن الغذائي، معتبرة أن اعتماد بلدان المتوسط، حسب التقارير نفسها، سيتواصل إلى ما بعد 2030.
وأوضحت أن تخفيض الاعتماد على الطاقة الاحفورية من شأنه تخفيف درجات الحرارة بـ3 درجات مئوية، داعية إلى “ضرورة تسريع الخطى على درب خفض الاعتماد على الطاقة الأحفورية وإيجاد طرق بديلة فيما يخص مصادر الطاقة ونظم استهلاكها”.
وأجمع باقي المتدخلين على أن تسهيل التحول نحو الطاقات المتجددة يشكل أفضل استراتيجية لبلوغ الأمن الطاقي والتنمية الاقتصادية المستدامة، مؤكدين أن تقوية التعاون الأورو-متوسطي يكتسي بعدا استراتيجيا، فضلا عن أن إنشاء منظمة دولية لتطوير الطاقات المتجددة في منطقة المتوسط يمثل أداة استراتيجية لبلوغ الأمن الطاقي على مستوى الكون.
وتضمن أشغال منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورو-متوسطية والخليج ست جلسات موضوعاتية، تناولت الإجراءات الأكثر إلحاحا واللازمة لمواجهة الآثار الاقتصادية لهذه الأزمة، مع مناقشة تداعياتها الاقتصادية متعددة الأوجه على المدى الطويل، وذلك من خلال التركيز على قضايا “الأمن الغذائي” و”الأمن الطاقي” و”تغير المناخ والقضايا البيئية” و”الثورة الصناعية الرابعة” و”التكامل المالي والتجاري” و”التفاوتات الإقليمية” و”السياحة المستدامة” و”النقل البحري”.
ويندرج تنظيم هذا المنتدى، بمبادرة من مجلس المستشارين وبرلمان البحر الأبيض المتوسط، في إطار تحقيق تحول نموذجي في معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية والمتعلقة بالمناخ، بغية ضمان تكامل اقتصادي أكثر فعالية، قادر على الصمود أمام العوامل الخارجية، وخلق شبكة تبادل تجاري جنوب -جنوب أكثر اتساعا وإنشاء منطقة متكاملة لإنتاج وتسويق الطاقة الخضراء، تتمتع بالاكتفاء الذاتي.
ويذكر أن برلمان البحر الأبيض المتوسط (PAM) منظمة دولية أسست سنة 2005 من قبل البرلمانات الوطنية التابعة لدول المنطقة الأورومتوسطية. ويتمثل الهدف الرئيسي لهذه الهيئة البرلمانية في نسج تعاون سياسي واقتصادي واجتماعي بين الدول الأعضاء من أجل إيجاد حلول مشتركة للتحديات التي تواجهها بلدان البحر الأبيض المتوسط والخليج، وخلق مساحة للسلام والرخاء لشعوب المنطقة.

Related posts

Top